بينما يمضي الوقت أمل أبوالقاسم

بينما يمضي الوقت أمل أبوالقاسم
الإعلانات

 

بينما يمضي الوقت
أمل أبوالقاسم
(نحن لسه فيها يا سعادتو ياسر)

قبيل أيام عندما راج خبر عن ضابطين إماراتيين ما زالا في السودان وتم تحديد موقع سكنهما قلت لأحدهم ان كان ذلك كذلك لما لم يقبض عليهما أفراد الجهاز واكتفى بمعرفة مكانهما فضلا عن إدارة صفحات إعلامية تدار من الإمارات تخدم المليشيا وغير ذلك الكثير؟ فردني بأن الجهاز ليس من صلاحياته القبض. فاستدركت ذلك واستنكرت ان الأمر ما زال ساري رغما عن ظروف الحرب التي من المفترض ان يجاز فيها اي عمل أمنى.

صحيح ان جهاز المخابرات العامة ( جهاز الأمن والمخابرات الوطني) سابقا ومع تبدل اسمه تبدلت صلاحياته أو بالأحرى جردت منه، وصحيح ان حجمت أدواره بعد تقليصه وإلغاء أهم هيئة به (هيئة العمليات) إلا انه ومع ذلك ظل يقدم خدماته في إطار محدود من واقع واجبه وما جبل عليه.

حلت هيئة العمليات وحجمت ادوار وصلاحيات الجهاز ليقتصر عمله فقط على جمع المعلومات في أكبر مجزرة تشهدها المنظومة الأمنية على الإطلاق كون الجهاز يشكل عصبها ورأس الرمح، الأمر الذي ادى لخلخلة أمنية وهوة صعب ردمها رغما عن عمل بقية المنظمومة التي انتاشتها سهام التفكيك والإضعاف كالشرطة التي اضعفت بإعفاء اغلب الكفاءات، فيما عصى الجيش الهدف الأكبر والأسمى في عملية السعى لتفتيت الأمن في السودان وبالتالى هشاشة البلاد ومن ثم الإنقضاض عليها.

فلح اصحاب الأجندة إلى حد بتفكيك جهاز الأمن والمخابرات الوطني الذي تحول لمخابرات عامة تجمع المعلومات وتحللها ورغما عن أهمية هذه الفائدة وهي بمثابة كشف استباقى إلا إن ما جرى به ظهرت تداعياته على الساحة الأمنية بصورة واضحة وما فوضى الأمن على كافة الصعد في فترة الخمس سنوات الماضية إلا جراء هذا الهتك. واذكر ونحن في صحيفة حكايات كانت لنا مصادر من بينها الأمن الاقتصادى الذين كانوا يمدونا بأخبار من صميم دأبهم اليومى بما فيها القبض على شحنة أو مطعم يستخدم فراخ نافق هذا بعيدا عن المضاربين في الوقود وضبط المحطات وغيره. تخيلوا انتشار اذرع الجهاز وقتها وتدخله في كل صغيرة وكبيرة.

اضعف الجهاز تحت سمع وبصر قادة الجيش الذين انصاعوا لطلبات قوى الحرية والتغيير وإملاءتهم بدعاوى وذرائع عدة بالتركيز على سلطة الاعتقال التي بررها إدارة الجهاز انها فرضت عليهم من رأس الدولة ولم يشفع لهم ذلك وكان بالإمكان إلغاء هذه المادة التي وللحق شوهت من سمعة الجهاز دون الإضرار ببقية المواد لكن ابت اجندتهم الا وحله وقد كان لهم ما ارادوا.

الغريب في الأمر انه وبعد حل الجهاز وتحجيم دوره قررت حكومة حمدوك إنشاء جهاز أمن داخلى بصلاحيات موازية للجهاز المحلول، وميزانية خاصة ووو… والمحير في الأمر ان من بين صلاحيات جهازهم منحه سلطة القبض والاعتقال التي استنكروها في الجهاز العام، ومن المؤكد انهم كانوا سيتشفون من خلالها ويسومون كل من لا يروق لهم ويعارضهم صنوف العذاب إسوة بما كانت تمارسه لجنة إزالة التمكين من تشفى وغيره من تنكيل.

قلت ان الجهاز تم حله بمباركة رئيس مجلس السيادة والمكون العسكرى المسؤول الأول عن الشأن العسكري والأمن وربما كان ذلك على طريقة مكره اخاك لا بطل إرضاء لجسم انتهازى ينفذ ما يملى عليه لأجندة معروفة، اما الآن وقد استدركوا خطاءهم واقروا بما اقترفت ايدهم كما تبدى في حديث مساعد القائد العام للقوات المسلحة الفريق ركن ياسر العطا خلال معايدته لمتحرك الكرامة لجهاز المخابرات العامة وقوله: (ندما ندما شديدا على التفريط في هيئة العمليات وتحجيم دور الجهاز، ورغم عن ذلك ما خذلتونا والله خجلانين منكم)

حسنا سعادتك وبما انكم استدركتم خطأكم واعترفتم به ( نحن لسه فيها) كما يقول الأخوة المصريين، وعليكم بإصدار قرار فورى تضمدون به جراح سرحوا من الجهاز وهم في قمة عطاءهم بلا ادنى ذنب جنوه سوى انهم ضحية تقاطع مصالح وقرارات جائرة تفرقوا بعدها ما بين مهاجر ومنضم لقوات الدعم السريع، وعندما نادى منادى الجهاد وبحكم تربيتهم الوطنية سارعوا مجددا للإنضمام واتخرطوا في صفوف المجاهدين دون ان يطلب منهم ذلك فالقموكم حجرا وحق لكم الخجل.

عليكم الآن سيدى بإصدار قرار يقضى بإعادتهم لسلك الخدمة لتعيدوا للوطن أمنه الذي سلب، ليس من أجلكم بل من أجل المواطن الذي هو في أشد الحاجة لمنظومته الأمنية كاملة غير منقوصة على ان تلحقوا بذلك معالجة الشرطة التي لحق بها ما لحق أيضا. المواطن والوطن في أشد الحاجة لأجهزته سيما وان تداعيات الحرب عقب انتهاءها ليس بأقل من أيام عراكها. وفقكم الله وسدد رميكم واعلموا ان جل الشعب الآن يلتف حولكم فلم يعد له ملاذ سواكم.