بيان مجلس السلم الأفريقي.. انتصار الدبلـوماسـية السـودانية

بيان مجلس السلم الأفريقي.. انتصار الدبلـوماسـية السـودانية
الإعلانات

*بيان مجلس السلم الأفريقي.. انتصار الدبلـوماسـية السـودانية*

 

تقرير : إسماعيل جبريل تيسو..

 

 

 

أكد تعاطيها القوي ونجاحها في إدارة الأزمة..

 

تعزيز سيادة السودان بعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وتمليكه حق البت بشأن الأزمة الحالية..

 

التأكيد على أهمية وجود السودان في الاتحاد الأفريقي..

 

مطالبة الميليشيا برفع الحصار عن الفاشر وضمان وصول المساعدات الإنسانية..

 

إدانة العنف الجنسي الذي اتخذته الميليشيا منهجاً في هذه الحرب..

 

التشديد على تنفيذ مخرجات منبر جدة بخروج المتمردين من منازل المواطنين..

 

 

 

أصدر مجلس السلم والأمن الأفريقي بياناً في جلسته رقم 1235، بشأن النظر في تقرير البعثة الميدانية التي زارت كلاً من بورتسودان والقاهرة، مطلع أكتوبر الجاري وأجرت عدة لقاءات مع المسؤولين في السودان ومصر، في إطار التحركات الإقليمية لاحتواء الحرب الدائرة في السودان منذ الخامس عشر من أبريل 2023م بفعل المحاولة الانقلابية الفاشلة لميليشيا الدعم السريع من أجل تقويض نظام الحكم والاستلاء على السلطة، وتناول بيان مجلس السلم والأمن الصادر عن جلسته المنعقدة في التاسع من أكتوبر الجاري، عدة قضايا وموضوعات تصب في صالح جهود معالجة الأزمة الجارية في السودان لأكثر من عام ونصف العام.

 

أهمية السودان أفريقياً:

ويبدو أن ابتعاد السودان عن عضوية الاتحاد الأفريقي كانت من القضايا التي ظلت تشغل فؤاد المنظمة الإقليمية لما للسودان من تأثير واضح باعتباره عضواً مؤسساً وصاحب باع وتجربة، وأن ما يجابهه من تهديدات خطيرة، قد تؤدي إلى آثار غير مباشرة في القارة السمراء، الأمر الذي يستدعي الاتحاد الأفريقي مضاعفة جهوده لدعم السودان والمشاركة معه، لذلك دعا بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى إعادة فتح مكتب اتصال الاتحاد الأفريقي بالسودان في مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة للحكومة السودانية، وأكد المجلس الحاجة إلى إجراء المزيد من التواصل بين الاتحاد الأفريقي والسلطات السودانية وأصحاب المصلحة بشأن تعليق أنشطة السودان في الاتحاد الأفريقي، وأعرب المجلس عن تطلعه إلى إجراء مناقشات غير رسمية بين المجلس وممثلي حكومة جمهورية السودان، ويرى مراقبون أن هذه الخطوات تمثل انفتاحاً جديداً من الاتحاد الأفريقي من أجل إعادة المياه إلى مجاريها بين المنظمة الإقليمية والحكومة السودانية، تمهيداً ليستعيد السودان عضويته التي تم تجميدها لنحو أربع سنوات، عندما فسخت المؤسسة العسكرية شراكتها مع المكون المدني، في 25 أكتوبر من العام 2021م.

 

حق السيادة الوطنية:

أي حل للأزمة الراهنة في السودان يجب أن يكون مملوكاً للسودان، هكذا طالب بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي، رافضاً بشدة أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية للسودان، معتبراً أن أي تدخل خارجي سيطيل أمد الصراع، ودعا المجلس الأفريقي المجتمع الدولي إلى تنسيق جميع الجهود تحت قيادة الاتحاد الأفريقي، بالتعاون الوثيق مع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، والبلدان المجاورة، وجدد المجلس تأكيده على أنه لا يوجد حل عسكري قابل للتطبيق ومستدام للنزاع، مطالباً الأطراف المتحاربة بالوقف الفوري وغير المشروط لجميع الأعمال العدائية، والوقف الدائم لإطلاق النار، والعودة إلى المفاوضات، والسعي إلى تسوية سياسية للأزمة من أجل إنهاء معاناة الشعب السوداني، ودعا الأطراف المتحاربة لتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في إعلان جدة المؤرخ 11 مايو 2023م، بشأن وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين والانسحاب من المنازل والمباني المدنية، مرحباً في هذا الصدد بقرار حكومة السودان فتح معبر أدري الحدودي من تشاد إلى شمال دارفور والالتزامات بالسماح بعبور المعونة الإنسانية عبر الدبة، داعياً طرفي الصراع إلى تسهيل فتح المزيد من الممرات الإنسانية ولفترة غير محددة للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية، مطالباً رئيس المفوضية تعبئة المساعدات الإنسانية للسودان على وجه السرعة من خلال مؤسسات الاتحاد الأفريقي.

