الذكرى السادسة لانقلاب ١١ أبريل،تحليل عميق

الذكرى السادسة لانقلاب ١١ أبريل ٢٠١٩
متابعات- السلطة نت
بقلم : تاج السر عثمان
تمر الذكري السادسة لانقلاب ١ ١ أبريل ٢٠١٩ الذي قامت به اللجنة الأمنية للنظام المدحور، َجاء الانقلاب لقطع الطريق أمام ثورة ديسمبر، حتى لا تحقق أهدافها في قيام نظام حكم مدني ديمقراطي.. واستمر مسلسل الانقلابات بعد استقالة الفريق ابنعوف ليحل محله البرهان.
ومع تصاعد المقاومة الجماهيرية وارتفاع شعارات الثورة ” العسكر للثكنات والجنجويد ينحل”، وزخم اعتصام القيادة العامة والولايات، جاء انقلاب مجزرة فض الاعتصام بهدف تصفية الثورة، لكن موكب ٣٠ يونيو ٢٠١٩ كان سدا منيعا أمام مجزرة القيادة العامة، بعدها تم الانقلاب على الوثيقة الدستورية المعيبة في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١،الذي أعاد التمكين وبعض الأموال المنهوبة الفاسدين، ووجد الانقلاب مقاومة كبيرة، وفشل حتى في تشكيل حكومة، بعدها تدخلت المحاور الاقليمية والدولية وفرضت الاتفاق الإطاري، وما دار حوله من صراع حول مدة دمج قوات الدعم السريع في الجيش، وأدي لانفجار الحرب اللعينة التي أدت إلى تدمير البلاد والعباد ٠بهدف تصفية الثورة، ونهب ثروات البلاد من المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب.
وبهذه المناسبة نعيد نشر هذا المقال الذي صدر في ١١ أبريل ٢٠١٩ يوم الانقلاب بعنوان ” ولد انقلاب ١١ أبريل ميتا” ٠
وُلد انقلاب 11 أبريل 2019 ميتا، وهو الذي قاده الفريق ابنعوف وما يسمى باللجنة الأمنية ، لم يجد الانقلاب تأييدا حتى هذه اللحظة من أي دولة في العالم ، ورفضته القوى السياسية المعارضة في الداخل وقوات حميدتي وخارجيا :الخارجية الأمريكية والبريطانية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي باعتباره خطوة غير موفقة لحل الأزمة، بل أشارت الإدارة الأمريكية أن رئيس الانقلاب عوض ابنعوف لا زال في قائمة المقاطعين ، وطالبت محكمة الجنايات الدولية بتسيلم البشير للعدالة الدولية. فالانقلاب أصبح أزمة جديدة في سلسلة أزمات النظام الاسلاموي الفاشي الدموي.
كان متوقعا أن يكرر الإسلامويون تجربة الفريق سوار الذهب الذي أجهض انتفاضة مارس- أبريل 1985 ، حين تم الإبقاء على ترسانة النظام السابق من قوانين مقيدة للحريات مثل : قوانين سبتمبر 1983 ، وتم تفصيل قانون انتخابات علي مقاس الإسلامويين والتي كانت واضحة في انتخابات الخريجين ، فضلا عن تزوير الانتخابات ..الخ ، مما أدي في النهاية لإجهاض وتخريب الديمقراطية الثالثة ، والانقضاض عليها بعد الوصول لاتفاق سلام حول الجنوب ، بانقلاب يونيو 1989 ، الذي دمر البلاد فاكثر فيها الفساد وقاومه شعب السودان حتى اندلاع ثورة ديسمبر 2018 ، والذي حاول انقلاب ابنعوف الالتفاف عليها، بتغيير رأس النظام مع استمرار جسد وجوهر النظام الفاسد الذي ثار الشعب عليه.
