الدكتور خالد محمد يوسف يكتب _ الدكتور حسن عباس صبحى، السوداني الذي أتقن الانجليزية والأدب الإنجليزي اكثر من الإنجليز

الدكتور خالد محمد يوسف يكتب _  الدكتور حسن عباس صبحى، السوداني الذي أتقن الانجليزية والأدب الإنجليزي اكثر من الإنجليز

رصد _ السلطة

الدكتور حسن عباس صبحى _ السوداني الذي أتقن الانجليزية والأدب الإنجليزي اكثر من الإنجليز.

قال عنه البروف عبد الله الطيب : كان شرف للسودان ولنا مع الفرنجة، وكان المرجعية لكل الجامعة في الأدب الإنجليزي .

عندما مات قطعت ال BBC برنامجها وإذاعة الخبر، فبكاه كل متابعي ال BBC وأساتذة وطلاب الأدب الإنجليزي ببريطانيا .

اللهم ارحم دكتور حسن عباس صبحي . واجعل قبره روضه من رياض الجنة، والذى حينما رحل د _ صبحي بكته لندن، ولم تبكه الخرطوم.

في صباح ندي ماطر من خواتيم القرن الماضي، توجهت إلي جامعة القاهرة فرع الخرطوم، فوجدت الطلاب من كل التخصصات قد إحتشدوا في مدرج من مدرجات كلية الآداب، حتي ضاقت بهم بنشاتها مع سعتها، فتسلقوا النوافذ وغلقوا الأبواب والممرات .

فسألت : ماذا هنالك ؟ فقالوا لي : إنها محاضرة الدكتور حسن عباس صبحي، أستاذ الأدب المقارن بالجامعات السودانية، المع من عمل في الإذاعة البريطانية BBC، والتي تركها إنتصارا لعروبته أثناء العدوآن الثلاثي على مصر .

_ قائلاً :

بلادي وإن جارت عليّ عزيزة
وأهلي وإن ضنوا علي كرام

ولد الدكتور حسن عباس صبحي في شمال السودان، عند
مدينة شندي . لأسرة عرفت بالعلم والمعرفة وحسن الخلق
حتي سمى أهل شندي، حي باسم والده الحاج عباس
صبحي : (ديم عباس) .

حفظ شاعرنا القرآن مبكرا علي يدي والده، وكان مولعا باللغتين العربية والإنجليزية، والسيرة النبوية العطرة ..! تنقل بين وادي سيدنا، القاهرة، وجامعة أدنبره ببريطانيا . لينال منها شهادة الدكتوره في الأدب المقارن .

كان مولعاً بالأدب والمقارنات الشعرية بين شعراء الفرنجة والعرب . (شكسبير ، وأمرؤ القيس ، عروة بن الورد، وود ضحوية في السودان) .

ترجم العديد من الأعمال الأدبية والفنية . من الإنجليزية إلى العربية . ومن العربية الي الانجليزية . خاصة شعر ومسادير . شاعرنا الضخم الحردلو :

الخبر الأكيد قالوا البطانة إترشت
سارية تبقبق للصباح ما تفشت

ترجمها بأنجليزيته السلسة قائلا :

*the certain news was sai the Butana had showered a th lightening bubbing till morning never stopped !)

لاحظ استخدامه لكلمة (showered) قمة الدقة والروعه .

ترأس عام 1976م إتحاد أدباء السودان . وقدم العديد من البرامج لإذاعة امدرمان مثل : (أديب في دائرة الضوء) .

له ديوان شعر مطبوع : (طائر الليل ) .

عرف شاعرنا بالتفاني وكان يحلم بخلق جيل عربي مسلم . خلاق لصنع مستقبل باهر لأمتنا العربية والإسلامية .

كان سلس العبارة والمفردة . مما جذب إليه الطلاب من كل التخصصات حتي أحبوه ووقروه .

