سياسي سوداني البرهان مكانه “الجنائية الدولية” وليس الأمم المتحدة

سياسي سوداني البرهان مكانه “الجنائية الدولية” وليس الأمم المتحدة
الإعلانات

#رصد _السلطة

قال المتحدث الرسمي باسم تحالف القوى المدنية المتحدة في السودان “قمم”، نجم الدين دريسة، إن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان مثقل بالكثير من الجرائم والانتهاكات بحق السودانيين، لذلك “مكانه الطبيعي هو المحكمة الجنائية الدولية وليس الأمم المتحدة”.

واعتبر دريسة، في حوار مع “إرم نيوز”، أن سماح للبرهان بالمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة “خطأ فادح”؛ لأنها بدت وكأنها تكافئه على الجرائم التي ارتكبها في السودان.

وأوضح أن البرهان أبلغ عن نفسه دوليًا كـ”مجرم” في ظل الجرائم التي يرتكبها بحق المدنيين، عندما طالب بتسجيل قوات الدعم السريع كـ”جماعة إرهابية”، في الوقت الذي تضم قواته كتائب إرهابية كـ”البراء”، التي تقتل المواطنين، وتذبحهم و”تبقر” بطونهم على أساس الهوية، لافتًا إلى أن قادة تلك الكتيبة مطلوبون دوليًا.

ولفت دريسة إلى أن أمريكا لن تصمت على تعطيل البرهان أخيرًا لرعايتها المباشرة لمفاوضات تهدف لإنهاء الحرب في السودان، مشيرًا إلى أن واشنطن استخدمت كثيرًا سياسة “الجزرة” مع البرهان، لكن بعد ما فعله أخيرًا ستستخدم “العصا الغليظة” التي سيكون لها نتائج إيجابية، وستحدث اتجاهات مهمة في السلام.

وتاليًا نص الحوار:

-كيف ترى خطاب البرهان أمام الأمم المتحدة؟

مشاركة البرهان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خطأ فادح، وكأنها تكافئه على جميع الجرائم التي ارتكبها في السودان.

كان ينبغي أن يكون البرهان مطاردًا من قبل المحكمة الجنائية الدولية، لأسباب عدة في صدارتها أنه لا يمتلك أي شرعية حتى يحضر هذا الاجتماع، فهو منقلب على الوثيقة الدستورية التي جاءت بها الثورة الشعبية، ويفتقر للشرعية منذ فض اعتصام القيادة العامة، وقيامه بالانقلاب المشؤوم في 25 أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، فضلًا عن إشعاله الحرب لإجهاض ثورة ديسمبر/كانون الأول المجيدة، والعودة إلى السلطة حتى لو على جماجم الشعب السوداني.

ومن المعلوم أن البرهان لا يمتلك قراره المقبوض عليه من “الإخوان المسلمين” الذين قاموا بهذه الحرب، ومن ثم فهو يفتقر للأهلية والشرعية، في ظل الانقلاب الذي قام به ضد السلطة المدنية، المرفوض من المجتمع الدولي والإقليمي و”الإيغاد” والاتحادين الأفريقي والأوروبي.

وعليه، فإن السماح للبرهان بمخاطبة الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورتين 78 و79 من الأخطاء الفادحة؛ لأنه يقف ضد جهود المجتمع الدولي الساعية لإيقاف الحرب، وتوصيل المساعدات الإنسانية، وسلطته تعمل على إشعال الحرب بشكل أكبر رغم ما تلقته قواته وحلفاؤها من هزائم عديدة على يد قوات الدعم السريع.

إن لا يمتلك الشرعية، وخطابه باطل، ولا يعبر عن أي شيء، في ظل ما يعرف عنه من مراوغة وكذب ونفاق، ومن ثم لم يعد حديثه مُجدياً.

-تحدث البرهان عن تعاطيه مع السلام بإنهاء ما سماه احتلال “الدعم السريع”.. كيف ترى هذا الشرط؟

إن هذا الكلام عارٍ عن الصحة، فقوات الدعم السريع لم تحتل مدنًا أو مناطق، هذه الحرب أشعلتها جماعة “الإخوان المسلمين” داخل المؤسسة العسكرية للإطاحة بثورة الشعب والعودة إلى السلطة، ولا يمكن إنهاء هذا الادعاء بـ”احتلال الدعم السريع لمناطق”.

