حمدوك : بقايا نظام الإنقاذ يؤججون نار الحرب لاستعادة السلطة

رسالة الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السابق ورئيس تحالف صمود في الذكرى الثانية للحرب 2025 ابريل 15
متابعات – السلطة نت
تمر علينا الذكرى الثانية لهذه الحرب المدمرة التي اجتاحت بلادنا من ادناها الى أقصاها، وانه من المؤسف حقا ورغم كل ما لحق بالبلاد وشعبها من الموت والدمار والخراب، ما زال صوت البندقية هو الأعلى ولا تزال أطراف الحرب تتوعدنا بالمزيد من القتل والدمار والإجهاز على ما تبقى من حطام الوطن.
انه لمن دواعي الأسف ايضا ان قوى نظام الإنقاذ البائد، الذي اسقطه شعبنا العظيم في ثورة ديسمبر المجيدة، لاتزال تؤجج نار الحرب ولا يهمها إلا ما يعيدهم الى كراسي السلطة ويحافظ على ما نهبوه من موارد الشعب السودانى. كما ان الإنتشار الواسع للممارسات الداعشية مؤخرا، تعيدنا لذات الممارسات والإرتباطات التي كانت قد أدرجت السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب طوال عمر النظام المباد، وتهدد اليوم بتحويل السودان الى ارض خصبة لجماعات التطرف والإرهاب الدولى.
ومن المقلق للغاية ان نهج النظام السابق في زعزعة الإستقرار في دول الجوار والدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي والذي قد قاد لعزلة البلاد ثلاثين عاما، اخذت تطل برأسها من جديد. ولعل التهديدات العسكرية الصادرة مؤخرا ضد تشاد وجنوب السودان وكينيا ودول الإقليم والدعوة المرفوعة ضد دولة الإمارات في محكمة العدل الدولية مؤشرات خطيرة في ذات
الاتجاه.
اننا نثمن ونقدر عاليا تحمل دول الجوار ودول الإقليم عبء استضافة الملايين من أبناء الوطن الذين شردتهم الحرب كما نقدر مساهمة هذه الدول مع المجتمع الدولي في العديد من المبادرات الرامية لوقف الحرب.
وعوضا عن البحث عن كبش فداء علينا التحلى بشجاعة الإعتراف بأن هذه الحرب اشعلتها ايدى سودانية وعلى عاتق السودانيين وحدهم تقع مسئولية وقفها فورا.
لست بحاجة الى تكرار الحديث إليكم عن الأثار المدمرة لهذه الحرب وما تعانونه من ويلات أكبر كارثة إنسانية في العالم اليوم، فمعاناتكم ماثلة امام كل ضمير حى وكل من في قلبه ذرة من إنسانية. وأود ان أحيى هنا كل المبادرات الوطنية في مواجهة الكارثة الإنسانية والتي تقودها بشجاعة نادرة غرف الطوارئ والتكايا والطرق الصوفية.
كما أعرب عن التقدير العميق لكل الدول والمنظمات الإقليمية والدولية التي لم تبخل على الشعب السودانى امام محنته الإنسانية. وفى هذا السياق أرحب بمبادرة المملكة المتحدة بعقد الإجتماع الوزاري بلندن اليوم حول الأزمة السودانية وادعو الدول المشاركة فيه للخروج بقرارات عملية تساهم في وضع نهاية لمعاناة السودانيين بما في ذلك تدابير عاجلة لحماية المدنيين.
لقد ظللنا نسعى، منذ إندلاع هذه الحرب اللعينة، السكات البنادق ووقف فورى للقتال يحفظ للوطن وحدته ويضع حدا للويلات التي تواجهونها من قتل ونهب وجوع وتشرد، حتى نتفرغ الي إيجاد حل سياسي يؤسس لمشروع وطني يضمد الجراح التاريخية والمعاصرة وفق أسس المواطنة المتساوية والإعتراف بالتعدد وإستنهاض طاقات الوطن. ومن المؤسف والمحزن ان التعنت والإصرار على الحسم العسكرى ولو على حساب الوطن ومعاناة شعبنا المنكوب يقفان حجر عثرة امام كل مبادرات المخلصين من أبناء السودان وجهود
الإقليم والمجتمع الدولي.
وأمام التحشيد والتسليح وقرع طبول الحرب والتشظي ومخاطر التقسيم وانزلاق البلاد نحو الهاوية، لن نمل من الدعوة للإحتكام الى صوت الحكمة من اجل الحفاظ على السودان. وأقول لطرفى القتال لا توجد حلول عسكرية مهما تطاول الأمد وكفى معاناة شعبنا ودمار بلادنا. امام المهدددات التي تواجه الوطن لم يعد امامنا
اليوم وقت للمناورات وشراء الوقت والبد من خطوات عاجلة.
