العبيد مروح يكتب :- *شيئ من الهزل والجد*

العبيد مروح يكتب :- *شيئ من الهزل والجد*
الإعلانات

.العبيد مروح يكتب :-
*شيئ من الهزل والجد*

في صحيفة “مساء الخير” الحائطية، التي يصدرها تنظيم الجبهة الديمقراطية (المسمى الطلابي للحزب الشيوعي السوداني)، ويعلقها في مقهى النشاط بجامعة الخرطوم – كليات الوسط – هناك شعار ثابت في كل عدد يقول *أطلقوا سراح المعتقلين السياسيين والنقابيين*، لا تمل الصحيفة الحائطية من تكراره، على مدى سنوات ما بعد النكبة التي تعرض لها الحزب في ١٩٧١ إثر الإنقلاب الذي قاده هاشم العطا، وأتهم الحزب الشيوعي بتدبيره.

وغير بعيد من مقهى النشاط، أمام قاعة ال (OLT) بمبنى كلية العلوم، وُضع ثعلب، أي نعم ثعلب، في قفص من شبك الحديد، يبدو أن له علاقة بأنواع التجارب التي تجرى في كلية العلوم!!

أحد “المشاغبين” من طلاب الجامعة، كتب على لوحة من الورق المقوى شعار *أطلقوا سراح الثعلب* وألصقها على القفص، فأصبح هذا أيضاً إحدى لوازم الجامعة كما هو حال “مساء الخير” في قهوة النشاط، وشعار أطلقوا سراح المعتقلين السياسيين والنقابيين !!

شخصياً كنت معجباً بإصرار الحزب الشيوعي على التمسك بذلك الشعار الذي لم يغب يوماً واحداً عن “مساء الخير”، ولست متأكداً ما إذا كان – الشعار – قد انتقل إلى “الميدان” في إصداراتها السرية فأضحى ملازماً للشعار الأممي *يا عمال العالم وشعوبه المضطهدة اتحدوا*، فقد تغير الزمان عقب انتفاضة أبريل ١٩٨٥ وصارت “الميدان” تصدر علناً، بل أصبح الزميل والصديق فيصل الباقر مراسلاً حربياً تلقى تدريبه تحت إشراف “التوجيه المعنوى” على أيام العميد محمود غلندر ..

“كان للسياسة في ذلك الزمن طعمها، وللخصومة السياسية شرفها، أو هكذا كنا نراها”

*مناسبة هذه “الرمية” الطويلة، كما يقول أستاذنا عبد اللطيف البوني، هي ما لاحظته من “تجاهل” لا أقول متعمداً، من قبل إعلامنا، وسياسيينا، للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمختطفين من المدنيين، الذين تغص بهم المعتقلات العشوائية التي أقامتها القوات المتمردة، والتي لا يكاد الرأي العام يعرف عن عددها ولا مواقعها ولا عدد المعتقلين فيها ولا أسباب اعتقالهم!!*

بين الحين والآخر، تخرج إلينا بعض القصص والروايات التي يحكي أصحابها تجربتهم مع الإعتقال، وأنواع الذل والمهانة والتعذيب التي تعرضوا لها، وعن العشرات أو المئات ممن تركوهم وراء الحيطان غير الذين تمت تصفيتهم بدم بارد، فنتعامل معها كلها وكأنها نوع من أفلام الخيال أو الرعب !!

وقد يكون التقصير مني، ومع ذلك أشهد بأني لم أعثر على تحقيق استقصائي أنجزه أحد الصحفيين أو الصحفيات السودانيين حول هذا الأمر، ولم أعثر على شعار مثبّت تضعه إحدى الصحف في موقعها الإلكتروني يطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمختطفين من المدنيين، ولم أعثر على تقرير أعده الهلال الأحمر السوداني، أو الصليب الاحمر الدولي أو أمنيستي انترناشونال أو هيومان رايتس ووتش أو أي مؤسسة حقوقية محلية أو دولية حول هذا الأمر !!!
هل هذا شئ طبيعي ؟؟
أظن أن الإجابة بالنفي !!
أرجو أن ننتبه جميعاً، هناك جانباً مظلماُ من هذه الحرب، قد يشكل وصمة عار على جبين كل سوداني حر، آمل أن نلقي عليه أضواءً كاشفة كل بما يستطيع.