أما السبب الحقيقي في إشعال الحرب، فهو المطالب بإصلاح المؤسسة العسكرية، الأمر رفضه البرهان وفريقه، لأن هذه المؤسسة مختطفة ومخترقة من قبل الإخوان المسلمين منذ عام 1989، التي جاءت بانقلاب مشؤوم، وظلت الكلية الحربية على مدار 3 عقود تفرغ ضباطاً ينتمون لـ”الإخوان”.

إن الجيش منذ تكوينه في عام 1925، أي قبل ميلاد الدولة السودانية بـ31 عامًا، لم يعبر عن الشعب، ولم يشهد أي تطور، وظل عرضة للاختراق والاختطاف من مجموعات عدة، منها اليسار وأخيرًا الإسلاميين، حتى بات جيشًا غير قومي، ولا يعبر عن عقيدة الدولة، بل يعبر عن مصالح بعض النخب والمجموعات، واستغل القوة المحتكرة لصالحه في ضرب المجموعات المحتجة على السلطة المركزية القابضة الخانقة منذ عام 1956، المتمركزة في الخرطوم، لتظل بقية المدن “هوامش” تعاني؛ ما ساهم في خلق حركات الاحتجاج التي اتخذت الطابع الراديكالي ضد السلطة المركزية، التي يتصدرها الجيش الذي استخدم “العصا الغليظة” في ضرب الشعوب السودانية في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.

كما استغل الجيش موارد الشعب لصالح بعض النخب، ليظل الشعب السوداني يعاني من الفقر ، لذلك فإن ادعاء البرهان بأن قوات الدعم السريع تحتل مدنًا، هو ادعاء كاذب، فكل ثكنات ومعسكرات الجيش في قلب الأحياء المدنية؛ ما جعل ساحة الحرب هي المدن.

صحيح أن الشعب السوداني يدفع ثمنًا غالياً، لكن الحديث عن احتلال قوات الدعم السريع لأحياء مدنية عارٍ من الصحة، فالذي يحتل الأحياء المدنية ويسرق بيوت المدنيين هو الجيش، وذلك بشهادة عدد كبير من أبناء الشعب، الذين قالوا إن الجيش يمارس البلطجة والنهب والسلب، لأنه غير قائم على أسس موضوعية، لذلك ندعو إلى تأسيس جيش يعبر عن تطلعات الشعب السوداني أجمع، بعيدًا عن السياسة والاقتصاد، يتمثل دوره الأساسي في حماية الوطن وأراضيه والدستور.

-هل يمكن أن يكون ما وصفته بـ”الادعاء”، محاولة للرد على اتهامات للبرهان بأنه يبتعد عن السلام ويتمسك بالحرب؟

من الواضح أن البرهان غير ملتزم بمنابر السلام، وهذا ما اتضح طوال الفترة الماضية، فقد استمر في المماطلة ووضع العراقيل لمنع الوصول إلى أي اتفاق، وهو ما حدث في الكثير من الهدن التي كان من المفترض أن يلتزم بها طرفي الصراع، لكن للأسف لم يلتزم بها الجيش الذي كان بإمكانه تمرير المساعدات الإنسانية للمدنيين، وهذا لم يحدث.

لقد تمت دعوة الجيش إلى منبر “إيغاد”، لكنه غاب بحجج واضحة في اللحظات الأخيرة؛ لأن قرار المشاركة عند “الإخوان”، وهو ما ظهر بوضوح في المنامة بحضور دولي كبير، إذ تم الاتفاق على وقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإغاثية والبدء في العملية السياسية، ووقع نائب قائد الجيش السوداني، شمس الدين الكباشي، على هذا الاتفاق، لكن تم الرفض من “الإخوان”، وأخيرًا تخلف الجيش عن تلبية الدعوة الأمريكية لمفاوضات تنهي الحرب ومعاناة السودانيين، فيما لبت قوات الدعم السريع تلك الدعوة.

أخبار ذات علاقة

-كيف ترى فحوى كلمة قائد قوات الدعم السريع باستعداده لوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات؟

معطيات خطاب قائد قوات في الأمم المتحدة، توضح أنه غير منساق وراء خطابات الكراهية والتطرف والغلو التي يعمل بها البرهان، وأنه بعيد جدًا عن لغة الانتقام والتشفي.

