فيما أرى عادل الباز من التمرد إلى غزو المرتزقة (2-2)

  فيما أرى عادل الباز من التمرد إلى غزو المرتزقة (2-2)
الإعلانات

فيما أرى
عادل الباز
من التمرد إلى غزو المرتزقة (2-2)
1
في الحلقة الأولى من هذا المقال ذكرنا أنه وبعد تسعة أشهر من بداية الحرب ينبغي تجاوز فكرة أننا نواجه تمرداً جنجويدىاً داخلياً، كي نعرف كيف نتعامل مع تحديات غزو أجنبي كامل الملامح، ونخطط ونحدد سبل مقاومته ونختار التكتيكات المناسبة لهزيمته.
2
ما هي التحديات الغزو التي نواجهها الآن وكيف سنواجهها؟
التحدي الأول يتعلق بكيفية وقف ومناهضة مساعي شرعنة الميليشيات ومرتزقتها، إذ تحاول جهات داخلية وخارجية أن تمنحهم قبلة حياة بإعادة تموضعهم في الشأن السوداني سياسياً وعسكرياً، وهي المحاولة التي تقوم بها شلة عطالى قحت عبر ما تسمى (تقدم)، يجب أن تظل المليشيا منظمة مجرمة، ليس لأنها متمردة فحسب، ولكن لأنها قادت فيالق المرتزقة لغزو البلاد، وشنت حرباً قذرة على الشعب السوداني كله، ومارست في حقه انتهاكات وجرائم غير مسبوقة ولا ملحوقة.
ينبغى ملاحقة المجرمين والمعتدين الأثيمين بالإدانات والمطاردات القانونية داخلياً وخارجياً وعلى المستوى الدولي، ومواصلة تحذير الدول من التعامل مع قيادات المليشيا وأنشطتها، كما يجب وضع جرائمها وانتهاكاتها أمام العالم كله بمنظماته وأجهزته الإعلامية.. المطلوب أيضاً مطاردة المليشيا وتصنيفها كمنظمة إرهابية في المحافل الداخلية والإقليمية والدولية وبالقوانين الدولية والوطنية.
3
التحدي الثاني يتمثل في مواصلة كشف مخازي المليشيا ومرتزقتها، مما يجعل الرأي العام العالمي على اطلاع دائم بانتهاكاتهم، سيما وأنهم يمتلكون آلةً دعائيةً ضخمة تساندهم داخلياً وخارجياً، وتحاول عبر بثها الكثيف تجاوز وقائع جرائم المليشيا وتحسين صورتها ونشر كم هائل من الأكاذيب في الأسافير لتبرير الفظاعات والانتهاكات، في محاولة مستميتة لخداع الرأي العام.. يمكن مواجهة ذلك التحدي بتأسيس عمل إعلامي مركز وموجه بأفكار مبدعة، يهدف إلى مكافحة دعاية المرتزقة ومليشياتهم وداعميهم، وتقديم أفضل صورة للوطن كوحدة متماسكة متحدة لهزيمة الغزو، وذلك يمكن أن يتم بعيداً عن مفردات وخطابات الكراهية والإقصاء.
4
التحدى الثالث يتجسد في ضرورة المحافظة على تماسك الجبهة الداخلية في وقفتها خلف الجيش.. والعنصر الأساسي في ذلك الهدف يرتبط بوضوح خطاب قيادة الجيش نفسها، ورسائلها الموجهة لشعبها مع الوضوح والاستقامة وعدم اتخاذ سياسات أو مواقف متضاربة تزعزع الثقة في الجيش وقياداته.. المحاولات الجارية حالياً لضرب ثقة الشعب فى جيشه لن تؤتي ثمارها إذا كان الجيش والشعب على ضفة واحدة وعلى وعي كافٍ بمجريات الغزو تحدياته اليومية.
5
التحدي الرابع الذي يواجهنا في حالة الغزو هذه هو كيفية إيجاد حلفاء خارجيين أقوياء، سيما وأن ما نرصده حالياً من دعم إقليمي ودولي للميليشيات ومرتزقتها يعظم حاجتنا إلى تحالفات قوية، تسند مجهودات مكافحة الغزو.. تلك التحالفات وما يمكن أن تقدمه لنا لن يكون لوجه الله، أو بلا ثمن.
يمكن بناء جدار ذلك التحالف الآن من دول أبدت تفهمها وانحيازها لموقف السودان في الحرب، سواء بموقفها في مجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان، أو من خلال مواقفها الداعمة لجهود الدولة في مجال الاغاثة أو في مجال الدعم العسكري.. يمكن أن يتأسس ذلك التحالف حالياً من روسيا والصين وتركيا وقطر وإيران والجزائر.
6
تتضح يومياً الحاجة إلى دبلوماسية فاعلة تتولى وقف المهازل التي تحدث في المنظمات الافريقية ودول الجوار ومواقفها تجاه غزو يهدد البلاد وتتجاوز في عرضنا لما يجري بأنه تمرد، وتعلن أننا نواجه ونقاوم غزواً ولابد من وضع حقائق الغزو أمام الجميع والاستمرار في فضح ممارسات الغزاة باتصال مباشر من بعثتنا مع دوائر القرار في تلك الدول المنظمات التي تشكل ظهيراً للتمرد، ويمكن أن تنشط دبلوماسيتنا من خلال المؤتمرات والمنظمات الدولية في جنيف ونيويورك وغيرهما.
7
التحدي الأخير يتعلق بكيفية الحفاظ على الزخم الحالي للهبة الشعبية التي انتظمت أرجاء البلاد ووجدت دعماً ملحوظاً من قيادة الجيش، التي ينبغي أن تتقدم خطوة أخرى في اتجاه اتخاذ قرار حاسم وحازم بتسليح المستنفرين كافةً وتجهيزهم لمقاومة الغزو، سيما وأن المعركة طويلة، كما إن السعي لكسر شوكة الغزاة بحشد المقاومة الشعبية يحدث حالياً في أرجاء السودان كافة، هو السبيل الأمثل لوقف ذلك الغزو ودحره.
بهذا النهوض الجماهيري سيدرك المجتمع الدولي الأثمان الفادحة التي يمكن يدفعها إذا واصل دعم مرتزقة الجنجويد وحلفائهم ومحاولة فرض حلول مستوردة تعيد أولئك المرتزقة إلى سدة السلطة.
المقاومة الشعبية وهي مجربة تاريخياً (من فيتنام إلى الصومال) تمثل الترياق المضاد لأي محاولات خارجية تستهدف تنفيذ سيناريوهات مستوردة تهدر كرامة السودانيين وإخضاعهم إلى ضغوط إقليمية ودولية تستهدف تمرير مشاريع بعينها على هيئة اتفاق سلام، يمثل في جوهره استسلاماً للغزاة وتسليمهم الدولة للسيطرة على مواردها، وهذا ما لن يقبله أحرار وحرائر السودان، فما لم يستطيعوا فعله بانقلابهم وتمردهم وغزوهم يحاولون الآن أن ينفذوه بالمكر السياسي وهيهات.. (ويمكرون ويمكر الله وهو خير الماكرين).