اللاجئين السودانيين العالقين بغابات أولالا…. والمراوحة بين النيران

اللاجئين السودانيين العالقين بغابات أولالا…. والمراوحة بين النيران

اللاجئين السودانيين العالقين بغابات أولالا بإقليم أمهرة…. والمراوحة بين النيران.

#السلطة _محمد_عبدالرحمن

عاد اللاجئيون السودانييون العالقين بغابات أولالا عكسيا إلى السودان والمناطق الحدودية بعد أن قضوا (100) يوم كاملاً داخل غابات أولالا القاسية، بين مطرقة قسوة الحياة وسندانة النزاعات متعددة الأطراف كما جاز لنا القول في تقريرنا السابق.

 

حيث عانى خلاله اللاجئين السودانيين من ويلات الجوع والمرض نتيجة لتقلص مؤونتهم، الأمر الذي جعلهم يقومون بإطلاق عدة نداءات استغاثة إلى المجتمع الدولي والمنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة، غير أن تلك النداءات لم يعير إنتباه إلا القليل من الجهات التي حاولت تقديم الإمداد، ولقد تم منع وصوله إلى اللاجئين من قبل الحكومة الإثيوبية بما في ذلك الماء. إلى جانب هذا، عانى اللاجئين السودانيين العالقين بغابات أولالا أيضًا من النزاعات المتعددة الأطراف بإقليم أمهرة.

 

حيث يتواجدون، بل تعرضوا، خلال فترة هروبهم من السودان إلى إقليم أمهرة بإثيوبيا، إلى سلسلة من الاعتداءات والهجوم (تعرضوا إلى القتل والخطف والنهب المسلح والتشغيل القسري) من قبل المسلحين سواء كان ذلك بالمعسكر قبل أن يخرجوا منه أو بغابات أولالا بعدما تم احتجازهم بها، ونتج عن هذه الهجوم عدد من القتلى والجرحى.

ولم يكن تواجد اللاجئين السودانيين في غابات أولالا ترفيها بل يعود ذلك إلى الاحتجاز القسري الذي تعرضوا له من قبل الحكومة الإثيوبية أثناء خروجهم من المعسكر نتيجة لعدم توفر الأمن بسبب الاقتتال الضاري بين قوات الشرطة الفيدرالية والجيش الإثيوبي من جهة، وقوات فانو ومليشيا “الشفته” من جهة أخرى، بالقرب للمعسكر وأحياناً بداخله، وعانوا من عدم توفر الخدمات، وعدم كفاية الإغاثة المقدمة إليهم رغم المطالبة، والمناشدات العديدة التي قاموا بها وهم في المعسكر دون أية اعتبار من الجهات ذات الصلة، مما دفع بهم أخيراً باتخاذ قرار الخروج من المعسكر والتوجه إلى مكاتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بمدينة “قندر”، إلا أن الحكومة الإثيوبية قامت بمنعهم واحتجازهم بغابات أولالا، التي قضوا بها 100 أيام عجاف، حتى قرروا أخيراً العودة إلى نقطة التسجيل بالمنطقة الحدودية مع السودان.

#العودة_7_أيام_مشيًا_على_الأقدام

في يوم 7 أغسطس المنصرم أصدرت تنسيقية اللاجئين السودانيين العالقين في غابات أولالا أوضحوا فيه المعاناة التي عاشوها من قتل وجوع ومرض، وعلى أثرها أعلنوا عن قرار عودتهم إلى نقطة التسجيل الحدودية سيرًا على الأقدام للحفاظ على ما تبقى من الأرواح والبالغة عددهم (2411) لاجئ من بينهم (693 طفل، 349 امرأة، 18حمل، 39 مرضعات، و97كبار سن)، وطالبوا في البيان الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وعدد من الجهات المسؤولة بتوفير الحماية لهم وحمل مسؤولية سلامتهم.

وفي الصباح الباكر من يوم الخميس الموافق 8 أغسطس تحرك موكب اللاجئين والذي يضم أطفال ونساء وكبار السن متجهاً إلى النقطة الحدودية سيرًا على الأقدام، ولقد تعرضوا أثناء سيرهم الذي أمتد إلى ما يزيد عن الأسبوع ابتداءً إلى هطول الأمطار الغزيرة التي لم تمنعهم من مواصلة السير، ولكن سقط العديد من اللاجئين نتيجة سوء الحالة الصحية لعدم توفر الدواء خاصة النساء الحوامل والمرضعات والأطفال تأثرًا بالسير الطويل، بالإضافة إلى تعرضهم إلى تسمم بعض الأطفال نتيجة لتعرضهم للسعات النحل أثناء السير، بحسب بيانهم الصادر في 14 أغسطس. ولكن بعد 7 أيام سيرًا على الأقدام قطعوا خلاله مسافة تقدر بحوالي 75 كيلو متر ومرّوا بخمس محطات أوقفتهم السلطات الإثيوبية بعد أن تبقى ثلاث كيلو متر فقط من وصولهم إلى نقطة التسجيل الحدودية (المتمة) مطالبًا إياهم بتسليم بطاقات اللجوء إذا ما أرادوا العودة إلى السودان.

#عالقين_مرة_أخرى، وعلى بُعد ثلاث كيلو متر، من نقطة التسجيل الحدودية

وعلى بعد ثلاث كيلو متر من نقطة التسجيل الحدودية حيث تم منعهم من الوصول إليها، جرى بينهم والسلطات الإثيوبية تجاذبات وعدة مشادات حول تسليم بطاقات اللجوء قبل العبور إلى السودان، وبعد يومين زارهم والي ولاية القضارف السودانية مرحبا بعودتهم وقال لهم أنهم سيقومون بتنسيق عودتهم مع الحكومة الإثيوبية ومنظمة خدمة اللاجئين الإثيوبية إلا أن اللاجئين رفضوا ذلك وقالوا بأنهم لا يعودوا في ظل عدم توقف الحرب وأنهم يفضلون البقاء لدى منظمة الهجرة الدولية (IOM) بحسب محمد السني وهو أحد اللاجئين. وعند ذلك، يتابع محمد السني، اجتمع كل من (UN) و (RRS) منظمة خدمة اللاجئين والسلطات الإثيوبية، حيث قال الـ (UN) بإنه سيجد حلا إذا لم تتوفر عند السلطات الإثيوبية، غير أن السلطات الإثيوبية قالت لديها حلولا جذرية لهذه المسألة وهي استخدام العنف الجبري تجاه اللاجئين_ بحسب محمد السني. وبالفعل نفذت السلطات حل المسألة كما وعدت، حيث استخدمت العنف الجبري اتجاههم. الأمر الذي أدى هروب جزء من اللاجئين والعبور إلى السودان بمعسكر قلابات، الجزء الآخر من اللاجئين وأصحاب الحالات الخاص والمعاقين أضطر الذهاب إلى معسكر ترانزت الذي يبعد بحوالي 4كيلو متر من حيث يتواجدون.

ولقد تم استقبال الذين عبروا إلى السودان في معسكر قلابات من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حيث تم توفير الإيواء ومواد الإغاثة لهم، بينما لم يتم تقديم أي خدمة إلى الذين فروا إلى معسكر ترانزت حتى الآن.