السودان وجنوب السودان : الكراهية والصعود إلى الهاوية

متابعات – السلطة نت
#الكراهية
الصعود إلى الهاوية🇸🇸🇸🇩
-عادل فارس
أيها السودانيون الشرفاء شمالًا وجنوبًا، أكتب إليكم هذه الكلمات من قلب مثقل بالحزن والأسى على ما أصبحنا عليه، لم أعد أرى بلدينا كما عرفتهما يومًا وطنين جميلين ينهضان من بين الركام، يحاولان أن يشقا طريقهما نحو الاستقرار المفقود ،أرى الآن شوارع يملؤها الموت في مناطق شتي من بقاع السودان الذي نفخر به …قرى تُحرق ووجوهًا أرهقها الألم ونذر عداء يهدد بنسف ما تبقي للسودانييين من عزم وكرامة وصبر في اهلك الظروف و السبب؟ ألسنة لا تعرف إلا التحريض وسيوف لا تعرف إلا الانتقام والذبح والتنكيل .
كنت أسمع قصصًا عن مجازر ارتُكبت بحق مدنيين سودانيين بعضها مرت علي موثقة لم اتبين حقيقة دافعها ولكن ما حدث للجنوبيين في قري الجزيرة مؤخرا أمر مختلف تمامآ..
وكنت أتساءل: كيف يمكن لإنسان أن يحمل كل هذا الغل ؟ كيف يمكن لشخص أن ينظر إلى آخر ويقرر أنه لا يستحق الحياة لمجرد أنه “مختلف” عنه في العرق أو القبيلة؟
أولئك الذين قُتلوا بوحشية ذُبحوا على الهوية، قد يكونوا جنودًا أجبروا علي القتال والكل يعلم أن الجيش والدعامة متي دخلوا اي منطقة شعارهم 》》من لم يكن معنا فهو ضدنا■ … وهذا لا ينفي وجود جنوبيين في صف الدعامة طمعا في الارتزاق كغيرهم ممن دفعت بهم الحرب الي اتونها كوقود وادوات لحظية يتم التخلي عنهم سريعا في كل كر وفر، يتركون ليواجهوا مصيرهم المحتوم… وهناك اخرين لا علاقة لهم بطرفي الصراع فقط أناسًا يبحثون عن قوت يومهم و يطمحون لغد أفضل في وطن لم يعد يرحم أحدًا ولا سبيل لهم مغادرتها .
إن الدماء التي سالت في ضواحي ود مدني ليست مجرد أرقام تُضاف إلى سجل مأساوي طويل للسودان وحروباتها المستمرة بل هي أرواح لأناس كان لهم أحلام وأسر وأحباء ينتظرونهم ، هؤلاء القتلى هم دليل حيّ على أن الكراهية ليست إلا لعنة ستقودنا كشعبين إلى الهاوية.
في جوبا، حيث اطمئن لها السودانيون الشماليون هربا من مآسيهم الوطنية بدأت بذور الفوضى تُزرع ببطء …تحريض شعبوي بين البلدين وملاسنات ولغة كراهية كلها لإفتعال الفوضي هي محاولات معزولة لا تعبر عن المزاج العام شمالا او جنوبا و قد تكون مدفوعة للسلب والنهب في ظل ظروف تبدو مهيأة لذلك خاصة جنوب السودان وقد بدأت هذه المحاولات تأخذ مكانها في المشهد الجنوبي باسم الانتقام لضحايا مجزرة الجزيرة ، وإن كتم العقلاء من الجنوبيين غيظهم وحزنهم وتراقب المسار القانوني والدبلوماسي لحكومتنا التي نشرت قواها الأمنية في كل الولايات لمواجهة اي فوضي محتملة او انتكاسة .
لكن، أيها الجنوبيون… هل نسينا من نحن؟
ألم نكن نحن من عانى لعقود من الكراهية والتمييز؟ ألم نكن نحن الذين وجدنا أنفسنا مطاردين بسبب هويتنا، ومع ذلك استطعنا أن ننهض؟ فكيف يمكننا أن نكرر نفس الجريمة التي ارتُكبت بحقنا لنصف قرن من تاريخ السودان ؟
اخوتي كل يقين أن ما يحدث في الخرطوم يتأثر به الجنوب والعكس ليس اعتباطا او انكارا بل هي حقائق لا يمكننا اهمالها..
فمنذ اندلاع الحرب في السودان لم يكن استخدام المكونات العرقية والإثنية في الصراع أمرًا جديدًا .. تاريخيًا تعرض جنوب السودان لمحاولات ممنهجة لإشعال النزاعات بين مكوناته المختلفة علي مر الحكومات المتعاقبة في الخرطوم مما مهد الطريق أمام سياسات “فرق تسد” التي لا تزال آثارها باقية ، فمن الذي يستفيد من تصوير أبناء الجنوبيين كجزء من المشكلة بدلًا من ضحايا للصراع القائم حاليا في السودان وتحميل الجنوبيين مسؤولية المشاركة في القتال بجانب قوات الدعم السريع، دون الالتفات إلى السياق الذي أُجبر فيه بعضهم على ذلك… يعني ليس بتحريض من جوبا مثلا.. ولم يكن يوما كذلك علي مر التاريخ…ذلك انه يعد تجاهلًا لمظالم طويلة الأمد وتبسيطًا لقضايا معقدة..
