سراج الدين مصطفي…يكتب…(أحمد قرادة..صاحب السعادة..!!)

سراج الدين مصطفي…يكتب…(أحمد قرادة..صاحب السعادة..!!)

#رصد _السلطة

 

ذاكرة المكان .. سراج الدين مصطفى
أحمد قرادة .. صاحب السعادة !!
(١)
أراء كثيرة كتبتها حول برنامج ( أغانى وأغانى) وكنت على الدوام أكرر وأردد بأنه من أكثر البرامج التى تمارس التدمير الممنهج للأغنية السودانية .. حيث أعتمد البرنامج فى بناءه الأساسي من حيث الطرح البرامجى على اجترار كل الأغنيات القديمة بأصوات شبابية جديدة .. كان الضرر عليها أكبر من المشاركة فى البرنامج رغم أنه يحقق لهم ميزة الشهرة السريعة التى تفتقد لخواص الخلود والبقاء فى وجدان الناس .. وحينما نعاين لسجل الأسماء العظيمة من الفنانين الكبار نجد أنهم قدموا ما يشفع لهم بالبقاء فى الوجدان الجمعى .. ولكن كل ذلك لا يمنع أن نقول أن البرنامج يعد له جيدا وفى كل تفاصيله التحضيرية كما أنه يحقق خاصية المتعة والمؤانسة والإمتاع وذلك هو سبب الشغف الجماهيري الكبير بالبرنامج والذي أصبح ملمح رمضانى أصيل فى المزاج السودانى ..
(٢)
ما يجب أن يقال وبكل وضوح وبلا مواربة أن البرنامج بكلياته وتفصيلاته الدقيقة أعتمد على شخصية المعلم العظيم والمبدع الأصيل والمتفرد الراحل ( السر قدور) فهو انسان يتوافر على شخصية مختلفة ترتكز على مجموعة من الانماط والانساق الابداعية .. فهو شاعر غنائي .. كل أغنياته التى كتبها حققت نجاحا ساحقا .. كما أنه شخصية درامية .. وهذه الشخصية الدرامية والروح الطلقة والمرحة أعانته كثيرا فى تقديم برنامج اغانى واغانى كما أنه يتصف بخاصية غزارة المعلومات وهو شاهد عصر عايش وجايل كل المبدعين ..
(٣)
على المستوى الشخصي أنا فى غاية الاعجاب بالاستاذ السر القدور وأضع له تقديرا وهو بمثابة المعلم والملهم ويمثل لى مرجعية مهمة فى البحوث التوثبقية التى أقوم بها لفن الغناء فى السودان .. وما يجب أن يذكر بأننى كتبت ثلاثة مقالات صحفية بعنوان ( أخطاء السر قدور المعلوماتية) رصدت من خلالها بعض المعلومات الفنية التى افتقدت الدقة أو حتى الصحة .. والوصول لمقام كتابة مقالات حول صحة معلومات يقولها السر هي مرحلة لم أصل اليها بالساهل ولم أجد الطريق مفروشا بالورود والمعلومات المبذولة والمتاحة وانما كانت نتاج بحث وتقصي فى أمهات الكتب وجلوس طويل فى دار الوثائق السودانية.
(٤)
حينما كان الجميع مهموم بمكتبة الاذاعة والتلفزيون وما تحويه من توثيق وحفظ للذاكرة الابداعية السودانية .. كنت لحظتها أتذكر العم ( أحمد عبدالله الحاج على) الشهير فى أوساط مدينة كوستى بلقب ( أحمد قرادة) .. فهو يمثل ذاكرة فنية تمشي على قدمين .. ويماثل ذات تكوين السر قدور من حيث المعلومات الفنية .. فهو على الدوام يدهشنى بغزارة معلوماته ولعله واحد من قلائل من الذين يحفظون كلمات الأغانى بطريقة تبدو أقرب للمعجزة ..وبما أننى مهتم بفكرة التوثيق للأغنية السودانية بكل تفرعاتها من شعراء وملحنين وفنانين وحتى قصص الأغنيات لذلك تجدنى كثير الجلوس معه وأستمتع بالانس فى حضرته .. كما تجمعنى به علاقة أسرية وطيدة جدا وصلت الى درجة المصاهرة فأبنه الأكبر ( محمد) متزوج من شقيقتى الصغري ( ايمان) كما أنه أخر انسان صافح وجه أبى الراحل ( محمد مصطفى) وهو الذي لقنه الشهادة وكانت هى اخر كلماته ثم أغمض جفنيه للأبد .. لكل ذلك أضعه فى مقام ( الأب) تماما .. وشعور الأبوية هو احساس جيل كامل فى حى ازهري ومربع ٢٩ فهو يعتبر اب للجمبع فى هذه الأحياء الشعبية البسيطة.
(٥)
أذكر فى عيد الأضحى الماضي جمعتنا جلسة عفوية مع العديد من الشباب من حى أزهري فى منزل عمنا الراحل الاستاذ ( محمد عمر دولة) حيث أتفق الجميع على أن العم أحمد قرادة شخصية يمكن أن تحبها بلا أي سبب واضح .. فهو من الشخصيات التى أنعم الله عليها بالقبول بسبب الشخصية البسيطة التى تخلو من التعقيد كما أنه يتميز بمزاج معتدل وحريف جدا فى الكوتشينة مما ساهم باختلاطه مع معظم الاجيال رغم أنه يتميز ببعض ( الخرخرة) .. وأكثر ما يدهشنى فى العم أحمد قرادة أتقانه التام للعديد من اللهجات المحلية مثل لهجة الهوسا والفلاتة والدينكا فهو يتحدثها بطلاقة مدهشة رغم أصوله الجعلية المنحدرة من مدينة شندي وبما أنه عاش زمنا طويلا من فى حى أزهري فذلك كان سببا كافيا لأنقانه لهجة الفلاتة والهوسا كما أن قضى جزء عزيزا من عمره فى جنوب السودان لذلك أتقن لغة الدينكا والنوبة.
(٦)
أخيرا وليس أخرا .. يعيش العم أحمد قرادة حياة هادئة ولطيفة بين أبناءه وأحفاده تربطهم علاقة متينة بسبب أسلوبه التربوي الذي يخلو من التعقيد وروحه اللطيفة التى تشيع جو البهجة فى المنزل ورغم بساطة الحياة التى يعيشونها ولكنهم رغم ذلك فى منتهى السعادة والحب المكلل بالتقدير والأحترام.