الجزيرة تبحث عن إنقاذ أول مواسمها الزراعية بعد التحرير

الجزيرة تبحث عن إنقاذ أول مواسمها الزراعية بعد التحرير
الإعلانات

ولاية الجزيرة تبحث عن إنقاذ أول مواسمها الزراعية بعد التحرير

السلطة نت – الجزيرة

يواجه أول موسم زراعي في مشروع الجزيرة بعد تحرير الولاية من قبضة قوات “الدعم السريع” معوقات كبيرة نتيجة انعدام المدخلات الزراعية وانسداد قنوات الري وآلياته المتوقفة، فضلاً عن نزوح المزارعين وفقرهم، مما يهدد بفشل الموسم في زراعة المحاصيل الصيفية من الذرة والقطن والفول وفول الصويا والخضراوات التي تمثل الركيزة الأساس لمواطني الولاية إلى جانب تغطية حاجات الأسواق المحلية.

 

اللجنة الزراعية التي تضم أصحاب الخبرة الطويلة وأصحاب المصلحة من المزارعين والمرشدين والملاك، قالت خلال مؤتمر الجزيرة إنها تعكف على توضيح التحديات الراهنة التي تجابه المشروع وتقف حائلاً أمام نجاح الموسم الصيفي.

 

وكشفت اللجنة عن أن أنظمة الري ضمنه في حاجة إلى صيانة عاجلة للتمكن من ري كل المساحات المستهدفة بالزراعة خلال الموسم الصيفي الذي يطرق الأبواب، بعد انقطاع الصيانة عنها بشقيها الدورية والوقائية خلال العامين الماضيين.

 

وأوضح بيان الجنة أن الحرب تسببت بفقدان المشروع 70 في المئة من قوة آليات الهندسة الزراعية وتعرض ما بقي منها للسرقة والنهب، مما يجعل الموسم الصيفي في حاجة عاجلة إلى توفير تلك الآليات.

 

وأشار البيان إلى أن مسألة توفير البذور تمثل أيضاً أحد أكبر المهددات أمام الموسم الصيفي، إذ كان المشروع يعتمد على توفير البذور المحسنة والأصناف المجازة من قبل مجموعة من الشركات التي فقدت في معظمها مخزونها من البذور، لكنها لم تتمكن من إنتاج كميات كافية لتغطية مساحة المشروع، بخاصة بذور الذرة كمحصول أمن غذائي والقطن كمحصول نقدي.

 

معاناة ونزوح

 

ونوهت اللجنة إلى عدم فتح أي جهة حتى الآن اعتمادات لاستيراد الأسمدة ومبيدات الحشائش والحشرات مثلما كان يحدث قبل بداية كل موسم باعتبارها أيضاً من مدخلات الإنتاج الزراعي المهمة التي تمثل إحدى المعضلات الكبيرة أمام الموسم الصيفي بالمشروع، لا سيما أن الشركات الوكيلة تحتاج في العادة إلى ستة أشهر قبل بداية الموسم حتى تتمكن من تصنيع المبيدات المطلوبة.

 

وتطرق البيان إلى تضاعف المعاناة التي ظل يعيشها مزارع مشروع الجزيرة خلال الأعوام الماضية عقب اجتياح ميليشيات “الدعم السريع” للولاية وعمليات النهب والسلب والسرقة التي طاولت كل أرجائها، مما أفقد سكانها كل مدخراتهم على قلتها، فيما لا يزال كثير من مواطنيها نازحين في بعض مناطق البلاد ولاجئين في دول الجوار.

 

وناشدت اللجنة الزراعية، مجلس السيادة الانتقالي ووزارة المالية وكل المؤسسات العامة والخاصة ذات الصلة بالشأن الزراعي، الإسراع في وضع خطة طوارئ لإنقاذ الموسم الصيفي وتوفير جميع متطلباته وتقديم كل المعينات الضرورية للمزارعين، مؤكدة استعدادها للتعاون والتنسيق وتقديم كل المساعدات اللازمة.

 

خسائر فادحة

 

وأوضح محافظ مشروع الجزيرة المهندس إبراهيم مصطفى أن الإحصاءات الأولية تقدر حجم الخسائر في المشروع بسبب الحرب التي شنتها “الدعم السريع” الإرهابية على البلاد بنحو 300 مليون دولار حتى الآن قابلة للزيادة مع استمرار حصر الأضرار.

 

ولفت إلى أن الميليشيات عمدت خلال هجومها إلى دخول المشروع وعاثت فساداً بكل جوانبه بما فيها نهب الأصول الثابتة والآليات ومحطات الكهرباء، وتخريب الورش وحتى الأسمدة والمقويات، فوقع الضرر الأكبر على قسم الجزيرة مقارنة بقسم المناقل.

