شائعات الرئيس سلفاكير

شائعات الرئيس سلفاكير
الإعلانات

شائعات الرئيس سلفاكير

متابعات-السلطة نت

كتب عادل فارس

تشريح الأجندات الخفية وإدارة الأزمات في جنوب السودان
قالوا: عندما تهتز الصورة تخرج الشائعة لتملأ الفراغ… وعندما يكون الهدف هو الرئيس كير فإن السؤال لم يعد فقط عن صحته بل عن استقرار الدولة بأكملها.

قلنا: إن الزعيم الذي وُلِد من رحم الحرب لا يُقصى عبر تغريدة والرئيس الذي حمل راية الاستقلال لا تسقطه شائعة صبيانية بل يكبر مع كل نَفَسٍ يُروِّج ضده.

وبعد…
أصدقائي نعود بعد غيبة وقد سمم الأجواء ما اشيع كالعادة… الكثير عن صحته وانفاس حياته ولو يعلمون أن لكل اجل كتاب فلماذا تستعجلون..

في كل مرة تشتد فيها الأزمات أو تدنو لحظة مفصلية في مسار البلاد السياسي تعود شائعة صحة الرئيس سلفاكير ميارديت إلى الواجهة و تتكرر القصة ذاتها بأشكال مختلفة ولكن الهدف واحد هو زعزعة الثقة في رأس الدولة واهليته وإحداث حالة من الارتباك داخل المجتمع ومؤسسات الحكم.
ما يبدو كخبر عابر في مواقع التواصل هو في الحقيقة أداة مدروسة تُستخدم باحتراف لقياس ردود الأفعال في البلاد بعرضه وطول انفاس اهله البسطاء أو دفع أجندة سياسية إلى الواجهة.

من يروِّج؟ ولماذا الرئيس تحديدًا؟ الإجابة تبدأ عند الجهات التي تملك المصلحة المباشرة في خلق بلبلة سياسية وأمنية.
بعض أطراف المعارضة الداخلية غير القادرة على كسب شرعيتها عبر الحوار أو الانتخابات المرجوة المؤجلة قد تلجأ بحسب البعض إلى هذه الأساليب لخلخلة استقرار الحكم.
وفي الجوار لا تُستبعد أن تكون من جهات استخباراتية أو إعلامية في الاقليم والسودان ليس استثنائيًا تسعى لتعطيل تعافي جنوب السودان أو التأثير على موازين القوى داخليًا و الأخطر أن بعض هذه الحملات تأتي من الداخل ضمن ما يمكن وصفه بـ”بالونات اختبار” من داخل النخب السياسية أو العسكرية لتقيس المزاج العام تجاه فكرة الخلافة أو التغيير.

 

المنصات الرقمية أضافت بعدًا جديدًا من حسابات وهمية، صفحات مموَّلة، شبكات تضليل تُطلق الشائعة في توقيت محدد، ثم تترك الناس يتداولونها حتى تستحيل إلى حقيقة مفترضة في الوعي الجمعي ولها تشرئب المؤسسات وتنبري اخري لتنفي واخري تتوعد .

 

وهنا أطرح السؤال الأهم لماذا الرئيس سلفاكير دون غيره؟
ببساطة في اعتقادي المتواضع لأنه الرمز …هو ليس مجرد رئيس بل يمثل وحدة البلاد بعد الاستقلال ويشكل حضورًا نفسيًا وسياسيًا في أذهان الجنوبيين حتي اعدائه لكونه ملتزم الوفاء بعهده للثورة التحررية التي بداتها الانيانيا ومبادئ دافع عنها سنوات الحروب العشرين و مع غياب بدائل قيادية ناضجة في المشهد الجنوبي حتي اللحظة يصبح استهداف “الرأس” هو أقصر الطرق نحو خلخلة البنية الكاملة للدولة وتحديدا مواطنين ارهقهم الشان العام الامني والسياسي اكثر منه حالهم ومعيشتهم وأمنهم في اغلب الاوقات.

