علي كرتي والطاهر التوم يدعوان إلى فصل دارفور كما فصلوا الجنوب

علي كرتي والطاهر التوم يدعوان إلى فصل دارفور كما فصلوا الجنوب
الإعلانات

علي كرتي والطاهر التوم يدعوان إلى فصل دارفور كما فصلوا الجنوب بيد تنظيمهم الاجرامي

متابعات-السلطة نت

كتب صلاح أحمد

لم يكن مفاجئًا أن يُسرّب من اجتماع مغلق لعلي كرتي – الأمين العام للحركة الإسلامية – حديث صريح عن انفصال دارفور، بوصفه “مخرجًا بالحسنى” كما وصفه، على غرار ما حدث مع جنوب السودان في عام 2011. هذا التصريح ليس شطحة عابرة، بل امتداد مباشر لعقيدة فكرية لطالما حملتها الحركة الإسلامية، عقيدة لا تعترف بالدولة الوطنية الحديثة، بل ترى فيها منتجًا علمانيًا غربياً، لا ينسجم مع حلمها القديم: “الخلافة الإسلامية” على أنقاض الأوطان.

وإذا كان الطاهر التوم – عضو مكتب التنسيق الإعلامي للحركة الإسلامية – قد أكد المعنى ذاته بقوله إن انفصال دارفور قد يكون الثمن الضروري لوقف نزيف الدم، فإن ما نراه هنا هو تكرار مفضوح لنفس السيناريو الذي نفذته الجبهة الإسلامية حين ضحّت بالجنوب، فقط لتصفية البلاد من تنوعها، ولإعادة صياغة دستور أحادي يجعل “الشريعة” هي المصدر الوحيد للتشريع، والدولة قوقعة ضيقة لمشروعهم العقائدي، لا تسع غيرهم.

لقد بشّر عمر البشير بذلك صراحة في القضارف، قبيل الانفصال، قائلاً إن ذهاب الجنوب سيمكّنهم من “تنظيف الدستور من العبارات المدغمسة”، أي كل ما يعترف بالتعدد والتنوع وحقوق المواطنة المتساوية. فالشريعة بنسختهم، والدولة بلغتهم، لا تعني الإنصاف، بل الإقصاء والتديين السلطوي.

الإسلاميون لا يرون في السودان وطنًا للجميع، بل منصة لتنفيذ مشروعهم، ومن لا يدخل ضمن هذا المشروع يجب أن يُستبعد، أو يُقصى، أو يُفصل، أو يُدفن. ولهذا، فإن الحرب التي أشعلوها في 15 أبريل ليست سوى أداة لإعادة هندسة البلاد ديموغرافيًا وسياسيًا، بحيث يُفصّل السودان على مقاسهم: دولة طاهرة من “الدنس” كما يدعون، ومن التنوع، ومن أي صوت لا يُبايع تنظيمهم بقيادة كبير الحرامية الذي سرق ٩٩ قطعة عيانا جهارا.

منذ انقلاب 1989، ظل مشروعهم يتكشف ببطء، لا كحلم ببناء دولة، بل كرغبة في امتلاكها وتحويلها إلى غنيمة، للنهب والسرقة. لا يعرفون التسويات، ولا يقبلون التدرج، بل يسيرون وفق عقيدة حاسمة: “نحن أو لا أحد”. مشروعهم لا يرى العالم رماديًا، بل إما أبيضًا على مقاسهم، أو أسودًا يجب محوه.

الحرب بالنسبة لهم ليست مأساة وطنية، او كارثة ألمت بالشعب، بل فرصة تاريخية: فرصة للتصفية، وإعادة التمكين، وبناء نسخة جديدة من نظامهم، أكثر توحشًا، وأكثر عنصرية، وأشد تسلطًا. إنهم لا يحكمون إلا وسط الخراب، ولا ينتصر مشروعهم إلا فوق الجثث والأنقاض.

إن المقاومة الحقيقية لهذا المشروع لا تكون بإيقاف الحرب فقط، بل بإيقاف ماكينة الخراب التي أعادتهم للمشهد. لابد من تجفيف منابع الخطاب الأحادي، ومحاسبة من مزّق الوطن باسم الدين، وفضح كل من يواصل التستر خلف شعارات الوطنية، ليمنع الوطن من أن يكون وطنًا للجميع.

السودان لا ينهض، ما لم يُسمّى الجرح باسمه، والمجرم بعنوانه، والخراب بأصله: الحركة الإسلامية، لا غير.

 

 

شارك هذا الموضوع :

Verified by MonsterInsights