الجنوبيون الخونة ديل ليسو وحدهم من اختاروا القتال مع الدعامة فقد انخرطت مجموعات من غرب إفريقيا وشرقها وحتى بعض القبائل السودانية الشمالية وقياداتها في هذا الصراع ما يوضح أن الأزمة تتجاوز الأبعاد الإثنية أو الجغرافية فقط دعوني أذكركم أن شعبينا قد عانيا بما يكفي من الأزمات الطاحنة بفعل حكومات الوصايا المتعاقبة لم تحسمها اعلان الاستقلال عام 2011 لجوبا ، بل واجه الجنوب تحديات داخلية وصراعات خاضتها جوبا مرة مع الخرطوم ومرات كثيرة مع مليشياتها.. افعال لم تنكرها حكومة البشير بل كانت تسوق لهذه الفزاعة ((اضرب العب ..بالعب)).
ومع تصاعد الحرب في الشمال وجد الجنوبيون أنفسهم مرة أخرى في موضع الاستهداف وكأنهم يحملون وزر تاريخ كامل من المآسي هذا السرد المتكرر يعزز من الحكم المسبق الذي يختزل الجنوبيين في أدوار محددة ، متجاهلًا تاريخهم الإنساني وحقوقهم المشروعة كبشر لهم كرامتهم وبلد… حال الساعين في ارض الله اختار بعضهم السودان مقرا ووطن .. والمثل بيقول… (محل معاشك هو مكان مماتك) او لماضي خاص بهم كحالي انا شخصيا تربطني مصاهرة بالشوايقة فهل هذه تهمة تخابر مثلا ؟؟..
أم يراد مني >>> اخرب وش واقطعها مع نسابتي لذات الوجيعة؟
يا سودانيين اهل وعشيرة اصدقاء وزملاء وقادة وعقلاء …لا يمكن تجاهل الأثر المدمر للغة الخطاب العدائي الصاعد تجاه أبناء جنوب السودان والذي يهدد بالقضاء على أواصر هذه المصاهرة والعلاقات الممتدة بين الشعبين و التي تشمل الحقوق المدنية… جنوبيين كتااار عندهم بيوت و تجارة و قراية او جنقو كحال ((كوال)) من أبيي و الذي نحر وتهمته سرقة عيش الجلابة ..والتخابر مع الدعامة وحاجات تانية لا يسع ذكرها كلها أفعال تحولت بقصد إلى بؤر ملتهبة الآن.
فالحرب وتمظهره في دوامة العنف الدموي ستفتح أبوابًا مظلمة من التاريخ الإنساني و تكشف عن أعماق الكراهية والتفرقة التي يمكن أن تتسلل إلى المجتمعات في لحظات الأزمات كهذه وتتحول إلى سلاح يُستخدم لتبرير أفعال غير مبررة أخلاقيًا ضد مواطنين أبرياء كما حدث في الكمبو وأنحاء متفرقة من السودان.
إن سردية “الانتقام من الجنوبيين” ” العبيد والفلنقايات” تستند إلى اتهامات جماعية وغير منطقية تْحمّل شعبًا كاملًا مسؤولية أفعال أفراد اختاروا أن يقاتلوا في صفوف الدعامة وجوبا ليست بحاجة إلى أن تبرر ذلك أو تعتذر ..إنما ستعاقب كل من يثبت جرمه كما قالها عبدالفتاح البرهان نحن ما مليشا ..وهنا اضيف وجنوب السودان كذلك ((أقبضوهم وسلموهم وشوفوا حيعملوا فيهم شنو بالقانوووون)) هؤلاء الأفراد بغض النظر عن جنسياتهم يتحملون مسؤولية قراراتهم وحدهم ولا يمكن بأي حال تحميل شعب بأكمله وزر تلك الأفعال لذلك كان نداء الرئيس كير لكل الجنوبيين “”ضبط النفس والاحتكام لصوت العقل بل حماية الوجود الأجنبي مسؤلية جماعية” لحفظ كامل حقوقهم علي أراضيها…
عليه اخوتي في السودان في كل مكان …
أي تصعيد للكراهية خطرًا على الجميع “شمال وجنوب” يعني طقة بطقة…والجنوبيون أصحاب الرأي والضمير لم ينتقموا رغم سنوات الحرب والظلم الذي عاشها خلال فترة الوحدة لدولة 56 وماقبلها لم يشهد السودان انتقامًا جماعيًا من الجنوبيين تجاه الشماليين الذين يعيشون في أراضيهم وحادثة توريت معروف ملابساتها ودوافعها وكيف انتهي ..حتي بعد الانفصال لم يسعي جنوبي للثأر وهو في كامل ارضيه وسيادته القانوني الذي يكفل له الحق في نبش الماضي الاليم.
