الحرب تدمر مراكز الفنون السودانية وتبدد الإرث التاريخي.

الحرب تدمر مراكز الفنون السودانية وتبدد الإرث التاريخي…
الخرطوم – السلطة نت
تعد مراكز الفنون وجوه التراث السوداني ومرآة هويته الثقافية، فضلاً عن أنها تمثل أماكن استثنائية تجمع بين الإلهام والترفيه، وعلى رغم تراكم حجم الإهمال والتردي سنوات عدة، فإنها تمكنت من الصمود في وجه الأزمات والكوارث بكامل مقتنياتها أو بجزء منها في الأقل، وصولاً إلى الحرب التي اندلعت في أبريل 2023، وتسببت في أضرار بالغة بهذه المواقع وبعضها لا يزال في مرمى الخطر.
وفي الخرطوم، حيث انطلقت شرارة الصراع المسلح، تعرضت المسارح ومراكز الفنون للتدمير وسرقة آلات موسيقية تقدر قيمتها بآلاف الدولارات، فضلاً عن صور نادرة لممثلين وفنانين عرب وأجانب زاروا العاصمة، إلى جانب أسطوانات لأفلام تاريخية، وتسجيلات لحفلات غنائية ومهرجانات دولية.
تخريب ونهب
وتعرض مقر اتحاد المهن الموسيقية السوداني في أم درمان للتخريب والنهب، إذ قامت مجموعات مسلحة بسرقة الآلات الموسيقية الموجودة فيه، كما بعثرت المكاتب والأوراق الخاصة بالفنانين والموسيقيين، وأيضاً تدمير ونهب أثاث صالة التمارين والمخزن والكافتيريا الملحقة بالدار.
ولحقت أضرار عدة بالمسرح القومي و”مراكز شباب” أم درمان ومجموعة “أهالينا” وإدارة الفنون الشعبية ومسارح “خضر بشير” و”البقعة” و”النيل”، فضلاً عن مراكز الخرطوم الفنية، وسرقت آلات موسيقية تقدر قيمتها بآلاف الدولارات، فضلاً عن صور نادرة لحفل لأم كلثوم مرتدية الثوب السوداني، وفرق الجاز الأميركية، ونجوم المسرح العالمي والعربي، كما تم نهب أسطوانات لأفلام تاريخية ونادرة من مركز أم درمان الثقافي.
تدمير وحرق
واعتبر مؤسس ومدير مركز الموسيقى التقليدية السودانية دفع الله الحاج علي مصطفى أن “الحرب أسهمت في تدمير التراث النوعي من دور فنون وثقافة ومتاحف، مما يمثل إرثاً أدبياً واجتماعياً وفنياً للأمة السودانية جمعاء، وحال ضياعه سيحرم الجيل الحالي والقادم من موروث وكنوز ومعارف لا تعوض”.
وأضاف “مركز الموسيقى التقليدية يعد الوحيد في البلاد الذي يهتم بالموسيقى الشعبية، وتأسس في العام 1997، ويضم ستة فروع في الولايات، والفئة المستهدفة هم الممارسون للموسيقى التقليدية والجماعات والأفراد المهتمون بالتراث، فضلاً عن تعريف شعوب العالم بالموسيقى السودانية”.
وأوضح مصطفى أن “المركز تعرض للتدمير والتخريب، بخاصة ورشة ومتحف الآلات الموسيقية وأكسسوارات الفن الشعبي وأزياء العرض التراثية، وكذلك الكتب والدراسات والبحوث التي تحوي المعلومات عن التراث والموسيقى، والمكتبة المرئية والمسموعة والمقروءة”.
وأشار مؤسس ومدير مركز الموسيقى التقليدية السودانية إلى أن “الحرب دمرت هذا الموروث الفني، ونهبت وحرق المركز بالكامل، فضلاً عن استخدامه من قبل قوات “الدعم السريع” كمطبخ لإعداد الوجبات عبر قطع أخشاب الآلات الموسيقية والاستعانة بها كوقود للطهي، كما تعرض المسرح القومي ومركز شباب أم درمان ومجموعة أهالينا وإدارة الفنون الشعبية لأضرار بالغة”.
ضياع متحف السينما
من جهته قال مدير مركز “أم درمان الثقافي” غسان البلولة إن “المركز تحول إلى ثكنة عسكرية ونهبت أعمال فنية لا تقدر بثمن، فضلاً عن سرقة الآلات الموسيقية، ومقتنيات لفنانين وأرشيف ومتحف السينما السودانية والكاميرات القديمة، وكذلك شاشة العرض الهوائية”. وأضاف أن “هناك أعمالاً فنية تاريخية استغرق العمل عليها سنوات طويلة، وأخرى لفنانين رحلوا وخلفوا وراءهم إرثاً فنياً تعرض أيضاً للتدمير والتخريب، إضافة إلى فقدان معدات قاعة السينما الرئيسة والمكتبة الحديثة”.
ولفت البلولة إلى أن “المشروع الذي أعد له منذ ثلاث سنوات وصرفت عليه أموال طائلة، تعرض للتدمير والنهب، وقضت الحرب على كل الجهود والأعمال النادرة والمقتنيات الثمينة”.
سرقة إرث الرموز الفنية
تعرضت منازل عدد من الرموز الفنية للتخريب والنهب والعبث بمحتوياتها وانشغلت منتديات السودانيين في مواقع التواصل الاجتماعي بتداول صور لمقتنيات الفنان والموسيقار السوداني ذائع الصيت محمد وردي الشهير بـ”فنان أفريقيا الأول”، مع ظهور مؤشرات قوية لتعرض إرثه الفني بالكامل للنهب والسرقة والتخريب.
وقال عبدالوهاب وردي ابن الفنان الراحل إن “أحد أصدقائه شاهد مسلحاً من ‘الدعم السريع’ يحمل آلة العود الخاصة بوالده بعد سرقته من منزل وردي بحي المعمورة في الخرطوم، وعرض الصديق المذكور على اللص شراء العود فوافق على الفور”. وأشار إلى أن “منزل وردي تعرض للسرقة بالكامل، وإرثه الفني الذي لا يقدر بثمن، ويعد تراثاً قومياً وإنسانياً عالمياً أضحى في خبر كان”.
ويعد الموسيقار محمد وردي واحداً من أبرز فناني الغناء السودانيين وأكثرهم شهرة، وله دور كبير في تطوير الموسيقى ونشرها خارج البلاد.
شارك هذا الموضوع :