إن خطاب قائد قوات الدعم السريع سياسي رصين، أكد على تغليب صوت العقل والمنطق حرصًا على إنهاء معاناة السودانيين؛ إذ بدت لديه الرغبة في إنهاء المأساة الإنسانية.

لقد تناول خطاب “الدعم السريع” نقاطًا جوهرية يتصدرها وصول المساعدات ووقف الحرب، وإذا وجد هذا الخطاب أذنًا صاغية من المجتمع الدولي، فإنه سيجد عدة رؤى للحل لا تحتمل مناورات، بل تريد بناء دولة وحكم راشد، وهو ما خرج بسببه الشعب السوداني في عام 1964 ضد نظام الفريق إبراهيم عبود، وفي أبريل عام 1985 ضد الجنرال جعفر النميري، وأخيرًا ضد عمر البشير في عام 2018؛ ما يؤكد أن السودانيين حريصون على الحكم الديمقراطي المدني، وهو ما جعل قطاعًا كبيرًا من السودانيين يتعاملون معه على أنه قائد تحرر وطني.

-هل سيكون هناك تفاعل أمريكي مباشر مع البرهان لتفعيل المفاوضات التي عطلها من قبل وسط ترحيب “الدعم السريع”؟

أمريكا لن تصمت على تعطيل البرهان لرعايتها المباشرة لمفاوضات تهدف لإنهاء الحرب في السودان، فواشنطن تحاول العمل على طي ملف السودان وما يحدث فيه من حرب بشكل نهائي.

لقد وصل إلى أمريكا رسالة مفادها أن البرهان رجل لا يملك قراره، ومن الصعب الوصول معه إلى حل، علمًا أن أمريكا شريك في اتفاق سلام “جدة”، ومنبر “إيغاد”، ومن ثم لن تقبل باستمرار الأمر على ما هو عليه، خاصة أنها استخدمت كثيرًا مع البرهان سياسة “الجزرة”، لكن بعد ما فعله أخيرًا ستستخدم “العصا الغليظة” التي سيكون لها نتائج إيجابية، وستحدد اتجاهات مهمة في السلام.

-إلى أي مدى سيعمل البرهان على تسويق نفسه في نيويورك على أنه صاحب دور في التعامل مع الأزمة السودانية؟

البرهان لا يستطيع أن يقنع أحداً بأنه الشخص القادر على معالجة الأوضاع في السودان، ومن سوء أقدار السودانيين وقوفهم أمام أسوأ قائد جيش في فترة دقيقة للغاية.

لقد ارتكب البرهان عددًا كبيرًا من الموبقات، جرائم حرب ضد الإنسانية، العالم شهد صورة الضحية “حليمة” التي تنحدر من زالنجي وسط دارفور، التي كانت تقطن مع خالتها وهي طالبة، وكيف استطاع البرهان استغلالها، وقام باغتيال خالتها في صورة تعبر عن وحشيته.

-ما وراء سعي البرهان بتسجيل “الدعم السريع” كجماعة إرهابية؟

حديث مضحك، الإرهابيون كلهم يحاربون في صفوف البرهان بشكل علني، من لديهم جرائم حرب وقتل وسلب وسجلات حافلة بالانتهاكات، وقيادات من هذه الكتائب مطلوبة أمام “الجنائية الدولية”، وهو بذلك يقوم بالإبلاغ عن نفسه “دوليًا”.

هناك معايير موضوعية لتصنيف الجماعات الإرهابية دوليًا، ومن المعروف أن “الدعم السريع” قوات تأسست بموجب القانون، وهي الآن لم تخض هذه الحرب إلا للدفاع عن نفسها وإبطال السلاح الذي رفع في وجهها غدرًا، في حين يقاتل مع صفوف الجيش عدد كبير من كتائب الإسلاميين كـ”البراء بن مالك”، وأخرى معروفة بكونها إرهابية لما ارتكبته من جرائم حرب وقتل المواطنين وذبحهم و”بقر” بطونهم على أساس الهوية، ومن ثم جميع ممارساتهم تنم على أنهم مجموعات إرهابية