أبقي انقلاب ابنعوف على كل القوانين القمعية المقيدة للحريات ، واعلن حالة الطوارئ لمدة 3 شهور ، وحظر التجوال لمدة شهر، بل حتى الغي ما تبقى من دستور 2005 ، ووثيقة الحقوق في الدستور ، كما أبقي علي هياكل مؤسسات النظام القمعية مثل : النظام القضائي ، وجهاز الأمن ، ومليشيات النظام القمعية وكتائب الظل ، مع اعتقالات شكلية ، وصفها ابنعوف مثلا في اعتقال البشير بأنه في مكان آمن !!!، وحدد فترة انتقالية لمدة عامين بطريقة فوقية وصلف دون الرجوع لقوى الثورة ، والابقاء على كل التزامات ومعاهدات النظام الدولية التي تحمي وتبقي علي مصالح القوى الدولية والاقليمية ، ولم يتخذ مثلا قرارا بسحب القوات السودانية من حرب اليمن التي لامصلحة لشعب السودان فيها.
كما تحدث عن تهيئة المناخ لانتقال سلمي للسلطة وقيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية ، ومعلوم أنه في ظل استمرار القوانين المقيدة للحريات وميليشيات وكتائب النظام وجهاز أمنه ، وجهاز الدولة الذي يديره وكلاء الوزارات والولاة الإسلامويون ، والجهاز القضائي الاسلاموي ، فان نتيجة الانتخابات ستكون معروفة ومزوّرة لصالح الاسلامويين كما حدث في السابق ، كما أبقي الانقلاب علي الأجهزة الفوقية التي شكلت عبئا على ميزانية الدولة مثل : المؤتمر الوطني ، ونقابات واتحادات السلطة وتنظيمات الطلاب والنساء والشباب ، والجمعيات الخيرية . الخ من المؤسسات التي تشكل ذراعا للإسلامويين .
خلاصة الأمر كان متوقعا انقلاب قصر يحدث تغييرا شكليا ، ويبقي على جوهر النظام الدموي الفاشي الذي ثار الشعب ضده ، بل استبدل رئيسا مطلوبا للعدالة الدولية برئيس آخر مطلوب أيضا للعدالة بارتكابه جرائم حرب في دارفور ، فكيف يدعو حاملي السلاح للحوار كما جاء في بيانه!؟!!.
لذلك لم يكن غريبا أن رفض شعبنا مسرحية الانقلاب وكل قواه المعارضة من ” قوى الحرية والتغيير” ، والحركات المسلحة ، ولم يجد تجاوبا من القوات المسلحة ، فالانقلاب ولد ميتا ، وزاد الشعب صلابة وقوة لإسقاطه، كما وضح من الحضور الكبير في الاعتصام، وتكسير قرار حظر التجوال ، والطوارئ التي تم تجاوزها منذ انقلاب البشير، وقررت القوى المعارضة مواصلة المعركة حتى التصفية الكاملة للنظام الفاشي الفاسد ، والغاء كل القوانين المقيدة للحريات ، وتصفية المليشيات ، واستعادة قومية القوات المسلحة والخدمة المدنية ، ومحاسبة الفاسدين ، واستعادة ممتلكات الشعب المنهوبة ، وتصفية جهاز الأمن القمعي ، وأن يكون دوره محصورا في جمع المعلومات وتحليلها ورفعها.
لقد فجر شعب السودان ثورة عظيمة في سلسلة ثوراته ضد القهر والفساد ، ولا يمكن أن يسمح للإسلامويين الفاسدين بالالتفاف عليها ، وتغيير الحية لجلدها وفي جوفها السم الزعاف .
وحتما سوف يسقط شعبنا انقلاب 11 أبريل وينتصر في التصفية الكاملة للنظام الاسلاموي الفاسد حتى النخاع ، ويقيم نظاما ديمقراطيا ، يكرس دولة المواطنة التي تسع الجميع وحكم القانون واستقلال القضاء ، وتوفير احتياجات المواطنين الأساسية من تعليم وصحة وعمل وسكن وأمن من الجوع والخوف ، وإعادة تأهيل المشاريع الزراعية والصناعية والخدمية التي تم تخريبها ، والتنمية المتوازنة ، ووقف الحرب، ودستور ديمقراطي يشارك فيه الجميع، ومؤتمر دستوري ، كل ذلك عبر فترة انتقالية كما حددتها قوى ” الحرية والتغيير ” تتم في نهايتها انتخابات حرة نزيهة.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار ، وعاجل الشفاء للجرحي، و التصفية الكاملة للاعتقال التحفظي ، حتى لا يتم إطلاق السراح من الباب ، ليتم إعادته من الشباك في ظل استمرارالقوانين المقيدة للحريات.
شارك هذا الموضوع :