صراع الكفاءة والإصلاح في قلب الطيران المدني السوداني

صراع الكفاءة والإصلاح في قلب الطيران المدني السوداني
الإعلانات

صراع الكفاءة والإصلاح في قلب الطيران المدني السوداني

متابعات- السلطة نت

في مرحلة مفصلية من تاريخ السودان، وبين تحديات ضغوط البيروقراطية و جائحة الكورونا و المشاكل الإدارية التي ورثتها ادارته برزت إدارة المدير العام لسلطة الطيران المدني ٢٠٢٠-٢٠٢١ إبراهيم عدلان كأحد أبرز المدافعين عن استقلالية الطيران المدني السوداني، مسطراً تجربة إصلاحية معقدة وشجاعة جمعت بين البعد القانوني، الفني، المالي، والأمني، في وقت كان فيه القطاع مهدداً بالانهيار، ولأن عطاء عدلان لم بتوقف حتي بعد مغادرته المنصب وظلّ يطلّ علي قراء طيران بلدنا بصورة راتبة عبر مقالات رصينة ومهنية رأينا في طيران بلدنا وبحكم معايشتنا لفترته في السلطة ان نلقي الضوء علي ملامح عامة من تجربته التي لا نزعم بانها كانت مثالية ولكن ما نستطيع تأكيده انها حفلت بالكثير من الاشراقات.

 

معركة أولى

 

حفلت فترته بالكثير من المعارك بحكم طبيعة الفترات الانتقالية للحكم وفي الدول ومن أولى المعارك التي خاضها عندما حاولت وزارة المالية فرض نظام موحد للرواتب على جميع القطاعات الحكومية، اصطدمت بمقاومة غير مسبوقة من داخل سلطة الطيران المدني بقيادة عدلان، إذ أن تطبيق هذا القرار كان يعني إلغاء اللائحة الخاصة بشروط خدمة موظفي الطيران المدني، و دمج رواتب الكادر الفني المتخصص مع الموظفين المدنيين العاديين.

 

وقد استندت الحملة الدفاعية إلى مرجعيات قوية منها الوثيقة 9082 للإيكاو التي تؤكد أن موظفي الطيران المدني كادر فني ممول من رسوم الملاحة الجوية، لا من الخزانة العامة، بالاضافة الي اللوائح التاريخية التي تضمن استقلال شروط الخدمة والحوافز بناءً على الكفاء

 

وعلي اثر ذلك تم الإبقاء على اللائحة بنسبة 100%، علاوة علي تأكيد استقلال تمويل الكادر الفني، وكذلك تفادي خسائر كارثية محتملة، منها هجرة نسبة كبيرة من المراقبين الجويين، وتدهور تصنيف السلامة الجوية.

 

معركة ثانية

 

تلت تلك المعركة محاولات بعض الأجسام المحسوبة علي حكومة الفترة الانتقالية ضم الطيران المدني لوزارة النقل و فك ارتباطه بوزارة الدفاع و ايضا ناضل عدلان و مجموعته ضد هذا التوجه و طالبوا باستقلالية تامة للسلطة او تبيعها لمجلس الوزراء مباشرة وتم اقناع صانعي القرار بان تبعية الطيران المدني للدفاع هي تبعية إشرافية فقط ومرحلة موقته أملتها الظروف التي تمر بلادنا وان تبعية المؤسسة للنقل هو رجوع للخلف.

 

معركة ثالثة

 

ومن التحديات التي واجهته الإصلاح الإداري والتشريعي – لإعادة الهيبة للسلطة، ومن أبرز إنجازات عدلان وأكثرها استدامة، قراره بالتصدي للفوضى الإدارية في التوظيف وتهميش الاختصاص داخل سلطة الطيران المدني، عبر استعادة صلاحيات أمن الطيرا، و استصدار قرار وزاري حاسم أعاد عمليات أمن الطيران المدني لسلطة الطيران.

 

دعم هذا القرار بإدراج 18 مادة قانونية جديدة ضمن قانون الطيران المدني، عززت صلاحيات السلطة في مجال التفتيش، الإنفاذ، والمساءلة الأمنية كما تم ضخ دماء جديدة في الأجسام الفنية بتعيين ٣٥ كادرا فنيا خضعوا للمنافسة الشريفة عبر لجنة الاختيار القومية في مجالات المراقبة الجوية /هندسة الملاحة الجوية/هندسة الطيران (الصلاحية).

 

تحولات ونقلة

 

هذا التحول مثّل نقلة نوعية في قدرة السودان على الالتزام بالمعايير الدولية في أمن الطيران (Annex 17 – ICAO)، وساهم في تحسين ترتيبه في تقارير التفتيش الدولي.

