الجيش الكيزان… مخلب قط للتدخل المصري السافر والجائر في الشأن السوداني

الجيش الكيزان… مخلب قط للتدخل المصري السافر والجائر في الشأن السوداني

#رصد_ السلطة

بقلم/ نجم الدين دريسة

معلوم بالضرورة ان العلاقات بين الدول والشعوب تقوم عادة على مبدأ الندية.. والمصالح المشتركة والمنافع المتبادلة واحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية … لكن علاقة مصر بالسودان تبدو غريبة جدا جدا وهنا أقصد مصر الرسمية التي تنظر دوما الي السودان كدولة تابعة لها وتحت وصايتها فظلت تسعي لإخضاع السودان لسيطرتها، بل تظن ان السودان لا يعدو كونه الحديقة الخلفية الملحقة بمصر…

الحكومات التي جاءت علي سدة الحكم بمصر منذ الخديوية (الملكية) مرورا بثورة الضباط الاحرار1952م (مصر الجمهورية) ظلت تؤسس علاقاتها مع السودان بقدر حجم استغلال مياه النيل وكانت كل حكومات مصر تقف ضد اي توسع زراعي يقوم علي الري من نهر النيل وخير دليل معارضتها ووقوفها بشدة ضد قيام مشروع الجزيرة الذي كانت تعتبره مهدد لأمنها المائي لكنهم تراجعوا أمام اصرار انجلترا في انشاء المشروع لإنتاج الأقطان لمصانع النسيج بالمملكة المتحدة… وحتي الاتفاقيات التي ابرمت بشأن تقسيم مياه النيل 1929 و1959 كلها كانت مجحفة بسبب ظلم الحكومات المصرية وضعف الحكومات السودانية المدنية منها والعسكرية وما قيام السد العالي الذي أقيم علي حساب الخسائر الفادحة التي تعرض لها السودان حيث تم تهجير اهالي مدينة وداي حلفا وتم اغراق آثار الحضارة النوبية العريقة الضاربة في الجذور من اجل يقوم (سد القرن) وللأسف حتي التعويضات الشحيحة التي اتفق عليها ضنت الحكومة المصرية ولم تلتزم بها.

السلوك القبيح والوحشي الذي تمارسه الحكومات المصرية في السودان قادها لاختراق المؤسسة العسكرية في السودانية والتي كانت ولا زالت مخلب قط للتدخل المصري السافر والجائر في الشأن السوداني الداخلي وممارسة الوصاية والتعالي والغطرسة وظلت تسعي لخلق ازمات كثيرة (لا يسع المقال لذكرها) وتؤجج الصراعات لتمرير مصالحها علاوة على وقوفها الدائم والمتكرر في كل المحافل الدولية ضد مصالح السودان وعزله عن العالم.

فرضت سيطرتها على حلايب وشلاتين وابورماد عن طريق سياسة شراء ولاءات زعماء القبائل وفرضت شروطها وإملاءاتها لقاطني هذه الاراضي السودانية والتي تثبت كل الخرط والوثائق بتبعيتها للسودان ولكنه هوان حكومة الانقاذ بعد توريطها في سيناريو محاولة اغتيال حسني مبارك ومعلوم ان معد بشكل محكم بواسطة المخابرات المصرية نفسها والمؤسف ان السودان سعي لإحالة الامر لمجلس الامن وظل يجدد الدعوة لأعوام عديدة ومصر جارة السوء ترفض حتي التفاوض في الامر كأنها فقط تتصرف في اراضيها فعلا (من يهن يسهل الهوان عليه).

مصر لم تقف عند هذا الحد اقحمت السودان في صراعها مع اثيوبيا في قضية سد النهضة الاثيوبي وكل الدراسات تشير الي المنافع والفوائد التي يمكن يجنيها السودان من قيام هذا السد لا تقل من مكاسب اثيوبيا نفسها التي اقامت السد من كهرباء رخيصة وانسياب مياه يساعد في توسيع الرقعة الزراعية بالاستفادة من أكثر من 8 مليار متر مكعب من المياه كانت تذهب لمصر.. ولكن العقلية المصرية الاستعمارية ظلت تنظر الي السودانيين من خلال شخصية البواب والسفرجي النمطية وهذا ينم عن جهل فاضح بحضارة السودان العريقة وقيمه الراسخة وثقافته المترعة بالثراء والجمال …ولكن خير يرجي من وراء الدولة الجائرة التي سعت لجر السودان لحرب بالوكالة ضد اثيوبيا بسبب قضية الفشقة وهي قضية لم تكن عصية على الحل السياسي التفاوضي لا سيما وان حكومة آبي احمد مرنة جدا تجاه الحوار حول هذه القضية.

جمهورية مصر العربية تتمدد في مساحات شاسعة في السودانية زراعية ومؤسسات كالري المصري والسفارة ومنزل السفير والقنصليات على سبيل المثال لا الحصر وكل موظفي هذه المؤسسات ظلوا يأتون الي السودان من خلفيات أمنية وضباط في جهاز المخابرات.. الجارة السيئة لم تلتزم حتي باتفاقية الحريات الأربع إلا بما يحقق مصالحها وكانت دوما تخرق الاتفاقية وفرضها تأشيرات دخول السودانيين لمصر لهو خير دليل علي نكص العهود والمواثيق.. ظلت الحكومات المصرية سيئة الذكر وراء كل التدهور الاقتصادي الذي ضرب السودان حيث ظلت مخابراتهم تجوب البلاد طولا وعرضا لشراء موارد ومقدرات السودان من المحاصيل النقدية والثروة الحيوانية والذهب وتصدر للخارج كمنتجات مصرية والمؤسف كل هذه المعاملات تتم بالعملة المحلية وفي بعض الروايات بعملات مزيفة لتتهاوي عملتنا وتنزلق الي الحضيض وحتي آثارنا لم تخل من عبث هذه الجارة الضارة والأدهى و الامر ان كل هذا يتم علي مرأي من حكومة البرهان وعملاء مصر من الجنرالات الذين تركوا مهامهم الاساسية وتفرغوا لخدمة مصر السيسي ..

ما لا تعلمه مصر ان الشعب السوداني ناضج وقادر علي وقف هذا الصلف المصري لأنه انجز ثورة تعد هي الاعظم في العصر الحديث ليس بغافل عما تقوم به مصر الرسمية وظهر ذلك جليا في رسائل تروس الشمال الذين اغلقوا المعابر رأيناكم كيف تجأرون بالشكوى وهم الآن يسمعون ضجيج اعلامكم جراء هذه الحرب وسعيكم مع عملاء السودان لإعادة عقارب الساعة للوراء واجهاض ثورة الشعب ولكن هذا لا ولم ولن يحدث ولو احلتم السودان الي ركام ورماد

بلادنا زاخرة جدا بالموارد، ولكن مصابة بلعنتها.. اسعوا لخلق علاقات متكافئة وحسن جوار لان هنالك فرص لتكامل حقيقي قائم على اسس موضوعية وليس علي الاستغلال والاستغفال أن شعبنا الذي يتكئ علي حضارة هي الاعرق وصانع الثورات التي هي الاعظم قادر علي ان يتعاطى مع مصر بانتهاج سياسية تقوم علي اسس الندية والحوار التفاوضي لكل القضايا المشتركة أما استمراركم في نهجكم القديم سيقود الي سيناريوهات لا احد يمكن ان ينبأ بمدي قسوتها عليكم.