البيان الختامي لورشة العمل.. وآفاق بناء دولة جديدة في السودان

متابعات : السلطة
البيان الختامي لورشة العمل..
الحروب وآفاق بناء دولة جديدة في السودان “التحديات والسبل الممكنة”.
انعقدت ورشة عمل بعنوان {الحروب وآفاق بناء دولة جديدة في السودان “التحديات والسبل الممكنة”}. بمدينة لاهاي الهولندية يومي السادس والسابع من ديسمبر 2024، تحت رعاية معهد الدراسات الاجتماعية (ISS) بالشراكة مع منظمة مشاريع السلام الهولندية. (HPP)، بحضور نخبة من الباحثين، المختصين، السياسيين، وممثلي المجتمع المدني السوداني.
ناقشت الورشة بعمق جذور الأزمة السودانية الممتدة عبر التاريخ، متناولة الأبعاد الاجتماعية، السياسية، والاقتصادية، الثقافية التي أفرزت الصراعات المتكررة في هذا البلد الأفريقي العملاق الذي يتميز بتنوع الأعراق والثقافات واللغات والأديان، وما نتج عنها من حروب متكررة وطويلة الأمد أفضت في نهاية المطاف إلى إنفصال جزء عزيز من الوطن ، ثم جاءت الحرب الحالية التي تعمق خلالها خطاب الكراهية بشكل غير مسبوق، ضاعف من حدة الصراع والعنف مما أدى إلى تمزيق اللحمة الوطنية بين مختلف كيانات البلاد، ويهدد باستمرائها وإتساع نطاقها من تفتيت وحدة الدولة السودانية.
وبعد مناقشات وحوارات مستفيضة أشرف عليها القائمون على الورشة، من خلال تقسيم المشاركين إلى مجموعات لمناقشة وتحليل ديناميكيات المحاور المختلفة للأزمة السودانية والوصول إلى النتائج المرجوة، خلصت الورشة إلى الآتي:
المحاور الرئيسية للورشة:
أولاً: جذور الحرب وأسبابها التاريخية:-
إن الأزمة السودانية هي في المقام الأول نتيجة لغياب رؤية وطنية لإدارة التنوع الذي يميز الدولة السودانية، وفشلت الحكومات التي تعاقبت على السلطة في البلاد منذ الاستقلال في خلق ضمير وطني مشترك بين المكونات الإثنية والجهوية للسودان، بل وفشلت في ترسيخ التماسك الوطني والاجتماعي والديني الذي كان قائماً. ومن أجل الحفاظ على سلطتها وهيمنتها على كل مقدرات البلاد الاقتصادية والسياسية والثقافية، عملت كل الحكومات على إقصاء القوى الكامنة في الأرياف والهوامش الجغرافية للسودان وتعمدت تجهيلها وحرمانها من كل حقوقها الإنسانية والوطنية حتى لا تظهر على السطح السياسي كقوى تنافسها على السلطة.
ثانياً: غياب الدولة:
النزاعات التقليدية أدت إلى صراعات حول الموارد.
ثالثاً: الصراع حول السلطة:
ضعف الإرادة التأسيسية للسلام بسبب دور النخب السياسية.
رابعاً: قضية الهوية:
دور الهوية في تحفيز الصراعات الاجتماعية والسياسية.
خامساً: المؤسسة العسكرية السودانية: تأثيرها التاريخي في هندسة الحياة السياسية لصالح الدولة القديمة بما في ذلك اشعال الحروب للحفاظ على مكاسبها التاريخية .
حيث لجأت النخبة المركزية التي سيطرت على كل موارد البلاد منذ الاستقلال إلى استخدام كل الوسائل بما في ذلك العنف من أجل الحفاظ على سلطتها، فعمدت إلى تسييس القطاع الامني (الجيش ،الشرطة، جهاز الأمن ) وأدلجته ليصبح قوة باطشة مطيعة لقمع المطالبين بحقوقهم من المعارضين للأنظمة.
تم تحليل ديناميكيات هذه المحاور، بما يشمل غياب التوازن التنموي، التمييز الإثني، وفشل الإدارة السياسية لتنوع المجتمع السوداني.
آفاق تأسيس الدولة السودانية الجديدة قائم على:
١- بناء دولة بنظام حكم فيدرالي قائم على أسس العدالة والمواطنة المتساوية.
