باشمهندس أمير يكتب _كارثة قطع الاتصالات والإنترنت عن أهل السودان ليست بجديدة (2)

باشمهندس أمير يكتب _كارثة قطع الاتصالات والإنترنت عن أهل السودان ليست بجديدة (2)
الإعلانات

رصد _ السلطة

“كارثة قطع الاتصالات والإنترنت عن أهل السودان ليست بجديدة” (2)

نواصل ونتناول في شيء من الإيجاز بعض الأسباب والسياسات التي أدت للهشاشة الظاهرة في بنية خدمات الاتصالات التي أوردتها مورد الكوارث وحولتها إلى أداة من أدوات الصراع السياسي العسكري القائم في السودان بعد ما تناولنا في مقال سابق القصور البائن بينونة كاملة في أداء سلطة تنظيم القطاع (الهيئة القومية للإتصالات) لأدوارها التنظيمية خاصة تلك المتعلقة بحقوق المواطن والمشترك، نتناول في هذا المقال بعض المآخذ على أداء شركات القطاع ونبدأ أولا بشركات خدمات الشبكات الثابتة لأن ضعف أداء هذه الشركات وتقصيرها في توفير حلول بديلة للإنترنت اللاسلكي كان سبباً رئيسياً في تعظيم الأثر السلبي لحادثة قطع خدمات الموبايل:

_اولا شركة كنار:

حصلت شركة كنار على رخصة المشغل الثاني لخدمات الهاتف الثابت والربط القومي والدولي في السودان في العام 2004 لمدة 15 عام قابلة للتمديد ودشنت خدماتها في عام 2005 ولأسباب عدة غالبها يتعلق بالأداء التنظيمي والاقتصادي للدولة.

لم تتمكن شركة كنار من إحداث الاختراع المرجو من منحها هذه الرخصة على مستوى تطوير خدمات الشبكات الثابتة وبناء البنيات التحتية والتكميلية، خاصة تلك المعنية بالانترنت وبناء المنصات Network Platforms اللازمة لعملية التحول الرقمي Digital Transformation وتمديد شبكات الألياف على مستوى النفاذ والربط القومي بهدف الوصول للإقاليم التي لم تصلها سوداتل وإكمال حلقات الربط القومي وهذه تعتبر من أولى أولويات مطلوبات الرخصة “License Requirements” الممنوحة للمشغل الثاني لكن بكل أسف ولسبب ما أضاعت شركة كنار سنوات التأسيس الأولى في اللهث وراء الحصول على رخصة موبايل رابعة دون جدوى واستمرت حتى نهاية مدة الرخصة (15 عام) في تقديم حلول وخدمات على تقنيات لاسلكية محدودة الإمكانيات وتمديد كيلومترات محدودة من الألياف واظنها في النهاية لم ترغب ولم تسعى لتمديد رخصتها بل فضلت الخروج من سوق السودان وباعت الشركة لشركاء بنك الخرطوم.

_ثانيا شركة سوداتل:
في ظل “عملية تغيير شامل” أملته أسباب متعددة منها خارجي متعلق بالتحول العالمي الكبير في تقنيات ومنتجات وخدمات الاتصالات بعد الدمج العظيم الذي حدث ما بين الاتصالات والمعلوماتية وظهور ما يعرف بال ICT اي Information and Communication Technology وبالدخول القوي للصين في سوق الاتصالات عبر عملاق الاتصالات شركة هواوي.

ومنها أسباب داخلية أهمها قرار التحول الإستراتيجي نحو الصين وبعض التحديات الداخلية التي كانت تواجهها سوداتل مع ظهور وانتشار ومنافسة خدمة الموبايل وتراكم مشكلات الشبكة الثابتة الناتجة عن التطبيق ولأول مرة لسياسة ال Out Sourcing في مجالات تخطيط وتنفيذ الشبكة الثابتة وتسويق خدماتها، زائدا علي تلك التحديات المتعلقة بتحصيل عائدات خدمات الدفع الآجل وفي هذا التغيير الكبير اختارت سوداتل وبشي من التعجل وكثير من الأحكام العاطفية المسبقة منهج التغيير الثوري Revolutionary way في مواجهة هذه التحديات والمتغيرات وأدارت عملية تغيير كبرى شملت نوعية الخدمات Business Model والتقنيات والموردين والهياكل والعاملين.

وكانت الشبكة الثابتة وخدماتها وعامليها الأكثر تضررا من الكيفية التي تم بها هذا التغيير ونتج عن ذلك هدم شبه متعمد للبنية التحية للشبكة الثابتة ووأد جزء هام جدا من مشروع ال NGN الجزء المعنى بتحديث وتطوير الشبكة الثابتة ومواكبتها للتوجه العالمي International Trend وفي هذا المشروع تم اتباع ذات المنهجية التي أوصى بها الاتحاد الدولي للإتصالات ITU عبر مجموعة العمل NGN study group التي اوصت بخطة الإنتقال الناعم Smooth migration plan نحو شبكات بروتوكولات الإنترنت وكانت الخطة تهدف لحماية الاستثمارات القائمة والتطوير المتدرج للشبكات الثابتة وتمكينها من تقديم خدمات الصوت والإنترنت والتلفزيون IPTV” اي ما يعرف علميا بالـ Triple Play عبر خيارات متعددة من شبكات النفاذ منها تقنية ADSL التي تعتمد على الأسلاك النحاسية في الوصول للمشترك أو تقنية ال FTTx التي تعتمد الألياف الضوئية وكان مخطط لهذا المشروع أن يمكن سوداتل من تقديم كل هذه الخدمات وأهمها خدمة الإنترنت لأغلب المشتركين في العاصمة القومية والمدن الكبرى التي كانت لا تحتاج إلا للتوسع في أجهزة ومعدات شبكات النفاذ.

وحتماً أن القصور والمآخذ على أداء شركات الاتصالات لا يحسب على هذه الشركات وحدها فهناك جوانب تتعلق بالدولة وسلطتها التنظيمية وقد تناولنا في المقال السابق بعض المآخذ على أداء سلطة التنظيم وهنالك أسباب أخرى تتعلق بالسياسات الاقتصادية للدولة وخاصة تلك المتعلقة بسياسات البنك المركزي سنحاول بإذن الله تناول آثارها السالبة علي أداء هذه الشركات في مقال لاحق

يتبع،،، للحديث بقية