شوارع الخرطوم وقائع أليمة… ماذا هنالك؟

شوارع الخرطوم وقائع أليمة… ماذا هنالك؟
الإعلانات

شوارع الخرطوم وقائع أليمة… ماذا هنالك؟

الخرطوم- محمد سعيد

في نهاية المطاف، وصل نادر إلى منزله بحي الصحافة جنوب العاصمة الخرطوم، منهيًا رحلة نزوح طويلة استغرقت قرابة العامين. يأمل صباح العيد الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة العيد مع الجيران والأصدقاء.

 

للوهلة الأولى، كان نادر، الذي وطأت قدماه رصيف الميناء البري بعد عامين من النزوح، يشعر أن الناس الذين صمدوا خلال سيطرة قوات الدعم السريع على العاصمة الخرطوم، ينظرون إلى القادمين بنوع من عدم الارتياح، كونهم فروا تاركين المنازل. ومع ذلك، فإن الأصدقاء والجيران رحّبوا كثيرًا بعودته مع العائلة.

 

 

في محطة الميناء البري بالخرطوم، المخصصة للحافلات السفرية بين العاصمة والولايات، يعمل عشرات العمال والسائقين بصورة يومية، مع نشاط قليل لا يُقارن مع ذلك الذي كان قبل اندلاع الحرب.

 

 

لم يعثر نادر، الموظف المصرفي، على الأثاثات في المنزل والمقتنيات، سوى أشياء بلا قيمة مبعثرة، وكأن اللصوص تركوا له شيئًا يعيد إليه الذكريات، يضيف هذا الرجل.

 

 

رغم ما حدث، يشعر بالارتياح داخل المنزل لأول مرة منذ عامين؛ تمكن من البقاء دون سداد الإيجار شهريًا جراء عمله في سيارة الأجرة. فالحرب دفعت ملايين السودانيين إلى ترك وظائفهم الأساسية، والبحث عن عمل لكسب العيش.

 

تمكن شبان الحي من تشغيل الإنارة في مسجد الحي اعتمادًا على الطاقة الشمسية، التي تغزو الأسواق السودانية بسبب أزمة الكهرباء، وبإمكان المواطنين الذهاب إلى صلاة العيد وتبادل التحايا بعد قرابة 25 شهرًا من النزوح وانقطاع التواصل.

 

 

يحصل المواطنون على مواد البقالة والخضروات والخبز من أسواق صغيرة صمدت خلال الحرب وتوسعت عقب استرداد القوات المسلحة للعاصمة الخرطوم. والملاحظ -طبقًا لنادر- أن أحدًا من الجيران أو سكان الحي لم يغادر لأداء شعائر الحج، بسبب الوضع الاقتصادي والأمني.

 

 

يتزود ببطارية الهاتف من محل يعمل بالطاقة الشمسية، مقابل ألفي جنيه للشحن الكامل. أما بالنسبة لخروف الأضحية، فلم يكن أولوية لعائلة عادت للتو بعد رحلة نزوح شاقة.

 

 

يقاوم العائدون إلى منازلهم بالخرطوم، أكثر المدن تضررًا من الحرب بسبب سيطرة قوات الدعم السريع على الأحياء السكنية نحو 23 شهرًا، ووقوع عمليات نهب واسعة للمنازل والبنوك والأسواق والمدارس والشركات – يقاوم العائدون قسوة الحياة وانعدام المال، جراء توقف الحياة العامة.

 

 

 

تقول العاملة في المجال الإنساني، سوسن عبد الكريم، لـ”الترا سودان”، إن النازحين الذين عادوا إلى منازلهم يستحقون الحصول على أموال نقدية من وكالات الأمم المتحدة، لبدء حياتهم من جديد.

 

 

وأضافت: “يستحقون الحصول على القليل من الأثاثات للنوم والجلوس والطبخ، وممارسة حياتهم داخل المنزل. لا يمكن أن يُتركوا هكذا دون مساعدات”.

 

ترجّح سوسن عبد الكريم عودة مليون شخص إلى العاصمة الخرطوم خلال العام 2025، دون الحصول على أي مساعدات تُذكر من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية أو الحكومة خلال فترة العودة.

 

 

 

في البيانات المتداولة للمنظمات الأممية، نزح نحو 12 مليون شخص داخليًا وخارجيًا خلال الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، بينهم 60% من مواطني ولاية الخرطوم.

 

 

أما في الخرطوم بحري، وفي حي شمبات، لم تُفَوّت تسابيح فرصة عيد الأضحى قبل أن تعيد ترتيب منزل عائلتها، ليكون لائقًا لاستقبال أول عيد خلال الحرب، والمدينة خالية من قوات الدعم السريع.

 

 

 

وللتعامل مع الكوليرا، ذكرت تسابيح لـ”الترا سودان” أنها ذهبت إلى الصيدلية، واشترت الكلور لتنقية مياه الشرب، كما تحرص على نشر التوعية باستمرار بين مواطني الحي.

 

 

لم تترك تسابيح عاداتها الراتبة، حتى بعد أن عادت من رحلة النزوح الطويلة، واللجوء إلى مصر لفترات طويلة، قبل أن تعود إلى الولاية الشمالية، ثم تختتم ذلك بالعودة إلى المنزل رفقة عائلتها.

 

 

تُضيف: “كل شيء يمكنه أن يبدو جميلًا إذا نظرتَ إليه من زاوية إيجابية، والتخلص من الطاقة السلبية.. نعم، نحن متعبون ومرهقون من الحرب، بالمقابل يجب أن نُقبل على الحياة”.

 

 

حصلت على لوح صغير من الطاقة الشمسية، تستخدم الكهرباء في شحن هواتف أفراد العائلة، وتشغيل المكيف لساعات النهار، بينما تيسر لها شبكة الإنترنت والاتصالات تصفح شبكات التواصل الاجتماعي والتواصل مع الصديقات.

 

 

تعكس تسابيح المشاعر التي تسود داخل الحي نتيجة العودة للحياة، حتى وإن كانت بطيئة. ومع استقبال أول عيد أضحى منذ اندلاع القتال قبل عامين والخرطوم خالية من الدعم السريع، يمكن مشاهدة خلو الشوارع بوضوح من المظاهر العسكرية وقوات حميدتي.

 

المصدر ألترا سودان

 

شارك هذا الموضوع

Verified by MonsterInsights