 

رفع الحصار عن الفاشر:

وهدّف مجلس السلم والأمن الأفريقي بقوة في مرمى الاهتمام الدولي والمحلي المهموم بالقضية الأمنية والإنسانية التي تعاني منها مدينة الفاشر، فما كان منه إلا وأن طالب قوات الدعم السريع برفع الحصار المفروض على فاشر السلطان على وجه السرعة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بأمان ودون عوائق، كما أدان بشدة الاشتباكات العنيفة والكارثة الإنسانية غير المسبوقة في دارفور، ومنذ العاشر من مايـو 2024م تشهد مدينة الفاشر حاضرة إقليم دارفور محاولات مستمرة من قبل ميليشيا الدغم السريع تجاوزت ال 139 هجوماً يستهدف إسقاط المدينة وإعلانها عاصمةً لدولة آل دقلو المزعومة، ليشكل قرار مجلس السلم والأمن لطمة في وجه الميليشيا المتمردة وداعميها من المحاور الإقليمية والدولية، ويقلل مراقبون من أهمية دعوة المتمردين إلى رفع حصارهم عن الفاشر، باعتبار أن القوات المسلحة المسنودة بالقوة المشتركة والمقاومة الشعبية والمستنفرين قد قطعوا شوطاً بعيداً في سبيل إنهاء حصار مدينة الفاشر بقوة السلاح وهزيمة الجنجويد، ومع ذلك يبقى قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي بمثابة سند إقليمي مطلوب ولو معنوياً.

 

إدانة العنف:

لقد اتخذت قضية العنف الجنسي والجسماني نطاقاً واسعاً ومنهجياً في هذه الحرب، من خلال استخدام ميليشيا الدعم السريع الاغتصاب سلاحاً فتاكاً تستهدف به ضرب قيم المجتمع السوداني بحرصها على توثيق جريمة الاغتصاب الجماعي ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي دعا مجلس السلم والأمن الأفريقي يدين في بيانه هذه الأفعال، ويستنكر ارتكاب الانتهاكات ضد الأطفال، ونهب الإمدادات الإنسانية، وتدمير الهياكل الأساسية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس، واحتلال المباني والمنازل المدنية والتشريد القسري لأصحابها، وطالب المجلس بضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية.

 

المسار السياسي:

ولم يغض مجلس السلم والأمن الأفريقي الطرف عن المسار السياسي وأهميته في معالجة الأزمة السودانية، فشدد المجلس على الضرورة المحورية لإجراء حوار حقيقي وشامل لجميع السودانيين، ودعا مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى مواصلة تيسير الحوار بين الأطراف السودانية والتنسيق مع الجهود الأخرى في هذا الصدد، كما دعا المجلس إلى أهمية التعاطي مع مسؤولي الحكومة السودانية فيما يتعلق بالمقترحين اللذين قدمهما رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، حيث تعلق المقترح الأول بإنهاء الحرب وإنشاء (مناطق تجميع) أو (نقاط تجمع) متفق عليها بتوافق الآراء، فيما دعاء المقترح الثاني إلى استعادة الانتقال السياسي الديمقراطي بقيادة مدنية، حيث رحب مجلس السلم والأمن الأفريقي بإعراب رئيس مجلس السيادة الانتقالي عن استعداده لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية.

 

خاتمة مهمة:

على كلٍّ تنزل بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي برداً وسلاماً على نفوس السودانيين، قبل أن يؤكد على انتصار الدبلوماسية السودانية التي نجحت في تقديم الأدلة والبراهين على الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا آل دقلو مدعومة ببعض المحاور الإقليمية والدولية، ولعل بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي يكتسب أهميته من كونه نتيجة جولة ميدانية نفذها وفد المجلس ليقف على حقيقة الأوضاع تأكيداً على مبدأ وليس من رأى كمن سمع، وإِن السمع والبصر والفؤاد كلُّ أولئك كان عنه مسؤولا.