٢- تعزيز المؤسسات القومية.
٣- تحقيق مصالحة وطنية شاملة.
التوصيات والمخرجات العملية:-
1- الالتزام بالحوار كمبدأ أساسي لا غنى عنه على أن يشمل جميع السودانيين، بما في ذلك الأحزاب السياسية ومنظومات المجتمع المدني والمجتمعات المحلية. يتيح هذا الحوار المجال للجميع بطرح آراءهم وافكارهم بحرية تامة بهدف بلورة مشروع قومي يعزز الثقة والتعاون بين الكيانات المختلفة. يجب أن تكون الورش والمنتديات المنظمة لتسهيل تبادل الأفكار والاهتمامات في إطار هيكلي مرتبط بأهداف واضحة وآليات متابعة فعّالة، تسهم في الوصول إلى نتائج عملية ملموسة ودائمة.
2- اعادة بناء وتأسيس جيش قومي مهني واحد وفقاً للثقل السكاني، بما يعكس التنوع الثقافي والاجتماعي للسودانيين وهو أمر ضروري لضمان التمثيل والشمول من أجل تعزيز التماسك القومي وإنهاء التوترات بين المجتمعات على أن يخضع لإدارة الحكومة المدنية الديمقراطية وتنحصر مهامه في حماية الوطن والدستور وفقاً للتجارب الديمقراطية في العالم .
3- إنشاء آليات للعدالة التاريخية لمحاسبة المسؤولين عن كافة الجرائم التي أرتكبت بحق الشعوب السودانية. ويمكن أن يشمل ذلك إنشاء محاكم متخصصة، مع تقديم برامج إنصاف للضحايا وجبر الأضرار، كما يجب تسليم جميع المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية .
مع إدراك المجتمعات المحلية لأهمية العدالة من أجل المصالحة والسلام الدائم ويجب أن تكون هذه التدابير مصحوبة بدعم من المؤسسات القضائية المحلية والدولية لضمان استقلالها وفعاليتها.
4- إعادة بناء المؤسسات السودانية على أسس جديدة وفقاً لمعايير الشفافية والنزاهة والحكم الرشيد أمر ضروري لإقامة دولة مستقرة ومتطورة.
ترسيخ مبادئ المحاسبة والحوكمة من خلال قوانين إدارة الموارد العامة، مما يعزز مكافحة الفساد. علاوة على ذلك، فإن إنشاء منظمات مستقلة للمراقبة يسمح بضمان أن السياسات العامة تسير بشكل عادل وفعال، مما يعزز ثقة المواطنين في جميع مؤسساتهم.
5-من أجل تنمية وتطوير الاقتصاد السوداني وضمان التوزيع العادل للموارد، ومعالجة الاختلالات الاقتصادية التي تسببت في الصراعات. فمن الضروري تنويع الاقتصاد. يمكن أن يكون ذلك من خلال توسيع فرص الاستثمار في مجالات الزراعة والصناعات التحويلية وتطوير الخدمات. علاوة على ذلك، فإن آلية الحوكمة الشفافة والمشاركة تسمح بإدارة أفضل للموارد وضمان أن تعود الفوائد على جميع السكان. ومن المهم أيضًا تسهيل الحصول على التعليم لاسيما التعليم المهني لتعزيز كفاءات الشباب وتقليل التوتر وإنهاء الصراعات الاجتماعية.
6- – إنشاء مجلس حكماء وتنظيم مجالس ومؤتمرات للعدالة الانتقالية لتجاوز المرارات والمظالم التي خلفتها الحروب العبثية والتعافي من الكراهية التي زرعتها الدولة بين مكونات البلاد.
7- قيام مؤتمر دستوري لكل اقاليم السودان تكون المشاركة فيه وفقاً للثقل السكاني للنظر فى وضع الدستور الدائم للبلاد، بما يعزز وحدة البلاد في ظل حكم ديمقراطي فيدرالي.
ختاماً
يجدد المشاركون التزامهم بالعمل المشترك لبناء دولة سودانية جديدة تستوعب جميع أبنائها، وتتجاوز مرارات الماضي لصالح مستقبل أكثر عدلاً واستقراراً.
حرر بتاريخ: 7 ديسمبر 2024
هولندا – لاهاي معهد ISS
شاركها على