كما اسهم إنهاء تشوهات “الهيكلة الرشيقة”، و إلغاء سياسة “الآوت سورسنج” التي فرّغت السلطة من كفاءاتها الأساسية، وكان حصاد ذلك نتائج إيجابية منها هندسة الممرات الجوية، السلك الكتابي والتنفيذي، الأعمال الفنية والمساعدة، و إعادة توظيف الكوادر المؤهلة وفق معايير فنية صارمة، مما أعاد التوازن المؤسسي ورفع كفاءة الأداء الوظيفي.

 

مقاومة ورد فعل

 

واجه عدلان مقاومة شرسة من أجهزة متغلغلة داخل الدولة حاَلت تعطيل معظم قراراته الإصلاحية. أبرز هذه الأساليب تمثّلت في تأخير المصادقات المالية(امر التخويل بالصرف ) لمدة ٤ أشهر، التشكيك في مشاريع التحديث والتطوير، تعطيل مشاريع حيوية كصيانة الرادارات وتدريب الكوادر، ورغم ذلك، استطاع عدلان تنفيذ 61% من موازنة عام 2021 عبر إعادة ترتيب الأولويات وتفعيل شراكات دولية ذكية.

 

انجاز أمني

 

من أبرز خطواته الاستراتيجية توقيع عقد مع شركة Securiport الأمريكية لتطبيق نظام API المتقدم لتبادل معلومات الركاب، ما ساهم في رفع تصنيف السودان 38 مركزاً في مؤشرات الأمن الجوي الدولي، خفض عمليات التهريب بنسبة 68%، تهيئة السودان لرفع اسمه من قوائم الدول الراعية للإرهاب.

 

تأهيل مطار الخرطوم

 

في تحرك نوعي، قاد عدلان مفاوضات ناجحة مع بنك شرق أفريقيا للتنمية لتمويل مشروع بمليار دولار لتحديث مطارات السودان، شمل مشاريع في مطار الخرطوم الدولي تمثلت في تمديد المدرج الجنوبي بـ500 متر، إنشاء صالة حديثة بطول 1200 متر تشمل 12 بوابة و4 طوابق، تحويل أرضية التارماك إلى إسمنتية لمقاومة تأثير المياه الجوفية.، تحويل نظام الوقود إلى تحت الأرض، رفع السعة الاستيعابية من 3.5 إلى أكثر من 8 ملايين مسافر سنوياً.

وكذلك تأهيل مطارات بورتسودان ونيالا و الدمازين، و تم تخصيص 450 مليون دولار لتطوير هذه المطارات، بما يشمل البنية الأساسية، التوسعة، وأنظمة الملاحة، غير ان اماحدث في اكتوبر 2021 حال دون تنفيذ هذه المشاريع.

 

مشروع حيوي

 

في فترته مارست سلطة الطيران المدني ضغطاً صارماً على شركة (بيجا نيزرلاند الهولندية لاستكمال تركيب نظام TOP SKY المتقدم لإدارة الحركة الجوية. تزامن ذلك مع إعادة تأهيل منارات الملاحة الجوية في دنقلا، الدمازين

كنانة.

 

ومن النتائج الفنية المباشرة لذلك تحسين تغطية المراقبة الجوية بنسبة 28%، رفع كفاءة التوجيه للطائرات العابرة والمحلية، تقليل الاعتماد على أنظمة الدعم الخارجي بايقاف التعاملات مع بعض الشركات الاجنبية.

 

 

التدريب

في مجال التدريب دعم عدلان تدريب المراقبين الجويين و المهندسين في الممرات الجوية و الصلاحية بالابتعاث الخارجي في كينيا و جنوب أفريقيا مصر كما شمل التدريب القطاع المساند في كافة التخصصات

 

شكلت فترة إدارة إبراهيم عدلان لسلطة الطيران المدني السوداني نموذجاً نادراً لما يمكن أن تصنعه الإرادة الفنية والإدارية المستقلة في بيئة شديدة التعقيد وبين المعارك القانونية، والإدارية، والمشاريع الفنية، رسم عدلان خريطة طريق لإصلاح المؤسسات السيادية، قائمة على الاحتراف المؤسسي، المشروعية الدولية، الابتكار في إدارة الأزمات

 

وهو نموذج يمكن البناء عليه في قطاعات أخرى تسعى للنهوض في ظل ظروف انتقالية معقدة.

 

رئيس التحرير

 

 

شارك هذا الموضوع :

Verified by MonsterInsights