ولقد حكي لي أحد طلابه بجامعة أم درمان الإسلامية . قال لي :

دخل علينا ذات مرة وفي نهاية المحاضرة أخرج لنا من حقيبته عقد عمل قائلا :

اليوم استلمت عقد عملي في دولة خليجية . فإنفجر الطلاب بين باك وصائح قائلين :

لمن تتركنا يا دكتور حسن ؟
فانهال الدمع من عينيه حتى بلل نظارته السميكه .
وماكان منه إلا أن أمسك عقد العمل . ومزقه في مشهد أبكى حتي إدارة الجامعة قائلا :
سوف ابقى معكم أبنائي وبناتي . حتي تكملوا هذا العام وقد فعل

ولكن صائد النجوم والعباقرة . الملك فيصل عليه رحمة الله كان له بالمرصاد . حتي تمكن من ضمه الى إدارة التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية في جامعة تبوك . والتي قضي بها بقية عمره . حتي وافته المنية فيها . وقُبر بمدينة تبوك في عام 1990م.

حيث قطعت إذاعة لندن برامجها . لتعلن وفات أحد فرسانها النوابغ . بل ولقد حكي لي مدير المركز الثقافي البريطاني المستر (وليم هوست) : أنه شاهد البريطانين الذين عرفوا الدكتور حسن عباس صبحي . خلال فترة إقامته في لندن وعمله في BBC وجامعة ادنبره . والمواعين الثقافية الاخري في لندن . شاهدهم يزرفون الدمع الهتون علي فراق عالم عرف الأدب الإنجليزي أكثر منهم .

او كما قال البريطاني الأكاديمي .البروفسر (هانزر) :
كنا حينما يتحدث د.صبحي عن شكسبير ودكنز . نصمت تأدباً لعلمه الغزير وإدراكه الواسع . خاصة بقدراته الخارقه في مجال المقارنات الشعربية والأدبية .
له الرحمة والمغفرة والقبول الحسن .

تغني له عبقري الغناء السوداني الصناجه الأستاذ عبدالكريم الكابلي . أعذب وأروع قصيدة كتبت في القن الماضي . إبتدرها بسؤال إستفهامي مقلق :

ماذا يكون حبيبتي ؟
ماذا يكون ؟
حسرات لحظات تولت في وجل
كصدى يطير مضيعاً عبر السنين
ماذا يكون حبيبتي ؟
ماذا يكون ؟

ويقول الأستاذ عبدالكريم الكابلي : لقد أعجبت بهذه القصيده . والتي أهداها لي الدكتور الإعلامي المتميز عمر الجزلي . وظللت احتفظ بها حتي اكتمل لحنها في عشرة أعوام . ولقبها بعض النقاد بالعشريه . ومن كثرت إعجابي بمضمونها . حيث جمع فيها بين حزن يعقبه فرح وإحباط يسرجه أمل . أضف إلى ذلك مفرداتها الجزله وجرسها الموسيقي العذب . وبشاعرها الرقيق المفوه أستاذنا الدكتور حسن عباس صبحي .

مما حدا بي أن أضفت لها بيتان في خواتيمها . وهذه خاتمة القصيدة الجميلة :

بعد الوعود وقد تلاشت وانطوت
بعد البراعم في أكمتها ذوت
بعد العناد وقد توشح بالظنون
ومع السلام

لك من فؤادي باقة الحب الحنون
لك من عيوني دمعة المزن الهتون
ولك السلام ولهفتي وتساؤلي ؟
ماذا يكون حبيبي ماذا يكون ؟

ويقول أديبنا الروائي العالمي الكبير الطيب صالح : والذي تزامل مع د.صبحي في BBC قال :

كان دكتور صبحي حينما يتحدث يصمت الفرنجه . وكنا نتدرق ونتقوى به في حلقات النقاش الأدبي . خاصة مع الفرنجه لإلمامه الواسع وقدراته الأدبية المدهشه ..!!

وكم كانت سعادتي وفرحتي . حينما ترجم مسادير شاعرنا الكبير الحردلو . الي اللغة الإنجليزية والتي وجدت صدى واسع في الأوساط الأدبية الغربية . خاصة قدرته الخارقه في التصوير الفني مثل صور :

الشم خوخت وبردن ليالي الحره

ومشهد :

(الصقير بجناحو كفت الفره)

لشاعرنا د.صبحي الرحمة والمغفرة والقبول الحسن ولكل عباقرتنا الذين شرفوا سوداننا الحبيب . الرضى والقبول . آمين