*بورتسودان تحت النار.. فهل يفيق قادة الجيش من كابوس الحكم؟*

*بورتسودان تحت النار.. فهل يفيق قادة الجيش من كابوس الحكم؟*
الإعلانات

*بورتسودان تحت النار.. فهل يفيق قادة الجيش من كابوس الحكم؟*

 

متابعات – السلطة نت

 

*عبد المنعم سليمان*

 

في تطور نوعي خطير، نفذت قوات الدعم السريع صباح اليوم هجومًا جويًا واسعًا باستخدام طائرات مسيّرة استهدف مدينة بورتسودان، التي تتخذها سلطة الأمر الواقع بقيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان عاصمة لها.

الهجوم طال القاعدة الجوية العسكرية (عثمان دقنة)، التي ظلّت منذ بداية الحرب منطلقًا لمعظم الطلعات الجوية التي قصفت مطارات ومستشفيات ومنشآت مدنية عديدة في دارفور، وأسقطت مئات المدنيين العزّل، وألحقت دمارًا واسعًا بالبنية التحتية.

 

ولم يتوقف الأمر عند القاعدة العسكرية فحسب، بل امتدت ضربات الطائرات المسيّرة لقوات الدعم السريع لتطال مطار بورتسودان نفسه، وألحقت به أضرارًا دفعت السلطات إلى إعلان إغلاق المطار وتوقف حركة الملاحة الجوية، ما يعني عمليًا عزل مدينة بورتسودان -مؤقتًا- عن العالم.

 

إن هذه العملية الحربية تمثّل، بلا جدال، تحولًا جوهريًا في قواعد الاشتباك، وتحمل في طياتها رسائل عسكرية وسياسية لا تخطئها العين.

 

لأشهر طويلة، ظلّت طائرات الجيش ومسيّراته تقصف مدن دارفور، مطارًا تلو آخر، ومنشأة تلو أخرى، مستهدفة الأسواق، والمستشفيات، ومنازل المدنيين، تحت ذريعة استهداف قوات الدعم السريع، وضرب ما أُطلق عليه بـ”الحواضن الاجتماعية” للقوات.

وهو ما ولّد ردود فعل دموية من عناصر تابعة لقوات الدعم السريع، كان آخرها ما حدث في منطقة (الصالحة) بأم درمان.

هذا النمط المجنون من الحرب، الذي لا يفرّق بين مقاتل ومدني، خلق واقعًا دمويًا قاتمًا.

 

واليوم، حين دارت الدائرة على القاعدة العسكرية في بورتسودان التي انطلقت منها تلك الهجمات، لم يكن ذلك مصادفة، بل كان أمرًا متوقعًا.

ومن يقصف المدن، عليه ألّا يتوقع أن تظل مدنه في مأمن. ومن يزرع النار، لا يحصد الأمان. فكما تدين تُدان؛ والذنب لا يُنسى، والديّان لا يموت!

 

إن استهداف المنشآت المدنية مرفوض قانونًا وأخلاقيًا، في الحرب كما في السلم. لكن ماذا نقول عن جيش حوّل المدن إلى ترسانات عسكرية؟

وعندما تختلط القواعد العسكرية بالأحياء السكنية، يصبح المدنيون ضحايا ووقودًا لحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل!

 

من هنا، يجب أن يتوقف هذا الدمار فورًا. فهذه الحرب لا منتصر فيها ، هذا ما تقوله تجربة العامين الماضيين – ولا معنى لاستمرارها، فهي لن توصل من يحلم بالحكم، كما لن تُرجع من يحلم بالعودة إلى سلطة ذهبت ولن تعود، أبدًا.

 

لذلك، يجب الضغط من أجل إيقافها بالتوازي مع عملية سياسية يقودها المدنيون، يُسهِمون من خلالها في خلق مناخ من الاستقرار، وإعادة إعمار ما خلفته الحرب من دمار، وبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة تعترف بالتنوع الثقافي والديني والإثني، وتعمل به.

والأهم قبل كل ذلك، يجب تقديم المسؤولين عن إشعالها، وهم (الكيزان) – جماعة الإخوان المسلمين – بقيادتهم المدنية والعسكرية، إلى العدالة، إلى جانب تقديم كل من ارتكب جريمة من أطراف الحرب: الجيش، قوات الدعم السريع، كتائب الإسلاميين وميليشياتهم، وقوات حركات دارفور، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب، داخليًا وخارجيًا، دون تردد.

 

وإذا أردنا حقًا إيقاف هذه الحرب، فعلينا أن نقف صفًا واحدًا، وأن نبدأ بمحاكمة هذه الجماعة الإجرامية الدينية السودانية الخطيرة، وتصنيفها تنظيمًا إرهابيًا – ليس فقط داخل السودان، بل إقليميًا ودوليًا- وحظرها بالكامل من العمل السياسي، ثم محاكمتها على جرائم ثلاثين عامًا من الحكم الفاشي، وعلى إشعال هذه الحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف ودمّرت البلاد بأكملها.

 

ما حدث اليوم قد يكون صفعة توقظ قائد الجيش من كابوسه الطويل، ذلك الكابوس الذي يتخيّل فيه إمكانية الوصول إلى السلطة عبر شراكة مع (الكيزان) – الإخوان المسلمين- تعيدهم مجددًا إلى الحكم، وتنصّبه رئيسًا صوريًا على نسق سلفه المعزول، المطلوب للعدالة في الداخل والخارج.

على هؤلاء أن يفيقوا الآن، قبل أن يفوت الأوان، وقبل ألا يبقى مأمن يُلجأ إليه.

وما جرى اليوم في بورتسودان يثبت، بما لا يدع مجالًا للشك، أن لا مدينة ستأمن ما لم تأمن نيالا، أو الضعين، أو الجنينة… إلخ.

 

إن الخراب لا يعرف حدودًا.

 

 

 

شارك هذا الموضوع :

Verified by MonsterInsights