جهاز المخابرات .. اضعاف واستهداف

جهاز المخابرات .. اضعاف واستهداف

 

 

تقرير – جاد الرب عبيد

لا يختلف اثنان في أن جهاز الأمن الوطني سابقاً جهاز المخابرات العامة حالياً، من أكثر المؤسسات الحكومية التي تأثرت بالتطورات التي شهدتها البلاد خلال الثلاث سنوات الاخيرة، الأمر الذي انعكس سلباً على الأوضاع في شتى المجالات، لا سيما وأن الجهاز كان يلعب دوراً بارزاً ومهماً في حفظ الأمن وإدخال الطمأنينه في نفوس المواطنين، الأمر الذي جعل الأصوات تتعالى من أجل إعادته إلى سابق عهده وذلك باطلاق يده من خلال عودة صلاحياته.

فلاش باك

وليس بعيداً عن ذلك وفي تصريح سابق كشف جهاز المخابرات العامة، عن مطالب بعودة الجهاز إلى سابق عهده وبسلطات كاملة، ولفت إلى أن المواطن اكتشف حقيقة محاولات تشويه وعزل الجهاز، بعد أن أفرزت نتائج سالبة، وقال مدير المخابرات بولاية شمال كردفان ، العميد عوض محمد العوض، إن المواطن أصبح يتباكى على تقليص صلاحيات الجهاز وحل هيئة العمليات، بعد الفجوة التي خلفتها – بحد قوله. مشيراً إلى مطالبة المواطنين باعادته لسابق عهده. وفيما اتهم فئة محدودة بمحاولة تشويه وعزل القوات النظامية، قلل من تأثيرها، وقال أن “المواطن ما شغال بالسابحين عكس التيار”.

حصاد الخراب والفوضى

الثابت أن الحملة الشرسة التي شنها البعض على الجهاز عقب ثورة ديسمبر، لم تحصد الا الخراب والفوضى للسودان بيد أن المؤسسة الأمنية التي كانت تحكم قبضتها من حديد على أمن البلاد، فقدت هيبتها خاصة عند المخربين والمجرمين ما جعلهم يتجرأون على المواطنين فغاب الاطمئنان، الأمر الذي جعل من السودان دولة طاردة ، وبحسب الاحصائيات فقد فر الآلاف من السودانيين بأسرهم إلى الخارج من أجل الحصول على الأمن، ذلك النعمة التي كانت السمة البارزة لسودان ما قبل ديسمبر 2019.

قوة ضاربة

ويرى الخبير الأمني والاستراتيجي عثمان عبدالله أن جهاز المخابرات كان يمثل قوة ضاربة في ردع المجرمين والإرهابيين، ويمضي إلى أنه كان مهاباً يخشى المتفلتين الوقوع في يده، ويعود الخبير الى مفهوم الأمن، الذي بحد قوله يقوم على ركيزتين هما الأبعاد الاجرائية التي تتصل بدور كل جهاز ومساهمته وهو ما يدخل الخوف في قلب المجرمين والمخربين ، ولفت إلى أن البعد الآخر هو احساس الاطمئنان التابع من شعور المواطنين بوجود أجهزة فعالة وقادرة على حمايته.

الاقوي في أفريقيا

فيما يرى المحلل السياسي عمر عثمان، أن جهاز الأمن في عهده السابق كان يُصنف عند الغرب الاقوي في أفريقيا والوطن العربي، وكان يقوم بأدوار مقدرة في الاقليم لاسيما الدول من حولنا والحدود التي أصبحت بلا رقيب أو حسيب هذه الأيام- بحد قوله.
ويرى عثمان أن قرار سحب صلاحيات الجهاز كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، بيد أنها أضعفته وحجمت من انتشاره الميداني الامر الذي أثر بشكل مباشر على حياة الناس، وشدد عمر على ضرورة عودة صلاحيات الجهاز وتمكينه حتى يقوم بدوره على أكمل وجه.

فاعلية إدارات الجهاز

بينما يقول الخبير الأمني شعيب خلف الله، أن الجهاز يتمتع بادارات في شتى المجالات، يقودها ضباط مختصين ومؤهلين، واستدل بمجالات حماية الاقتصاد وأمن المجتمع ورصد النشاط الهدام الذي يتصل بعصابات الاتجار بالبشر وبالمخدرات وكل أنواع التجارة غير الشرعية والعابرة للحدود، وقال خلف الله أن الإدارات زادت من فاعلية الجهاز، وجعلته يتصدى بقوة وحسم لكل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن.

تساؤلات عديدة

وبالعودة للحملة الشرسة التي تشنها جهات بعينها على الجهاز، تطرأ تساؤلات بقوة إلى السطح، إلى ماذا تهدف تلك الحملة؟، ومن يقف ورائها؟، وهل تصب في مصلحة الوطن؟، يجيب على تلك التساؤلات المحلل السياسي محمد احمد الوراق، بقوله أن الذين يعملون على شيطانة الجهاز بسبب الذخيرة المعرفية له بما يدور عندهم وقدرته على أفشال مؤامراتهم، وعدها جزء من حملة لضرب مكامن القوة في الدولة، وقال إن الجهات التي تستهدف الجهاز تسعى إلى تمكين قوة أخرى لتحل محله، وبالتالي تحركها بالرمود كنترول، ولفت الى ان هذا الهدف بعيد المنال، لجهة أن الجميع أصبح على قناعة تامة بأنه لا بديل لجهاز الأمن إلا جهاز الأمن، ويمضي أحمد إلى أن تلك الجهات عملت على تضخيم الأخطاء وتجاهل العمل الوطني الإيجابي الذي يقوم به الجهاز ضمن منظومة أمنية متكاملة.

أجندة خارجية

وفي السياق يرى مراقبون أن استهداف جهاز الأمن يأتي في إطار خطاب الكراهية الذي انتشر عقب ثورة ديسمبر، وقالوا أن الخطاب بأنواعه المختلفة يستهدف ضرب النسيج الإجتماعي ونسف الاستقرار وهو من نشاط مجموعات هدامة لها ارتباط باجندات خارجية ، ولفت المراقبون إلى أن مواجهتها تكون ببث الوعي وتحريك حوافز الإخاء التي يحض عليها الدين، ولم يستبعد المراقبون أن يكون للاستهداف علاقة بدول خارجية تسعى الا تدمير السودان من خلال حل جهاز المخابرات.

عودة الصلاحيات

في خواتيم التقرير نخلص إلى أن عودة الصلاحيات للجهاز أمر ضروري لاسيما في الفترة الحالية الصعبة التي تمر بها البلاد ، من تردئ في الأمن الداخلي والتدخلات الإرهابية، كما يشدد خبراء على ضرورة تحليل الصفحات التي تروج لخطاب الكراهية والعمل على مواجهتها بنشاط مضاد يرتكز على قيم الدين وأسس بناء المجتمع السوداني المتعايش في سلام.
فيما يحث آخرون القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني ان تعمل على مواجهة المجموعات التي تروج لخطاب الكراهية وتعمل على بسط مفاهيم المواطنة المتساوية القائمة على العدل ومراعاة حقوق جميع المواطنين.