جهاز المخابرات العامة.. تحديات داخلية وخارجية

جهاز المخابرات العامة.. تحديات داخلية وخارجية
الإعلانات

(تقرير) – طلال إسماعيل

ثمة تحديات عديدة تواجه جهاز المخابرات العامة بالسودان لا تستثني القضايا الإقتصادية والسياسية والأمنية ومكافحة الإتجار بالبشر والمخدرات وعمليات الأمن الداخلي.
تلك التحديات اصطدمت بعامل التغيير السياسي في البلاد مما أثر سلبا بسحب صلاحياته في القيام ببعض المهام في تعزيز النسيج الاجتماعي بالبلاد ومحاربة النشاط الهدام وحماية الاقتصاد الوطني وتعزيز الأمن الغذائي.

تأسيس الجهاز

منذ عودة الحكم البريطاني إلى السودان بعد عام 1898 اهتمت الحكومة بالنشاط الاستخباري والأمني لمواجهة هواجس عودة المهدية المناهضة للاستعمار مما دفع بالسكرتير الإداري الإنجليزي لإنشاء جهاز للأمن تحت إدارته، وأطلق عليه اسم القسم المخصوص لمتابعة ما يسمى الأنشطة الهدامة بما في ذلك متابعة النشاط الشيوعي والنقابي.

ظل هذا القسم موجودآ وطوال حكم الانجليز وحتي عام 1958 وقبيل انقلاب الفريق ابراهيم عبود. وجاء حكم ضباط انقلاب 17 نوفمبر 1958، وبسط الجنرالات سطوتهم الكاملة علي البلاد، وتمت (عسكره) كل الوظائف الكبيرة بالوزارات والمصالح الحكومية، وأل مكتب (البوليس السري) بوزارة الداخلية بالخرطوم لمدير الشرطة (أبارو).

ثورة 1964
وجاءت ثورة 21 اكتوبر 1964، وتوجهت المظاهرات العارمة لمجلس الوزراء تطالب حكومة سر الختم الخليفة الأنتقالية بالتطهير الجذري في وزارة الداخلية، وبالفعل، خرج ابارو من الوزارة

بعد تغيير الحكم يوم 25 مايو 1969، تولى الرائد فاروق عثمان حمد الله وزارة الداخلية، وتم تعيين زيادة ساتى رئيساً للجهاز يعاونه كل من محمد أحمد سليمان وعبد العظيم محمد عبد الحفيظ وكانا مسؤولين عن العمل الميداني والعمليات.

وبعد الانقلاب الفاشل يوم 19 يوليو 1971، تم فصل الأمن الداخلي عن وزارة الداخلية تحت اسم الأمن العام الذي ترأسه عبد الوهاب إبراهيم بدرجة وزير.
أما جهاز الأمن القومي فقد نشأ أواخر عام 1969 تحت إشراف عضو مجلس ثورة مايو آنذاك وضابط المخابرات العسكرية الرائد مأمون عوض أبو زيد بمسميين أحدهما الأمن القومي والثاني الأمن العام قبل أن يدمجا عام 1978 تحت مسمى جهاز أمن الدولة.
وتعرض جهاز أمن الدولة إلي الحل عام 1985م إثر انتفاضة السادس من أبريل التي أطاحت بحكومة الرئيس جعفر نميري.
قرار حل جهاز أمن الدولة اعتبر كارثة تاريخية عرضت البلاد لمخاطر عديدة، وفق خبراء ومراقبين، وهذا ماجعل المخاوف من أن يتكرر الأمر مرة أخرى في السودان.

جهاز المخابرات العامة (سابقا: جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني) هو جهاز تم إنشائه عام 2004م وذلك من خلال توحيد جهازي الأمن الوطني الذي كان مكلفا بالأمن الداخلي والمخابرات السودانية الذي كان مكلفاً بالأمن الخارجي في جهاز واحد وتحت إدارة مدير عام واحد تحت مسمى (جهاز الأمن والمخابرات الوطني). أصدر الرئيس السوداني آنذاك عمر البشير، في 11 فبراير، قرارا جمهوريا يقضي بتعين الفريق أول مهندس صلاح عبد الله محمد صالح مديراً عاماً لجهاز الأمن والمخابرات الوطني.

وكلف اللواء وقتها الفريق أول لاحقاً صلاح عبد الله قوش بمهام المدير العام للجهاز. حيث ظل في منصبه كمدير للجهاز حتي 13 أغسطس 2009، حيث تم تعين الفريق أمن مهندس محمد عطا المولى عباس مديراً عاماً للجهاز. يعتبر الجهاز من أقوى الأجهزة الأمنية وأكثرها صرامة في التصدي لكل ما يهدد أمن السودان. وتحاط عمليات هذا الجهاز بسياج محكم من السرية ولاتنشر عملياته مطلقا.

في عام 2019، أعلن جهاز الأمن والمخابرات الوطني، تغيير إسمه إلى «جهاز المخابرات العامة»، وذلك عقب الاطاحة بنظام الرئيس عمر البشير.
تعاقب على إدارة الجهاز عدة ضباط، وفي نوفمبر 2021
عين مجلس السيادة، مديرا جديدا لجهاز المخابرات العامة، هو الفريق أحمد إبراهيم علي مفضل، وذلك خلفا للفريق جمال عبد المجيد، الذي أحيل للتقاعد.

الفريق أحمد إبراهيم علي مفضل، كان يشغل منصب نائب مدير جهاز المخابرات العامة السوداني، بقرار من رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في نوفمبر 2019.

والتحق مفضل للعمل بجهاز الأمن والمخابرات في منتصف تسعينيات القرن الماضي.

وشغل مفضل، في وقت سابق منصب مدير هيئة المخابرات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الوطني.
يواجه الجهاز تحديات كبيرة جدا، تقلصت صلاحياته في مواجهة الأخطار التي تحيط بالمجتمع السوداني، مابين مكافحة الإرهاب وتمزيق النسيج الاجتماعي وبروز خطاب الكراهية وانتشار ظواهر سالبة متعددة أبرزها المخدرات والنشاط الإجرام وتزوير العملة الوطنية وتهريب الآثار والمعادن مما يستدعي التفكير في إعادة صلاحيات جهاز المخابرات العامة دون المساس بالحريات العامة التي يخشاها السياسيون.
كما أن هنالك قضايا إقليمية ودولية تتمثل في مكافحة الجريمة العابرة للحدود والإتجار بالبشر والإرهاب و
برز الدور الإقليمي والدولي لجهاز المخابرات السوداني من خلال الورش واللقاءات الثنائية مع نظرائه فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية والتي تلقي بظلالها على الواقع السوداني.
قال مدير جهاز المخابرات العامة، الفريق أول أمن، أحمد إبراهيم مفضل، إن المخابرات السودانية من أوائل الأجهزة في المنطقة التي تنبّهت لخطورة الجوانب الفكرية في خلق القناعات التي تفضي لتبني الإرهاب والتطرف العنيف.
وأشار مفضّل، إلى أن تجربة السودان في اعتماد استراتيجية التحصين الفكري لمحاربة التطرف وسط الشباب، بدأت منذ العام 2008. وأضاف “باستراتيجيتنا الوقائية المبتكرة، نجحت المخابرات السودانية في إعادة الكثير من الشباب إلى جادة الطريق، وقلّلنا بصورة كبيرة جداً من خطر الإرهاب على المجتمعات.
وسط تلك التحديات هل يعود جهاز المخابرات العامة إلى دوره الكبير في تعزيز الأمن والاستقرار بالبلاد؟

كافة الحقوق محفوظة لدى المخبر © 2022