مقترح التحالف مع الحوثيين آخر سهم في كنانة الاسلاميين

مقترح التحالف مع الحوثيين آخر سهم في كنانة الاسلاميين
الإعلانات

دعوة خطيرة على الهامش: حين يقترح إسلامي سوداني التحالف مع الحوثي

متابعة-السلطة نت

بقلم – م. فؤاد عثمان عبدالرحمن
رئيس حزب المؤتمر السوداني بشرق أفريقيا

بينما يشتعل الإقليم بالمخاطر، ويتسابق الفاعلون الإقليميون والدوليون لحماية أمن البحر الأحمر، خرج علينا أحد رموز التيار الإسلامي في السودان، الدكتور ناجي مصطفى، بدعوة صادمة يطالب فيها الجيش السوداني بالتحالف مع الحوثيين رفقة قوي أخرى ، كرد فعل على تصعيد قوات الدعم السريع في شرق السودان.

تبدو هذه الدعوة، للوهلة الأولى، نشازًا في لحظة سياسية تتطلب التعقل والحكمة. لكنها في جوهرها ليست سوى امتداد لمغامرات الإسلاميين السودانيين التي ورّطت البلاد لعقود في صراعات إقليمية ودولية، وأهدرت مواردها، وزرعت بذور الفشل والانقسام.

حين يحذر الصومال من الحوثي… ويقترحهم إسلاميو السودان كحلفاء

قبل أيام قليلة فقط، نشر الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود مقالًا لافتًا في صحيفة “الشرق الأوسط”، تناول فيه الترابط المتصاعد بين جماعات إرهابية في البحر الأحمر وخليج عدن، على رأسها الشباب، والحوثيون، وداعش، مؤكدًا أن تلك الجماعات باتت تتبادل الأسلحة والخبرات، وتنسق سرًا ضد دول المنطقة، بما فيها السعودية والصومال.

دعوة الرئيس الصومالي لم تكن نابعة من حسابات سياسية ضيقة، بل من إدراك عميق أن أمن البحر الأحمر ليس شأناً داخليًا، بل قضية إقليمية تهم الدول المشاطئة كلها. وفي هذا السياق، أكد دعم بلاده للمملكة العربية السعودية في مواجهة الحوثيين، وفضح العلاقة بين الحوثي والجماعات المتطرفة.

في المقابل، تأتي دعوة د. ناجي مصطفى لتحالف سوداني–حوثي كأنها تقول: “فلنرتمِ في حضن الجماعات نفسها التي يحذر منها جيراننا، ولننقلب على ما تبقى من توازن هش في الإقليم”.

التاريخ يعيد نفسه… ومشروع الإسلاميين ما زال خطرًا

هذه الدعوة ليست معزولة عن نمط قديم من سلوك التيار الإسلامي في السودان: الاستثمار في الفوضى، واللعب بالنار الإقليمية لتحقيق مكاسب داخلية. فعلوها من قبل حين تورط السودان في ملفات الإرهاب، وفي التحالفات التي جعلته منبوذًا ومعاقبًا دوليًا، وها هم يعيدون الكَرّة، حتى ولو أدى ذلك إلى صدام مباشر مع دول الخليج، أو إلى تحويل السودان إلى ساحة لتصفية الحسابات الدولية.

في لحظة يسعى فيها العقلاء لإيقاف الحرب، وتثبيت حدٍّ أدنى من الإجماع المدني على وحدة السودان ومستقبله، تخرج مثل هذه الدعوات لتنسف كل إمكانية للتعافي، وتطرح مشروعًا مدمِّرًا باسم الاصطفاف الأيديولوجي.

ما نحتاجه الآن ليس الاصطفاف بل العزل السياسي للمغامرين

إن دعوة التحالف مع الحوثي لا تخدم الجيش، ولا تخدم السودان، بل تُحرج الجميع، وتعيد إنتاج خطابات الحرب الباردة في لحظة يحاول فيها السودانيون بكل مشاقهم أن يُنهوا الحرب لا أن يوسعوا ساحاتها. بل تُقدِّم مادة خصبة لأي مشروع يرغب في شيطنة السودان أو عزله إقليميًا.

لهذا، من واجب القوى المدنية الديمقراطية، وتيارات إيقاف الحرب، أن ترفض هذه الدعوة علنًا، وتفكك خطابها، وتُحمِّل أصحابها المسؤولية الأخلاقية والسياسية عمّا يمكن أن تجره على السودان من ويلات جديدة.

الخاتمة:

بين دعوة رئيس الصومال لحماية البحر الأحمر، وتحذيره من الجماعات الإرهابية، وبين دعوة د. ناجي مصطفى للتحالف مع بعضها، تتضح الفوارق بين من ينشد الاستقرار، ومن لا يتورع عن زج السودان في أتون مغامرات جديدة.

إن حماية البحر الأحمر لا تكون بالتحالف مع من يهدد استقراره، ووقف الحرب لا يتحقق عبر جرّ الجيش إلى محاور إقليمية متصارعة. بل بتحييد السودان، واستعادة المسار المدني، ومحاسبة كل من يرهن حاضر السودان ومستقبله من أجل حلم العودة إلى السلطة.

 

 

شارك هذا الموضوع :

Verified by MonsterInsights