لكن الأزمة لا تقف عند مطلقي الشائعات فقط بل تمتد إلى طريقة التعامل الرسمي معها ففي كل مرة تأتي ردود الأفعال الحكومية متأخرة او جافة اومقتصرة على النفي لا مؤتمرات صحفية ، لا ظهور موثق للرئيس عبر شبكة التواصل الاجتماعي الذي يعتمدها الغالبية من شعبه لقراءة احوال البلد وخاصة الشائعات .. لا سرد روائي مضاد يقلب المعادلة من الإعلام الوطني الذي يُفترض أن يكون خط الدفاع الأول فهو في عالم يعاني من الترهل والجمود وعدم الفكرة للتعامل مع احداث البلاد الامنية والاجتماعية لا توجد هيئة مستقلة ترصد الشائعات وترد عليها عمليا بأنشطة الرئاسية مثلا او تغريدات من صفحة الرئيس شخصيا…ونجزم انه ابعد عن ذلك عمدا عن تواصله المباشر مع الجمهور مع اي وسيلة كما كان يفعل في السابق قبل استقلال البلاد او كما يفعلها اغلب رؤساء الدول في ابقاء قناة تواصل مباشر ليطمئن بنفسه من سريان قراراته او متابعة المشاريع من زاوية غير رسمية ، ولا حتي المنصات المحلية قادرة على تصدير الرواية الرسمية بثقة ومهنية تحظي باحترام وتقدير للمؤسسات الاعلامية المحلية والدولية لا ننكر ان بعضها صادقة التوجه وتعمل من اجل المواطنة و بعضها لأجندات قد تكون موجه .

الأزمة هنا ليست في غياب الحقيقة بل في غياب إدارة الحقيقة بحد ذاتها في كل أزمة داخلية وهذا هو جوهر المعركة الإعلامية في جنوب السودان اليوم. فالشائعات لا تُهزم فقط بالحقيقة بل تُهزم أيضًا بسرعة الاستجابة المسؤولة لاي شائعة ، وبقوة المنصات السيادية الاعلامية وبقدرة الدولة على صناعة روايتها الخاصة بلغة خطاب موحد .

وهنا تظهر الحاجة الملحة إلى بناء استراتيجية وطنية متكاملة لإدارة الأزمات الإعلامية وبخاصة وسائل التواصل الاجتماعي.
أولًا، يجب إنشاء خلية أزمة متخصصة، تضم خبراء في الإعلام والأمن، لرصد ومجابهة الشائعات فورًا وما يؤسف له ان السلطة الإعلامية في البلد لا تملك وحدة تحليل بيانات ما يرد في شبكة التواصل الاجتماعي باللغة العربية..بل لا تهتم أيضا بالوارد الانجليزي وهي معضلة بحاجة لمراجعة فورية..
ثانيًا، يجب تعزيز الشفافية بإتاحة المعلومات عبر المسؤليين في الدولة وتحديثات دورية عن أنشطة الرئيس. ثالثًا والأهم لا يمكن تجاهل دور المواطن فمحو الأمية الإعلامية بات ضرورة وطنية اذ يجب إشراك منظمات المجتمع المدني فيها عبر حملات توعية تُعلِّم الناس كيفية التحقق من الأخبار وعدم الوقوع ضحية للتضليل.

ما يمكن قوله إن شائعات صحة الرئيس ليست مجرد هرطقات سياسية بل إنذارٌ لحالة فراغ في منظومة الرد المنطقي والشافي وتعبير عن هشاشة البنية الإعلامية وانعكاس لحرب ناعمة تُخاض بالصور والكلمات بدلًا من البنادق و مواجهة هذه الشائعات تحتاج إلى أكثر من نفي.. تحتاج إلى سرد وطني قادر على إقناع الناس بما هي الاشاعة و كيف التعامل معها و أن الرئيس بخير والأهم أن الدولة بخير.

 

 

شارك هذا الموضوع :

Verified by MonsterInsights