موقف السعودية قاطع ضد مشروع تقسيم السودان

السعودية.. تحول استراتيجي في العلاقات مع السودان وصدمة للدعم السريع.
متابعات – السلطة نت
أثار البيان الأخير الصادر عن وزارة الخارجية في المملكة العربية السعودية بشأن السودان تفاعلات واسعة، حيث اعتبره المحلل السياسي أحمد شموخ تطورًا استراتيجيًا مهمًا في العلاقات السودانية-السعودية بعد حرب 15 أبريل، واعتبره تحولًا واضحًا عن المواقف السابقة، مما أدى إلى صدمة وارتباك داخل صفوف قوات الدعم السريع وسياسييها المدعومين من الخارج.
المملكة العربية السعودية، باعتبارها الراعي المشترك لمسار جدة التفاوضي مع الولايات المتحدة، وجهت في بيانها رفضًا قاطعًا للمسار التقسيمي الذي تم إعلانه في نيروبي بدعم كيني-إماراتي، وربما إسرائيلي، مما يرسخ دور الرياض كداعم رئيسي لوحدة السودان. ورأى شموخ أن البيان يمثل مرحلة جديدة من التعاون السوداني-السعودي، في مواجهة المحاولات الهادفة إلى تفتيت البلاد وإضفاء الشرعية على قوات الدعم السريع.
شدد شموخ أنه ومنذ مارس 2024، ظلت الحكومة السودانية تطالب بأن يكون أي تفاوض جديد بعيدًا عن الصيغة القديمة “الجيش والدعم السريع” التي كانت تمثل إهدارًا للسيادة الوطنية، وطالبت بأن يكون أي تفاوض وفق صيغة “الحكومة والمليشيا”. إلا أن هذا المطلب كان يواجه رفضًا من إدارة بايدن، وخاصة مستشاريه المعنيين بالسودان، تحت تأثير اللوبي الإماراتي في واشنطن. هذا الخلاف تفجر بوضوح خلال المباحثات التمهيدية لمسار جنيف في أغسطس 2024، التي يؤكد شموخ أنها كانت محاولة لغسل يد أبوظبي من جرائمها في السودان، وإظهارها كوسيط بدلاً من معتدٍ وممولٍ للحرب. كما كان الهدف تجاوز مطالب الحكومة السودانية بتنفيذ إعلان جدة، مما يعني تقويض المكاسب التي تحققت من الاتفاق في مايو 2023.
وفقًا لشموخ، فإن تمسك الحكومة السودانية برفض الصيغة التفاوضية القديمة وضع الرعاة الدوليين للمليشيا في مأزق، مما دفعهم إلى إطلاق حملات تضليل إعلامي لترويج عدة مزاعم، منها إنكار وجود دولة في السودان، وبالتالي اعتبار الحديث عن السيادة الوطنية “مجرد أوهام”، كما روج لذلك سياسيون مثل خالد سلك وبكري الجاك، والادعاء بأن البناء الدستوري في السودان قد انهار، مما يبرر فكرة عدم وجود شرعية للحكومة الحالية. هذه السردية الإعلامية تزامنت مع تحركات ميدانية، حيث قامت قيادات من تحالف تقدم، مثل الطاهر إدريس والهادي حجر، بالذهاب إلى نيروبي للمشاركة في تأسيس ما سُمي بـ”حكومة الجنجويد”، بينما توجه وجدي سلك وبكري الجاك إلى أديس أبابا لدعم هذه الحكومة سياسيًا ودبلوماسيا.
يرى شموخ أن أهمية بيان المملكة العربية السعودية تكمن في أنه كان حاسمًا في رفضه الاعتراف بأي سلطة ناتجة عن مؤامرة نيروبي، مؤكدًا أن المملكة العربية السعودية لن تتعامل مع أي تفاوض بصيغة “حكومتين”، وهو ما تسعى إليه قيادات “تقدم” ومن يقف خلفهم. إضافة إلى ذلك، أشار شموخ إلى أن المملكة العربية السعودية، من خلال وجودها في المنظمات الإقليمية والدولية، ستعمل على منع أي اعتراف دولي بسلطة الجنجويد أو دعوة ممثليها لأي منبر تفاوضي. وهذا يعني أن المملكة العربية السعودية لم تكتفِ بدعم الحكومة السودانية، بل أصبحت شريكًا فاعلًا في الجهود السودانية لإفشال مشروع تقسيم السودان.
رأى شموخ أن هذا الموقف السعودي يعكس تلاقي المصالح في ما يتعلق بمواجهة المحور الإسرائيلي المتطرف الذي يحرك أبوظبي في المشهد السوداني. وأكد أن بيان المملكة العربية السعودية وجه ضربة قوية لأحلام مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) وحلفائها السياسيين، مضيفًا أن المخططات الهادفة إلى تقسيم السودان وخلق واقع سياسي بديل لن تنجح في ظل هذا التوافق السوداني-السعودي المتصاعد.
شارك هذا الموضوع :