يا سادة …. الجنوبيون لم يجعلوا من الكراهية سياسة ولم يحولوا التاريخ إلى مبرر للانتقام
رغم صعوبة مايحدث لاهاليهم اليوم في السودان.
مانخشاه هو مصير الباقيين ممن تقطعت بهم السبل ففي امدرمان وحدها فقط أكثر من مئتين وخمسين ألف جنوبي فكيف سيكون حال الآلاف تحت خط النيران معرضين جميعهم لذات المصير أن لم تتدخل حكومتا البلدين..
وأقولها للتاريخ إن الكلمات التي تتفوهون بها كُرهاً علي الجنوبيين او التي يعبر عنها الغاضبين من الجنوبيين ليست مجرد حروف بل هي رصاصات تُطلق في صدور الأبرياء ممن سينتهي إليهم ردة الفعل هذه.
كل تغريدة تكتبونها…
كل منشور مكروه تُلقو به في منصات التواصل..
كلها نذر بداية لكارثة إنسانية أكبر ان لم نعي نحن ذلك …
إذا استمر خطاب الكراهية، فلن يبقى أحد في مأمن.. سيحترق الجميع ،،، ولن نجد وطنًا نعود إليه.
عليه أيها الجنوبيون ممن اخذتهم العزة بالثأر …
تذكروا أن النهب والسلب والانتقام لن يعيدوا الحقوق التي سلبت منا أو الارواح التي مضت لبارءها..
وأيها الشماليون تذكروا…
أن خطاب الكراهية والتحريض لن يعيد السودان إلى ما كان عليه.
إلى من يملأون المشهد بخطاب الكراهية، اعلموا أنكم لا تقتلون الجنوبيين بل تقتلون إنسانيتكم وكل النفوس التي ذهقت هي شاهدة على عار لن يغفره التاريخ وما يحدث اليوم ليس مجرد أزمة سياسية أو عسكرية بل هو إنهيار للقيم الإنسانية بكل ما تملك من معانٍ.
علينا أن ننظر إلى واقع المجازر التي ارتكبتها مليشيات محسوبة للجيش السوداني مثل “كتائب البراء”_ “بلاك تايغر”_و”المقاومة الشعبية” ضد الجنوبيين ومن هم ذوي البشرة السودا في مناطق مختلفة لم تكن فقط جزءًا من الصراع الحالي بل هي امتداد لعقلية الكراهية التي تتغذى على خطاب التفرقة والتي دفعت الناقمين من الجنوبيين إلى التساؤل عن جدوى استضافة السودانيين في بلدنا ؟؟
بل هناك أصوات أخرى أكثر حدة تطالب برد فعل مساوي ضد السودانيين الذين يعيشون بسلام ورخاء في جوبا وكمان ولايات أخرى.
أيها السودانيون “شمالًا وجنوبًا” إن الكراهية نار تحرق الجميع لا تفرق بين ضحية وجاني ولا تترك وراءها إلا رمادًا من العلاقات والإنسانية لن نجد معها وطنًا نستظل بسلامه.. والشاهد كثيرة كل الثورات والفوضي انتهت الي عدم ، ما دمنا نسمح للكراهية أن تزدهر بيننا ونبرر أفعال العنف والإنتقام تاركين الإنسانية خلفنا.
من هنا….مسؤلياتنا كصحافة وقيادة ومواطنيين يدعونا إلى الوقوف معًا ضد كل خطاب تحريضي وكل فعل يزيد من اتساع الفجوة أو استغلال لمشاعر الثكلي الغاضبين ، فالحل ليس في تصعيد الإنتقام أو نشر الفوضى بل في الدعوة للسلام والعمل المشترك لتحقيق العدالة المنشودة ومحاسبة كل من تورط في أفعال تخالف القيم الإنسانية في مدني أو جوبا.
إن مستقبل شعبينا لا يُبنى على الدماء والضغائن، بل على المصالحة والتسامح والوقوف صفًا واحدًا في مواجهة التحديات المشتركة، الحرب في الخرطوم والجوع في جوبا لذا تعالوا نتكاتف لنبني أوطانًا تعترف بقيمة كل إنسان، وتحترم الحقوق والكرامة للجميع دون تمييز.
والتعقل في هذه اللحظات المفصلية طوق نجاة من مخطط يراد به إنزلاق جوبا في أتون الصراع السوداني المسلح وإذا استسلمنا للكراهية اليوم فإننا نخسر الغد.
اخوكم …عادل فارس – جوبا
#سلام_تاكم💐
#جنوب_السودان_أولا
#شكرا_ياجنوبي
#مجازر_ودمدني
#fpyシ #followerseveryone #facebookreelsviral #sudan #juba
شارك هذا الموضوع :