عودة قيادات النظام السابق للسودان.. جدل واسع وتساؤلات

عودة قيادات النظام السابق للسودان.. جدل واسع وتساؤلات
الإعلانات

رصد_ السلطة

أثار ظهور عدد من الشخصيات البارزة من النظام السابق في السودان جدلاً واسعاً وتحليلات متعددة حول معاني هذا الظهور وتوقيته، خاصة في ظل تصاعد التوترات العسكرية والسياسية في البلاد. يأتي هذا في وقت حساس حيث يسعى العديد من الأطراف إلى إعادة ترتيب الأوضاع في ظل الأزمات المستمرة.

في حدث لافت، ظهر أحمد عباس، الوالي السابق لولاية سنار والقيادي في الحركة الإسلامية، إلى جانب الفريق شمس الدين كباشي، نائب القائد العام للجيش، في منطقة جبل موية يوم الاثنين. هذا الظهور يعكس تفاعلات جديدة في المشهد السوداني، حيث تتزايد التساؤلات حول الأهداف وراء هذه اللقاءات.

في نفس اليوم، وصل إبراهيم محمود، رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول، إلى بورتسودان، حيث حظي باستقبال حار وعلني. هذه الأحداث تشير إلى إمكانية إعادة تشكيل التحالفات السياسية في البلاد، مما يثير القلق حول مستقبل السودان في ظل الظروف الراهنة.

جدل واسع

أثار هذا الظهور جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد أن قام راديو دبنقا بنشر سؤال حول هذا الموضوع على صفحته على فيسبوك، يوم الثلاثاء الماضي.

بلغ عدد المشاركين في الاستفتاء حوالي 48,675 شخصًا، مع تسجيل 5,925 تفاعلًا متنوعًا، وحوالي 527 إعجابًا، وقرابة 468 تعليقًا.

تباينت وجهات النظر بين المؤيدين والمعارضين، مما يبرز درجة الاستقطاب الموجود في الشارع السوداني تجاه أي إجراء يتخذ من قبل قيادات النظام السابق.

بينما أظهر بعض المستخدمين دعماً غير مشروط لظهور أحمد عباس وإبراهيم محمود، معتبرين أن هاتين الشخصيتين لا تزالان جزءًا من النسيج الوطني، اعتبر آخرون أن ظهورهما يسعى لإحداث الفوضى وإعادة إنتاج النظام القديم بوسائل جديدة.

 

وجهة نظر داعمة

بعض المعلقين يرون أن القيادات الإسلامية، وعلى رأسهم أحمد عباس، يعبرون عن موقف “وطني” للدفاع عن السودان، مع رفضهم لأي اتهامات بمحاولة استعادة السلطة.

كتب عبدالجليل إبراهيم قائلاً: “ليس هناك عائق لظهورهم، فهم مواطنون لا يتمردون على الدولة، وبالتالي لهم الحقوق والواجبات التي يمتلكها كل مواطن سوداني.”

واتخذ هيثم علي نفس الموقف وأكد على أهمية التعامل مع هذه الشخصيات وفقًا للقانون، مضيفًا: “إذا كان هناك ما يدينهم، يجب على الجميع اللجوء إلى القضاء، وإلا فمن حقهم الظهور طالما أنهم لم يخالفوا القانون”.

واتفق معه في الرأي أصحاب زكريا، واصفين ظهورهم بجوار كباشي بأنه تجسيد للوطنية والدفاع عن الوطن.

أما ود المبروك الرباطابي فقد شدد على أن هذا الأمر ليس غريباً، إذ أن “الوالي دائماً كان في الصفوف الأمامية للدفاع عن الوطن”.

 

وجهة نظر معارضة

من ناحية أخرى، وجه المعلقون اتهامات لهذه القيادات باستغلال النزاع من أجل زيادة سلطتهم السياسية.

 

علق صالح علي قائلاً: “من الواضح أن المؤتمر الوطني هو الذي يقف وراء تصعيد الحرب، وظهور قياداته يدل على أنهم يسعون لاستعادة السيطرة على السلطة.”

عبّر عاطف عبد الفضيل عن نفس الرأي، حيث قال: “الحرب هي حرب الكيزان، هم من بدأوها وهم من يحفزون على استمرارها”.

أما حمودة محمد فقد اعتبر هذا الظهور “تمهيدًا للعودة إلى الحكم بعد أن تتوقف الحرب التي أشعلوا بدايتها”، وأشار إلى أن قيادات الإسلاميين تحاول إرسال رسالة إلى الثوار مفادها أنهم يتولون التحكم في مجريات الأمور.

اعتبر خالد محمد البشر أن “عودة المؤتمر الوطني للسلطة من خلال الجيش” هي الهدف وراء هذه التحركات، مشيراً إلى أن الأيام القادمة ستشهد تصعيداً إضافياً ضد المواطنين.

يتماشى هذا التحليل مع ما أشار إليه محمد عبدالرحمن بأن ظهور إبراهيم محمود في بورتسودان لم يكن مفاجئًا، حيث أوضح أن “وجودهم في الصفوف الأمامية يظهر استمرار نفوذهم، وهم يحاولون إيصال رسائل سياسية على مستويات متنوعة.”

 

محاولة تسييس الجيش

عبّر عدد من المعلقين عن قلقهم من تأثير هذه التحركات على نزاهة الجيش.

أشار جمال أحمد الشيخ إلى هذه النقطة، معتبرًا أن هذه الخطوة تعتبر جزءًا من الجهود الرامية للسيطرة على الجيش وتوجيهه لخدمة أهداف حزبية.

وأضاف الشيخ أن “هذه التحركات تهدف إلى إعادة الجيش إلى دوره السياسي السابق، مما يهدد بحدوث انقسامات داخل المؤسسة العسكرية”.

في المقابل، اعتبر بحر الدين السفير أن هذا الظهور يبرز أهمية الحفاظ على موقف الحياد الذي اتخذته بعض القوى السياسية والحركات المسلحة.

 

الرسائل الصوتية

تحدث أحد المعلقين في رسالة صوتية ضمن مجموعات دبنقا على تطبيق واتساب عن أن ظهور قيادات المؤتمر الوطني، مثل أحمد عباس، يعكس إحساسًا وطنيًا، معتبرًا أن تصرفات قادة النظام السابق هي بمثابة محاولة لحماية الوطن في ظل الأوضاع الصعبة.

أشار إلى أن الأفعال التي قامت بها “القوات الغازية”، في إشارة إلى الدعم السريع، من اعتداءات وسرقات واختطاف هي ما يحفز هذه الشخصيات على التحرك في الوقت الحالي.

رأى معلق آخر أن قيادات الحزب المنحل يعتقدون أن الحرب قد انتهت، ويسعون الآن للعودة إلى الساحة السياسية كي يحصدوا “ثمار ما أنجزوه خلال فترة الحرب”، وفقًا لما قاله.

وأشار إلى أن تصريحات بعض نشطائهم مثل محمد الشكري وندى القلعة ضد الثورة والثوار تُظهر أنهم يعتبرون أنفسهم في موقع انتصار ويحق لهم التفاخر بذلك.

اعتبر نصر الدين يوسف أن هذا الظهور يُعتبر استفزازاً للشعب، محذراً من أن هذه الخطوة قد تعيد السودان إلى حلقة الصراع السياسي الذي أشعلته الحركة الإسلامية منذ سنوات، وطالب بتشكيل جبهة واسعة لوقف الحرب.