خطاب رئيس مجلس السيادة وجدة الجديدة .

متابعات – السلطة نت
خطاب رئيس مجلس السيادة وجدة الجديدة .
وجه الحقيقة – إبراهيم شقلاوي
مع حلول عيد الفطر المبارك، أطلّ رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، امس مخاطبًا الشعب السوداني في خطاب حمل دلالات سياسية وعسكرية عميقة. جاء الخطاب في لحظة مفصلية، حيث يواجه السودان تحديات مصيرية تتعلق بمسار الحرب والاستقرار السياسي ومستقبل الحكم في البلاد.
حظي خطاب البرهان بترحيب واسع في الأوساط السودانية، لا سيما أنه أكد على ثوابت القوات المسلحة في حماية الوطن وعدم التفاوض مع من انتهك سيادته ومارس الإرهاب ضد شعبه. شدد البرهان على أن الجيش ينحاز للشعب و يقف على مسافة واحدة من الجميع ، في إشارة واضحة إلى الأحزاب السياسية و رفض الاستقطاب السياسي الذي ساد المشهد السوداني خلال السنوات الماضية، وأدى إلى انهيار الدولة وانزلاقها إلى دوامة الحرب.
حملت كلمة البرهان رسائل واضحة، أولها أن القوات المسلحة السودانية ماضية في استكمال معركة استرداد الدولة وتحرير كافة الأراضي التي تسيطر عليها مليشيا الدعم السريع، التي وصفها بأنها تنظيم إرهابي ارتكب جرائم بشعة بحق المدنيين. كما وجه نداءً إلى المواطنين في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة المليشيا، مطالبًا إياهم بفك ارتباطهم بمشروع آل دقلو الاستعماري، في تأكيد على أن الصراع لم يعد مجرد مواجهة عسكرية، بل بات معركة وطنية ضد مشروع يهدد وحدة السودان وهويته.
وفي سياق متصل، أكد البرهان أن السودان لن يعود إلى مربع التسويات السياسية التي تنتقص من سيادة الدولة، مشيرًا إلى أن السلام الحقيقي لا يمكن تحقيقه إلا بعد القضاء على التمرد واستعادة الأمن والاستقرار. هذا الموقف يتسق مع رغبة السودانيين التي ترى أن الحل السياسي يجب أن يكون محكومًا بإرادة الشعب السوداني، وليس بإملاءات خارجية أو تفاهمات دولية تُعيد إنتاج الحرب.
في ظل المعركة المستمرة لاستعادة السيادة الوطنية، تأتي التحركات السياسية والإعلامية للمليشيا وداعميها ضمن محاولات لفرض واقع جديد عبر تسريبات إعلامية وأخبار مضللة، كان من بينها ما سُمِّي بـ”اتفاق جديد في جدة”، الذي اعتبره المراقبون مجرد تكتيك من تكتيكات الحرب الإعلامية، يهدف إلى خلق حالة من البلبلة والتشويش على الانتصارات الميدانية التي يحققها الجيش السوداني.
ونه يأتي في سياق محاولات إعادة ترتيب المشهد السياسي وفق أجندات خارجية، حيث برز خلاله اسم د. عبد الله حمدوك كشخصية مثيرة للجدل، إذ لم يعد يحظى بقبول في اي مستوي من مستويات الشعب السوداني ، نظرًا لدوره في المرحلة التي سبقت اندلاع الحرب. وقد عزز هذا الرفض توقيعه اتفاقًا مع المليشيا في أديس أبابا خلال فبراير 2024، وهو اتفاق وُصف بالمُخزي، حيث أقر بموجبه بسلطة مدنية في الخرطوم والجزيرة والمناطق التي كانت تحت سيطرة المليشيا قبل أن يحررها الجيش السوداني.
هذه الخطوة عكست تجاهلًا للإرادة الشعبية ومتطلبات الأمن والاستقرار، وأكدت أن بعض الفاعلين السياسيين لا يزالون يسعون لإعادة إنتاج الأزمة بدلاً من البحث عن حلول جذرية تنهي حالة الفوضى وتعيد للسودان توازنه. هذا بجانب بنود أخرى
تؤكد ان الاتفاق المزعوم يسعى إلى هندسة المشهد السوداني وفق أجندة سياسية تفرض واقعًا جديدًا، يُفرغ انتصارات القوات المسلحة من مضمونها، ويمنح القوى التي ساندت المليشيا فرصة لإعادة التموضع في السلطة من جديد. ويبدو أن الهدف الأساسي لهذا الاتفاق هو إعادة السودان إلى نقطة الصفر سياسيًا، بحيث يتم تدوير الأزمة بدلاً من حلها جذريًا.
إن ما يجري على الأرض من انتصارات للقوات المسلحة السودانية يشير بوضوح إلى أن معادلات القوة قد تغيرت، وأن المسارات السياسية لا يمكن أن تُفرض عبر الضغوط الخارجية أو الصفقات المشبوهة، وإنما عبر الإرادة الوطنية التي ترفض أي تسويات تنتقص من سيادة الدولة أو تفتح المجال لإعادة هيكلة المشهد وفق مصالح غير سودانية. فالوثيقة الدستورية المعدلة للعام 2025 اقرت حكومة مدنية غير حزبية و انتخابات خلال 39 شهر علي ان يتسلم الجيش السوداني مقاليد السيادة الوطنية الي بلوغ الانتخابات.
عليه وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة فإن المرحلة القادمة ستشهد اختبارًا حقيقيًا للخيارات الوطنية، فإما أن يواصل السودان مسيرة التحرير واستعادة الاستقرار والأمن ، أو أن يقع مجددًا في فخ التسويات التي تُعيد إنتاج الأزمة تحت غطاء السلام المؤقت. وفي كل الأحوال، فإن موقف الرئيس البرهان والقوات المسلحة سيظل حجر الزاوية في تحديد مستقبل السودان، وهو موقف لا يبدو أنه سيتغير في مواجهة أي ضغوط إقليمية أو دولية، طالما أن الهدف النهائي هو الحفاظ على وحدة الدولة وأمنها وسيادتها.
دمتم بخير وعافية.
الأحد 30 مارس 2025 م Shglawi55@gmail.com
شارك هذا الموضوع :