ان أخطر ما تمخضت عنه هذه الحرب اللعينة هو تفشى خطاب الكراهية والحض على العصبيات القبلية والجهوية وارتكاب أفظع المجازر وقطع الرؤوس وبقر البطون وذبح أسر بأكملها بناء على هذه العصبيات.
ان هذه الأفعال الوحشيه ستؤدى بلا شك الى تحويل وطننا إلى مرتع للجماعات الإرهابية. لذلك اناشد أبناء السودان المخلصين من مختلف ارجاء الوطن ببذل المزيد من الجهد للتصدي لخطاب الكراهية حفاظا على الوحدة الوطنية كما نناشد الأسرة الإقليمية والدولية وكل القوي التي ظلت تحارب الإرهاب ان تتعامل مع ما يجري في السودان بحزم وعزم حتى ال يصبح السودان أكبر مهدد للسلم والأمن الدوليين.
اننا ما زلنا نؤمن ان إيقاف الحرب ممكن عبر مبادرة نداء سلام السودان التي أطلقناها في شهر رمضان
المبارك مساهمة من تحالف صمود لإنهاء الحرب عبر خطوات عملية وواقعية وذات مصداقية تضم الأطراف الوطنية والإقليمية والدولية في عملية واحدة تضع حدا للجمود الحالي وكانت اهم مرتكزاتها :
عقد اجتماع مشترك بين مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الأفريقي، بحضور قائدي الجيش والدعم السريع والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور والقوى المدنية، للإتفاق على هدنة إنسانية ووقف فوري وغير مشروط لإطالق النار لتفضي هذه العملية إلى:
وقف دائم لإطلاق النار واتفاق سالم شامل، وترتيبات دستورية انتقالية تنهض على توافق عريض واستعادة مسار ثورة ديسمبر في الإنتقال المدني الديمقراطي وارساء عملية عدالة وعدالة انتقالية تحاسب على الإنتهاكات وتحقق الإنصاف للضحايا والإتفاق على مشروع وطني جديد يؤسس لنظام مدني ديمقراطي، يقوم على المواطنة بلا تمييز وفق نظام فيدرالي حقيقي وجيش واحد مهني وقومي ينأى عن السياسة والإقتصاد، وتشكيل سلطة مدنية انتقالية ذات صلاحيات كاملة تتولى معالجة آثار الحرب وإعادة إعمار السودان وتقود البلاد الى الإنتخابات تتضمن المبادرة تدابير لبناء الثقة على رأسها وقف التصعيد العالمي بين الأطراف المتحاربة وإطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين.
واقترحنا فى نداء سلام السودان ان يصدر الإجتماع المشترك دعوة لعقد مؤتمر للمانحين الدوليين لسد فجوة تمويل الاحتياجات الإنسانية، وإطلاق عملية سلام شاملة يقودها السودانيون، تهدف إلى إيجاد حل سياسي يخاطب جذور الأزمة، عبر ثلاثة مسارات متزامنة ومتكاملة تشمل مسار إيصال المساعدات وحماية المدنيين، ومسار وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية الدائمة تأسيسا على اتفاق جدة، والمسار السياسي بإطلاق حوار وطني يخاطب جذور الأزمة ويرسي سالماً مستداماً في البلاد.
وان يطلب الإجتماع المشترك من كافة الأطراف الإقليمية والدولية والإمتناع عن أي فعل يطيل أمد النزاع، ويفرض حظرا شاملا على توريد
السلاح لكافة أطراف النزاع، وضمان تجفيف موارد تمويل الحرب وتشكيل فريق عمل من الخبراء
والمختصين السودانيين لقيادة جهود تقييم الأضرار الجسيمة التي خلفتها الحرب، ووضع خطة لإعادة الإعمار والتعافي الوطني مع استكشاف موارد وحلول مبتكرة تتيح الشروع الفعلي في تنفيذها .
من اجل إيقاف النزيف ، ومعالجة الكارثة الإنسانية وتوفير الحماية للمدنيين وضمان عودة امنة للمشردين الى ديارهم ومدنهم وقراهم وبيوتهم ووضع أسس متينة تخاطب جذور الأزمات بما يجعل هذه الحرب آخر حروب السودان، نمد ايادينا لكل الحادبين على مصلحة البالد لتجاوز كل خالفاتنا والعمل معا لتحقيق الأهداف الوطنية السامية وسنظل منفتحين على كل الآراء والمقترحات البناءة وثقتنا كبيرة في ان تحظى مبادرة نداء
سلام السودان بالدعم والإلتفاف من كافة قطاعات شعبنا الرافضة لهذه الحرب والمشرئبة للسلام والإستقرار والتحول المدنى الديمقراطى في وطن يسع الجميع.
شارك هذا الموضوع :