في حوار ساخن.. المتحدث الرسمي باسم «تقدم» بكري الجاك.. يدلي بمعلومات

في حوار ساخن.. المتحدث الرسمي باسم «تقدم» بكري الجاك.. يدلي بمعلومات
الإعلانات

 

رصد: السطلة

 

مع تزايد حدة القتال وارتفاع أعداد النازحين وانعدام الأمل في حل الأزمة، تزداد المخاوف من أن ينزلق السودان نحو “صراع عرقي وإثني”، مما سيجعل عملية التعافي الاجتماعي صعبة للغاية.

 

في مقابلة مع “العين الإخبارية”، حذر المتحدث الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، بكري الجاك، من تحول طبيعة الصراع في السودان نتيجة تأثير بقايا نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، مما قد يؤدي إلى دفع البلاد نحو “الفوضى الشاملة”.

 

وفقاً للجاك، فإن “حرب الجنرالات لا تهدف إلى مصلحة السودان بل تهدف إلى إنهاء ثورة ديسمبر 2018 وإسقاط أي تغيير مدني في البلاد. كما أن الإعدامات الميدانية في مناطق سيطرة الجيش تُعتبر جزءاً من هذا المخطط”. وأضاف أن الحل العسكري ليس خياراً متاحاً في الوضع الحالي لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد.

 

 

 

وفيما يتعلق بطرق إنهاء الصراع، يرى “الجاك” أنه “لا يوجد بديل سوى الضغط الدبلوماسي والشعبي والجهود المبذولة من قبل الوسطاء والدول الإقليمية”.

 

بقايا النظام القديم

 

أدان الجاك “الإعدامات الميدانية”، واعتبرها تأكيداً لما كنا نقوله منذ البداية؛ حيث أن “جزءاً من أهداف هذه الحرب هو إحباط مشروع التغيير المدني الديمقراطي وتصفيّة ثورة ديسمبر من أذهان الشعب السوداني، وتحويلها إلى ما يشبه الكارثة”.

 

وأضاف الجاك: “إن عمليات استهداف الشباب والنشطاء المدنيين في مناطق سيطرة الجيش تُعتبر دليلاً جديداً وتوضيحاً مباشراً على ما كنا نؤكد عليه، وهو أن الهدف الاستراتيجي لمجموعات بقايا النظام القديم هو القضاء على مشروع الثورة والتغيير”.

 

وتابع: “من المدهش أنه لا يوجد إدانة من الجماعات المتحالفة مع الجيش السوداني التي ترى أن هذه حرب خارجية تستهدف السودان، فلم نسمع منهم أي تصريح يرفض هذا السلوك. وللأسف، انخرطت العديد من المجموعات في الدفاع عن فكرة الوطن believing أن هذه حرب تستهدف السودان، وهؤلاء سيكونون أول ضحاياها”.

 

تصفية المتحالفين

 

وأضاف: “عندما يتمكن هذا النظام ويستقر، سيبدأ في تصفية حلفائه الحاليين فيما يُعرف بمعركة (الكرامة). إن خطورة هذا الأمر ستؤدي إلى تفتيت أكبر في المجتمع وتؤخر مشروع التعافي الاجتماعي الذي يعتبر ضرورياً لتحقيق الأمن والسلام. حتى لو تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار وبدأت عملية سياسية لإعادة بناء الدولة، فإن هذه القضية ستخلق احتقانات ومظالم جديدة. وللأسف، لم نشهد رد الفعل القوي اللازم للوقوف ضد هذا السلوك، ولا إدانته، ولا للتطبيع أو المصالحة معه”.

 

أفادت تقارير صحفية وبيانات من القوى السياسية سابقاً، أن أفراد الجيش السوداني ولواء “البراء بن مالك” المتحالف معه قاموا بإعدام عشرات الشباب ميدانياً بتهمة التعاون مع قوات “الدعم السريع” في منطقة “الحلفايا” شمال مدينة بحري.

 

 

سرعان ما دعا خبير حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، رضوان نويصر، إلى إجراء تحقيق مستقل في حالات الإعدام الميداني التي طالت الشباب في مدينة بحري. ولم يصدر أي تعليق من الجيش على هذه التقارير حتى الساعة التاسعة صباحًا بتوقيت غرينتش.

 

الصراع الاجتماعي الثقافي

 

فيما يتعلق بتقييمه لزيادة خطاب العنصرية والكراهية وامتداد أنشطة عناصر نظام عمر البشير المخلوع في القضاء على الخصوم ومواجهة القوى المدنية، أشار الجاك: “قلنا منذ اليوم الأول لبداية الحرب إن الصراع لن يتوقف عند التصنيفات الضيقة، مثل كونه صراعًا بين جنرالين أو مؤسستين حول السلطة والثروة ومحاولة الهيمنة والاستيلاء على مؤسسات الدولة، كنا قد ذكرنا أن الصراع سيتحول بالضرورة إلى أبعاد اجتماعية وثقافية وإثنية، وهذا ما حدث بالفعل”.

