توت قلواك : من مستشار أمني إلى مبعوث إقليمي، ثم ماذا بعد ؟

توت قلواك : من مستشار أمني إلى مبعوث إقليمي، ثم ماذا بعد ؟
الإعلانات

متابعات :  السلطة نت

-توت قلواك: من مستشار أمني إلى مبعوث إقليمي، ثم ماذا بعد؟

-بقلم : محمد الهادي

بأمر رئاسي، أُقيل مستشار رئيس دولة جنوب السودان للشؤون الأمنية، توت قلواك، من منصبه وعُيّن مبعوثًا للشرق الأوسط، ويعد هذا تحولًا كبيراً في مسار السياسة الداخلية لجنوب السودان، كما يحمل أبعادًا إقليمية قد تؤثر بشكل مباشر على توازن القوى في المنطقة، وخاصة على السودان.

 

توت قلواك شخصية مثيرة للجدل بسبب شبكة علاقاته المتشعبة، لا سيما مع الإسلاميين في السودان، تلك العلاقات، التي وُصفت بالمشبوهة، أثارت الكثير من التساؤلات حول طبيعة الدور الذي لعبه الرجل في التداخل بين الملفات الأمنية والسياسية بين السودان وجنوب السودان.

 

إقالته من منصبه الأمني الاستراتيجي في جوبا قد تشير إلى رغبة القيادة في جنوب السودان في إعادة ترتيب المشهد الداخلي، خاصة في ظل الانتقادات التي طالت دور قلواك في إدارة الملفات الأمنية، لكن تعيينه مبعوثًا للشرق الأوسط يطرح أيضاً العديد من التساؤلات.

 

يبدو أن هناك توجها جنوب سوداني للاستفادة من شبكة علاقاته الإقليمية والدولية، حيث يمثل الشرق الأوسط أهمية استراتيجية، سواء من حيث المصالح الاقتصادية أو الأمنية لدولة جنوب السودان.

 

ومن المحتمل أن يكون تعيينه في هذا المنصب خطوة لإبعاده عن الساحة الداخلية، خاصة وأن هناك مخاوف من تأثيره السلبي على الملفات الأمنية الحساسة.

 

كما أن العلاقات بين توت والإسلاميين في السودان أضحت تثير مخاوف الكثيرين، لا سيما إذا استغل منصبه الجديد لتعزيز تلك الروابط أو التأثير على السياسات الإقليمية لصالح تيارات بعينها، وهذا قد يزيد من تعقيد المشهد السياسي بين البلدين، خاصة في ظل الأزمة الراهنة في السودان.

 

المستشار الأمني السابق لرئيس جنوب السودان، لعب أدوارًا سياسية وأمنية واقتصادية بارزة دعمت أنصار النظام السابق في السودان، خاصة بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، وازداد تأثيره بشكل ملحوظ منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث اتخذت تحركاته أبعادًا معقدة أثرت على مسار الصراع داخليًا وإقليميًا، ويُعد واحدًا من أبرز الشخصيات التي تداخلت أدوارها بين جنوب السودان والسودان، خصوصًا في ملفات حساسة مثل الأمن والاقتصاد، وهذا الدعم لم يكن مجرد انحياز سياسي، بل جاء في سياق ارتباطات استراتيجية تهدف لتحقيق أهداف متعددة.

 

عمل الرجل كوسيط في عدة ملفات بين السودان وجنوب السودان، لكنه غالبًا ما وُصف بالانحياز لطرف بعينه في السودان، وهذا الدور ساهم في تقوية نفوذ تلك التيارات داخل النظام السوداني، لا سيما عقب انقلاب 25 أكتوبر، حيث باتت هذه القوى تسعى لاستعادة قبضتها على المشهد السياسي.

 

مع اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في السودان، لعب قلواك دورًا في دعم حلفائه اقتصاديًا وأمنيًا، مما ساعدهم على استغلال الفوضى لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، وتشير التقارير إلى أن دعمه شمل تسهيلات لوجستية واقتصادية عبر شبكات تجارية وأمنية متداخلة بين جوبا والخرطوم، لا سيما فيما يتعلق بتهريب الذهب إلى جنوب السودان لصالح الإسلاميين.

 

نشاط قلواك لم يقتصر على الداخل السوداني فقط، بل امتد ليشمل تنسيقًا إقليميًا استفاد منه الإسلاميون لتعزيز نفوذهم، ويأتي هذا التنسيق ضمن استراتيجية أوسع تستهدف إضعاف القوى المدنية، وضمان بقاء قوى الإسلام السياسي على الساحة السودانية.

 

إقالة توت قلواك من منصبه وتعيينه مبعوثًا للشرق الأوسط قد تكون محاولة من جوبا لإعادة رسم سياساتها الإقليمية وتخفيف الانتقادات الدولية تجاه أدواره السابقة، لكن هذا التحول يثير تساؤلات حول استمرارية تأثيره على الإسلاميين في السودان من موقعه الجديد، خصوصًا مع امتداد الصراع السوداني إلى أبعاد إقليمية.

 

في هذا السياق، ستظل أدوار قلواك وتوجهاته تحت المجهر، سواء من قبل الأطراف السودانية المتصارعة أو القوى الإقليمية التي تسعى إلى استقرار المنطقة أو تحقيق مصالحها.

 

شارك هذا الموضوع :