 

وأشار مصطفى إلى أنه لاحظ رغبة وإقبالاً كبيراً من جانب المزارعين والمواطنين على الزراعة بعد تحرير ولاية الجزيرة، حيث شرع عدد كبير منهم في العمل، لافتاً إلى تشكيل لجان للحصر الدقيق والإحصاءات التي تتعلق بالأضرار التي لحقت بالمشروع.

 

كما أكد أن إدارة المشروع باشرت مهماتها بوضع خطة مستقبلية لإعادة إعمار ما دمرته الحرب وتسعى إلى البدء الفوري بإلحاق المشروع بموكب الإنتاج العالمي والإعداد للمراحل الزراعية التالية خلال الأيام المقبلة، بخاصة أنها تسلمت المشروع من الجيش والقوات المساندة وهو خالٍ من التهديدات الأمنية.

 

وتسبب اجتياح قوات “الدعم السريع” لولاية الجزيرة قبل عام بتدهور كبير في البنية التحتية والقدرات الإنتاجية لأكبر المشاريع الزراعية المروية في أفريقيا والعالم العربي بمساحة أكثر من مليوني فدان (900 ألف هكتار) وسط السودان.

 

تعقيدات أمنية

 

من جانبه كشف الأمين العام لمؤتمر الجزيرة المبر محمود عن وجود مشكلات أمنية تتركز في مناطق أقصى شمال المشروع حيث ما زالت هناك بعض خلايا المتمردين وتعتبر خارج رقعة التعامل الإداري للمشروع، بينما يعتبر كثير من أقسام المشروع في المناقل وجنوب الجزيرة ووسطها وجنوب محلية الكاملين، خالية من المشكلات والمهددات الأمنية.

 

وأوضح محمود أنه على رغم الانتشار المحدود للألغام الأرضية في بعض مناطق المشروع التي نتجت منها حوادث في محلية أم القرى شرق الجزيرة، فإنه يتوقع انتشار مخلفات الحرب الخطرة في مناطق أخرى من أراضي المشروع التي تحتاج إلى التعامل معها سريعاً قبل عودة المزارعين للحقول.

 

ووفق محمود باشر المؤتمر بوصفه كياناً مجتمعياً يضم قدامى المزارعين والاختصاصيين الزراعيين من الولاية، بتحركات واتصالات مع الحكومة المركزية ووزارات الزراعة والري لإيجاد معالجات إسعافية عاجلة لتحديات ومشكلات الري ومدخلات الإنتاج.

 

وتابع أن “المزارعين تعرضوا للإفقار وفقدوا قليلاً مما كانوا يمولون به العمليات الزراعية ذاتياً، فضلاً عن أن معظمهم ما زال خارج المشروع بسبب نزوح نحو 5 ملايين نسمة من سكان الولاية عاد منهم نحو نصف مليون فقط ولا يزال كثير منهم خارجها”.

 

وطالب بضرورة تكوين لجنة متخصصة من أصحاب المصلحة وقيادات العمل الزراعي بالمشروع من أبناء الجزيرة (بعيداً من الأحزاب) لتقديم رؤية للدولة لمعالجة المشكلات الملحة بغية إنقاذ الموسم الصيفي بأسرع وقت.

 

مخاوف المزارعين

 

على الصعيد نفسه أوضح المزارع في المشروع عبدالقادر عمر أن بنيات الري التحتية بخاصة الفرعية تعرضت لتدمير واسع خلال العامين الماضيين، فتحول معها عدد كبير من الحقول داخل المشروع إلى شبه أدغال بسبب هجر ونزوح المزارعين والنمو العشوائي للحشائش الطفيلية، مما يجعل مشكلة تطهير قنوات الري من أكبر المعضلات التي تهدد الموسم الزراعي الصيفي.

 

ولفت إلى أن اجتياح قوات “الدعم السريع” لمعظم قرى المشروع ونهبها ممتلكات المزارعين وتشتيت سكان قراه كلها أسباب أفقدته اليد العاملة وأنه حتى مع عودة قليل منهم لكنهم لا يملكون القدرة المالية لتمويل نشاطهم الزراعي، بخاصة توفير البذور التي إما نهبت أو استُهلكت كغذاء، لذلك يرى عمر أن توفير المقويات لمحصولي الموسم الصيفي الذرة والقطن يشكل أولوية قصوى قبل الشروع في أي عمليات تحضير للموسم الصيفي المقبل.

 

وتابع أن “في السابق كانت هناك شركات تقوم بتوفير البذور لكن هذه المرة لم توفرها لأنها لم تكُن جاهزة عند تحرير الولاية، ولم تنتج تلك الشركات البذور اللازمة للزراعة ولا تحرك حتى الآن في هذا الاتجاه، مما يعني أنه لن تكون هناك زراعة خلال هذا الموسم الصيفي إذا تأخرت أكثر من ذلك، بخاصة بالنسبة إلى محصولي الذرة والقطن”.

 

 

شارك هذا الموضوع :

Verified by MonsterInsights