 

وأضاف: “في الوقت الحالي، أصبح خطاب الكراهية حاجة ملحة للجانبين في سياق التعبئة والتحريض.حاول الإسلاميون استخدام خطاب الجهاد والكرامة، لكنه لم يحقق أي فائدة، والسودانيون في الوقت الحالي لا يتأثرون بالعقيدة.”

 

أكد أن السبب الرئيسي للصراع في السودان هو المكونات العرقية والإثنية ومحاولة وصف كل طرف على أنه ليس سودانيًا، مما أدى إلى نوع من التجييش. وللأسف، تم توفير البيئة لعودة مجموعة من التنظيمات الإرهابية المرتبطة بالنظام السابق، ونشهد تصفيات للمدنيين. هذه القضية مستنكرة بالفعل، لكن ما يثير القلق هو مستقبل السودان.

 

الفوضى الشاملة

 

وأضاف: “إذا استمرت هذه الحرب وعادت هذه الميليشيات التي جلبت مجموعات جديدة في ظل حالة اليأس وغياب الأمل السياسي والتفكير العقلاني والموضوعي، فلا أستبعد أن يصبح هذا هو النمط اليومي للحياة في السودان، حيث يملك كل شخص سلاحًا ويأخذ حقه بنفسه ويحدد من الجاني ومن المذنب”.

 

وأضاف: “شخص يمتلك بندقية أصبح قاضياً ومفتشاً لضمائر الآخرين للأسف، فإن هذا يعد تراجعاً نحو الفوضى الكاملة واحدة من تجليات هذا الصراع في نهاياته أو في إحدى مراحله هي مسألة مقلقة.”

 

وأكد أن صوت العقل ينصح الناس بتجنب الانزلاق إلى هذا المستوى من التفسخ الاجتماعي والثقافي، والتفكير في كيفية إنهاء الحرب التي تغذي استمرار هذا النوع من الصراعات الجزئية ضمن صراع أكبر.

 

انتصار عسكري حاسم

 

وفيما يتعلق بامتداد فترة الحرب وزيادة معدلات النزوح والجوع، وسؤال إمكانية انتهاء الصراع بانتصار عسكري حاسم لأي من الأطراف المتنازعة، قال الجاك: “لا أعتقد ذلك، وتجربتنا مع الصراع المسلح في السودان منذ عام 1955 تعلمنا الكثير. فحتى عندما كانت الدولة في ذروة قوتها ولديها جيش منظّم وقادر، لم تتمكن من إنهاء أي من الحروب الأهلية في جنوب السودان ولا في دارفور، بل اضطرت للجلوس إلى طاولة المفاوضات وقبول اقتسام السلطة والثروة في جميع المحاولات التي تمّت.”

 

وأضاف: “في رأيي، الاعتماد على النصر العسكري أصبح مجرد تهديد لفكرة بقاء السودان موحدًا، فالحرب لم تعد تسير كما بدأت في 15 أبريل 2023، وأي صراع يبدأ يؤدي إلى ظهور تحركات جديدة ومختلفة.”

 

وأضاف: “لم تعد طبيعة الصراع في السودان كما الأسماء التي يُستخدمُها البعض حالياً مثل (الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع).”

 

 

انقسمت البلاد عرقياً وإثنياً، وتم استغلال الحشد القبلي، ومن الصعب التنبؤ بقدرة أي طرف على الحسم العسكري. حتى لو نجح أحد الأطراف في تقليل تأثير الآخر، ستظل البلاد تعاني من صراع عرقي وإثني، وسيكون التعافي الاجتماعي أمراً صعباً. لذلك، لا أرى أن الحل العسكري ممكن حالياً لتحقيق السلام واستقرار البلاد.

 

الضغط الدبلوماسي والشعبي

 

وفيما يتعلق بطرق تحقيق وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سلمي وتحقيق التحول المدني الديمقراطي، أشار المتحدث الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) إلى أنه “لا يوجد بديل للضغط الدبلوماسي والشعبي، بالإضافة إلى الجهود من قبل الوسطاء والمحاور الإقليمية”.

 

وقال: “هناك مجموعة من القضايا العالقة، بعضها يتعلق بانعدام الثقة واعتقاد الطرفين بإمكانية تحقيق انتصار عسكري. كما أن هناك مخاوف وطموحات لكل طرف بشأن السلطة والمحاسبة. إذا لم تحظ هذه القضايا بنقاش كافٍ من قبل الوسطاء وتشكيل معادلة مقبولة لكلا الطرفين، اعتقد أنه سيكون من الصعب التوصل إلى وقف لإطلاق النار”.

 

وأضاف: “هناك أدوات متوفرة للوساطة دوليًا وإقليميًا، ويمكن الفاعلون السودانيون أن يلعبوا دورًا في رفض الحرب بشكل عام، وعدم الانسياق وراء روايات الحرب قد يشكل ضغطًا على الطرفين، خصوصًا أن الحرب تفتقر إلى المشروعية”.

