سودان ما بعد الحـ رب .. التحول لدولة صناعية..!
رصد السلطة
ـ إعادة تأهيل و إفتتاح مطار عطبرة وتسيير اول رحلة فيه اليوم حدث ضخم وكبير، ليس لتاثيره علي قطاع النقل بالبلاد ولكن للمؤشرات الايجابية حول حالة الدولة والعقلية التي تنتظمها ، يجب ان ندخل في اجواء اعادة البناء والتعمير حتي قبل نهاية الحرب شخصيا اعتبر هذه الخطوة انتصار رمزي في اول معارك اعادة تأسيس الدولة وهذه حرب يجب ان نخوضها بل يجب ان نقوم بتعبئة المجتمع لها .
لعل القارئ يتسائل الان كيف لما ذكر باعلاه ان يكون محفزا للكتابة عن التحول لدولة صناعية ، الرابط هو دور الدولة في هذه العملية ، من يعرفنني يعرف انني أومن باقتصاد السوق الحر وارفع شعار دعه يعمل دعه يمر عاليا ولكن لا يجب ان يفسر هذا بالغاء دور الدولة في الاقتصاد، لا يجب ان يكون هنالك قوالب ثابتة نختار من بينها راسمالي ام اشتراكي، هذه ثنائيات عفي عليها الزمن ، السوق الحر والياته هي الضامن الوحيد لرفع الانتاجية حتي لو كانت وسائل الانتاج مملوكة للحكومة فلا يجب ان يكون هناك قيود ادارية علي الاسعار يجب ان يحدد السوق واليات العرض والطلب الاسعار ، هذا ما ادركته الصين في مطلع الثمانينات لتصنع نسختها الخاصة من الاشتراكية (اشتراكية السوق) وتصبح ما هي عليه اليوم .
بالمقابل امريكا قلعة الراسمالية والاقتصاد الليبرالي الحر حيث القطاع الخاص يتحكم في كل شيئ يبدو انها تمر حاليا بمرحلة مراجعة لنموذجها الاقتصادي الذي اصبح لا يستطيع مجاراة ومنافسة اقتصاد التخطيط المركزي الموجه الصيني ، بدأت هذه المراجعات بعد الازمة العالمية واليوم انتقلنا من تصريحات يلين التي شغلت اهم منصبين اقتصاديين في امريكا وزيرة الخزانة ورئيس بنك الاحتياط الفدرالي ، حيث صرحت بشكل خجول في خطاب لها عام 2014 بان النموذج الرأسمالي بشكله الحالي يحتاج لمراجعة عميقة خاصة مسألة عدم المساواة في الدخول حيث 10% من سكان امريكا يملكون 60 % من ثروتها و1% فقط يملكون 27 % . واليوم وصلت هذه المراجعات حد بعيد حيث مثل خطاب جاك سوليفان العام الماضي وهو مستشار الامن القومي ويعد مسؤول رفيع جدا في ادارة بايدن مثل نقلة كبيرة في التصورات الرسمية الامريكية لادارة الاقتصاد حيث قال نصا ان الحكومة يجب ان تتدخل بشكل مباشر في بعض الصناعات الحيوية ضمن ما اسماه الاستراتيجية الصناعية الامريكية المحدثة .
ما اريد قوله انه لايوجد اسود وابيض في السياسات الاقتصادية ولا مكان للقوالب الجاهزة ، هناك مبادئ عامة من ضمنها اعمال اليات السوق ولكن البراغماتية هي السبيل، شخصيا اعتقد انه لا يمكن ان تحدث نهضة صناعية فقط عبر تشجيع القطاع الخاص ومنحه الحوافز لابد من ان تضع الدولة اهداف محددة وصناعات بعينها ضمن استراتيجية أوسع ، بل يجب ان تقوم بانشاء شركات في مجالات تصنيعية مختلفة مملوكة للدولة مثل شركة جياد وشركة زادنا التي اعدها نماذج يحب البناء عليها ولكن… ولكن هذه مربط الفرس ، يجب ان يعاد النظر في طريقة ادارة الشركات الحكومية وهيكل الملكية وطريقة التعيين فيها ، الطريقة الحالية عقيمة للغاية مثلا تعيين السيد البرهان لمدير شركة زادنا الحالي كيف تم ؟ ماهي الاليات التي اتبعت؟ كيف تم الاختيار؟ وشركة زادنا هي اضخم شركة في السودان علي الاطلاق، انا بالطبع هنا لا اهدف لتسليط الضوء علي شخص المدير الحالي واترفع عن التقليل من خصه ، ولكن الهدف تسليط الضوء علي واقع ادارة المؤسسات والشركات اللعامة والمملوكة لجهات حكومية ، هذا مثال واضح لما لا يجب ان تكون عليه الامور.
يجب ان تمتلك الدولة النصيب الاكبر في الشركات المراد لها ان تكون رأس الرمح في الصناعات المختارة ولكن يجب ان يكون هناك اسهم للقطاع الخاص وان تطرح اسهم هذه الشركات في البورصة لضمان الشفافية والحوكمة السليمة والافصاح المالي وتجنب الفساد وضعف الاداء .
ولا ننسي هنا ذكر الصناعات الدفاعية يجب ان يكون تطويرها اولوية قصوي بعد هذه الحرب خاصة اننا نمتلك فيها تجربة وخبرات شبابية قوية جدا نريد جيش قوي ومكتفي ذاتيا قادر علي حماية الدولة وردع اي عدو داخلي وخارجي ،اذا لدينا الصناعات الدفاعية والصناعات التحويلية في رأس سلم الاوليات والخبراء واصحاب التجربة في التخطيط الصناعي من عقول هذه البلاد يمكنهم اكمال القائمة وتحديد القطاعات الصناعية الاخري التي يجب ان تكون ضمن اهداف المرحلة الاولي .
في الختام اعيد التذكير بأن الاعتماد علي الداخل والامكانات الذاتية هو كلمة السر لاي نهضة، اما مراقبة العالم وانتظار منحه وهباته ومواقفه السياسية والوهم والوهن الذي لمسناه خلال الانتقالية باسم العودة لاحضان المجتمع الدولي وتصوير ذلك كانتصار فهذه عقلية تجعل مننا نكتة ، نعم لعلاقات صحية مع كل دول العالم نعم لصداقات مثمرة ونعم لمصالح متبادلة.
هذه الحرب قريبا ستضع اوزارها قريبا والنمو الاقتصادي السريع والاذدهار الذي اتحدث عنه منذ اول شهر في هذه الحرب وشيك ، اللهم سبعا سمان تنسينا السبع العجاف التي عشناها .