 

وأضاف: “المسألة أصبحت معقدة وتتطلب جهداً كبيراً، لكن مع حالة الانقسام والخوف الواسع الذي يسيطر على الناس، وهو السبب الرئيسي في تفكيرهم، أصبح من الصعب الاعتماد على عامل داخلي للضغط على الطرفين؛ ولكن هناك عوامل خارجية قد تكون ممكنة”.

 

الحصول على أسلحة جديدة

 

وفقاً للجاك، فإن “الأطراف المتصارعة حصلت على أسلحة جديدة، وما زالت تستفيد من تصدير الذهب، ولديهما القدرة على شراء أسلحة من روسيا والصين، بالإضافة إلى دعم إيران لأحد الأطراف”.

 

تعتبر قضية تجارة السلاح، بحسب الجاك، “لقد تحدث العالم رسميًا عن مقاطعتها، ومع ذلك توجد لها أسواق غير قانونية ووسائل متنوعة، خاصة في دولة واسعة مثل السودان التي تنفتح على العديد من الدول التي تعاني من عدم الاستقرار”.

 

وأوضح: “من الصعب القول بأن الأطراف المتحاربة غير قادرة على الحصول على صفقات من السوق السوداء وأسواق أخرى”.

 

وأضاف قائلاً إنه من المؤسف جداً أن تواصل إمدادات الأسلحة للطرفين في ظل استمرار حالة عدم الثقة والاعتقاد بأن أحد الأطراف قد يحقق نصرًا عسكريًا حاسماً أو شبه حاسم، مما يخلق إرادة سياسية تعزز من استمرار الحرب لفترة أطول. ومن المعلوم أن استمرار الحرب يعني نزوح وتشريد المزيد من المدنيين وتوسع نطاق النزاع.

 

وأشار: “للأسف، كلما توسع الخلاف وتعقد، يصبح من الصعب إيقاف النزيف والوصول إلى مناطق جديدة لم تصلها الحرب بعد”.

 

رفض التفاوض السلمي

 

فيما يتعلق بإعلان قيادات الجيش السوداني في عدة مناسبات أنهم لن يجلسوا للتفاوض، وكذلك إعلان قوات الدعم السريع مؤخراً نفس الخطوة، وطلب إمكانية وجود خطة أو وسيلة للضغط على الجانبين لاستئناف التفاوض، قال الجاك: “قوات الدعم السريع بعد التصعيد الأخير في الخرطوم قررت وقف التفاوض، لأنها منذ بداية الحرب كانت تؤكد باستمرار أنها مع الجلوس للتفاوض بغض النظر عن آراء الناس وشكوكهم في النوايا، لكنه كان الموقف الرسمي المعلن.”

 

وأضاف “حالياً، يرفض الطرفان التفاوض، لكن هناك ثلاثة أدوات متاحة للمجتمع الدولي والإقليمي يمكن استخدامها: الجهود الدبلوماسية، وآليات القانون الدولي الخاصة بحظر الأسلحة، والضغط على الأطراف من خلال فرض العقوبات. ومع ذلك، لم تؤد هذه الإجراءات إلى أي نتائج، حتى بعد فرض عقوبات على بعض القيادات في المؤتمر الوطني والقوات المسلحة وبعض الشركات التابعة لمنظومة الصناعات الدفاعية، بالإضافة إلى فرض عقوبات على شركات ترتبط بآل دقلو، وهذا لا يعني أنها ستوقف الحرب في ظل استمرار تدفق الأسلحة.”

 

الأدوات الدبلوماسية والشعبية

 

فيما يتعلق بمستقبل الأزمة، أشار المتحدث باسم “تقدم” إلى أنه “من الضروري أن يمتلك العالم إرادة موحدة ويستخدم الأدوات الدبلوماسية والشعبية وأدوات الضغط الدولي لإجبار الطرفين على الالتقاء والتفاوض.”

 

ما لم يحدث ذلك، أعتقد أن الأمر يتوقف على السودانيين، وينبغي أن يكون هذا هو محور العمل. علينا كسودانيين أن نفكر في كيفية مواجهة الحرب وهزيمتها وإجبار الأطراف على الجلوس للتفاوض، لأنه لا يوجد حل عسكري قريب. وإذا وُجد، فسيكون ذلك على حساب الأجيال القادمة كما حدث في الصومال.

 

وأضاف: “الذين وُلِدوا عام 1989 مع انهيار الصومال قد تخطوا الآن الأربعينيات، وكانت حياتهم مليئة بالصراعات، ومن الضروري أن نعمل على تجنيب أطفال السودان مصيرًا مماثلًا”.

 

منذ منتصف أبريل 2023، يتصارع الجيش السوداني مع قوات “الدعم السريع” في حرب أسفرت عن مقتل حوالي 20 ألف شخص، بالإضافة إلى نزوح أكثر من 14 مليون فرد ولاجئ، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة.