سفير السودان بفرنسا يخرج عن الصمت ويكشف المثير عن مؤتمر باريس
رصد – السلطة
أعرب سفير السودان لدى فرنسا خالد فرح عن أمله في أن
يلتزم المانحون بتوصيات ومخرجات مؤتمر باريس، الذي تعهد بتقديم ملياري دولار لدعم عمليات الإغاثة والمساعدة في السودان، لكنه دعا إلى عدم الإسراف في التفاؤل قياسا بما حدث العام الماضي، عندما لم يتحصل السودانيون إلا على
5 في المائة فقط من المبالغ التي تم التعهد بها في مؤتمري جنيف ونيويورك.
وقال فرح لوكالة (AWP) يوم الثلاثاء ” خرج المؤتمر بجملة من التوصيات والمخرجات تمثلت في التعهد بمبلغ ملياري دولار
لدعم عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية في السودان.
وهنا أقول إننا نأمل فعلا أن يتم الالتزام بهذا التعهد وهذا المبلغ المحترم، وأن يحصل المتضررون في السودان جراء هذه الحرب المدمرة على الأقل على قدر كبير منه حتى يخفف عليهم ويلات هذه الحرب”.
وأضاف “لكننا لا نرى في الأفق ما يدعو للإسراف في التفاؤل،
لأن خلال العام المنصرم، تم التعهد في مناسبتين، في مؤتمر انعقد في جنيف في يونيو 2023 وفي نيويورك في أكتوبر من نفس العام بمبلغ يقارب هذا المبلغ، ولكن، بشهادة الأمم المتحدة نفسها، لم يتم التحصل إلى على نحو 5% فقط من ذلك المبلغ الذي تم التعهد به”.
وتابع “لا نرى جديدا في الأمر، وليس هنالك ما يدعونا للإسراف في التفاؤل، ولكن نتمنى أن تُكسَر هذه القاعدة هذه المرة
ويتم تحصيل مبلغ معتبر من هذه التعهدات لصالح المتضررين
في البلاد”.
كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال إن مانحين تعهدوا بتقديم أكثر من ملياري يورو (2.13 مليار دولار) للسودان خلال مؤتمر في باريس الاثنين، وذلك بعد مرور عام على الحرب في السودان وسط وضع إنساني تصفه منظمات إغاثة بالكارثي.
وانتقد فرح بعض مخرجات المؤتمر، وقال “من مخرجات هذا المؤتمر، دعوة الأطراف المختلفة وخصوصا الدول الخارجية
للامتناع عن تزويد ما أسماه المنظمون بطرفي الصراع، أي
الجيش الوطني والمليشيا المتمردة، ميليشيا الدعم السريع، بالأسلحة”.
ووصف هذه الدعوة بأنها ” تنطوي على مفارقة واضحة وعلى قدر من النفاق والانتهازية، لأن الجيش الوطني للدولة السودانية معروف، وعمره الآن أكثر من قرن، وله علاقات دولية واسعة وراسخة وتعاقدات وعلاقات مع دول مختلفة.
والدول الغربية ليست جزءا منها، فهي أوقفت توريد السلاح للسودان منذ عام 1983 منذ عهد الرئيس جعفر النميري إثر
اندلاع التمرد في جنوب السودان، الذي كان يقوده العقيد جون قرنق، ولذلك هم ليسوا معنيين بهذه المسألة ولا يمدون السودان بأي طلقة واحدة”.
وأضاف “ولكن هم (الدول الغربية) يعرفون تماما من الذي يمد الطرف الآخر، أي المليشيا المتمردة، بالسلاح، من خلال التقارير الإعلامية والصحفية المتاحة، وخصوصا من خلال تقارير المنظمات الدولية ذات الصلة وعلى رأسها الأمم المتحدة”.
ودعا الدول الغربية إلى أن “يكونوا صريحين ويسموا الأشياء بمسمياتها ويتوجهوا مباشرة إلى تلك الدولة التي توفر وظلت توفر الأسلحة والعتاد والأموال لهذه المليشيا المتمردة حتى تجند المرتزقة من شتى الآفاق في إفريقيا وغيرها لغزو السودان ولتدمير مقدرات السودان وبنيته التحتية”.
كان لويس بينو المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي أكد أمس الاثنين أن مؤتمر باريس هو مؤتمر إنساني بامتياز يهدف بشكل رئيسي إلى مناقشة الأوضاع الإنسانية المزرية في السودان وتجنب تعرض البلاد للمجاعة وكذلك مناقشة المشكلات المرتبطة بإيصال المساعدات الإنسانية.
وقال بينو لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) “تم اتخاذ قرار بأن يكون هذا المؤتمر مؤتمرا إنسانيا وليس مؤتمرا سياسيا، وأن يكون مؤتمرا للمانحين وأيضا للدول المجاورة للسودان والمنظمات الخيرية والمدنية التي تشارك في المجال الإنساني لمعالجة هذه الأزمة الإنسانية”.
من جانبه، أعرب السفير السوداني لدى فرنسا عن عدم اتفاقه مع ما قاله المتحدث الأوروبي وقال “من الواضح جدا أن عقد المؤتمر نفسه هو هدف سياسي، لكون أن المنظمين قد عمدوا إلى إقصاء الحكومة السودانية من المشاركة في أمر هو من أخص خصائصها كدولة وكحكومة شرعية ممثلة لدولة ذات سيادة، بحجة أنهم لا يريدون إشراك طرفي القتال، بينما الطرف الآخر هو ممثل حقيقة، بقضه وقضيضه، من خلال حلفائه السياسيين الذين يتماهون معه سياسيا وأيديولوجيا واستراتيجيا”.
واعتبر أن ذلك يأتي “من قبيل النفاق ليس إلا، وهو عمل سياسي بحت في تقديرنا، لأن المنظمين حرموا حكومة السودان من المشاركة وقصروها على من يرون أنهم يمثلون الساحة السياسية في السودان، وهذا بكل تأكيد رهان على حصان خاسر، وهؤلاء بالنسبة لعامة السودانيين ليسوا سوى مجرد عملاء مرتزقة وطوع بنان القوى الغربية التي تسيرهم كيفما تشاء”، حسب تعبيره.
وكانت وزارة الخارجية السودانية عبرت يوم الجمعة الماضي عن بالغ دهشتها واستنكارها لانعقاد مؤتمر باريس حول السودان دون التشاور أو التنسيق مع حكومتها وبدون مشاركتها، معتبرة ذلك “استخفافا” بمبدأ سيادة الدول.
واعتبرت الوزارة في بيان أن الحكومة “هي حصريا التي تمثل البلاد دوليا وفي شتى الهيئات والمنظمات والمحافل الإقليمية والدولية، وتتبادل التمثيل الدبلوماسي مع مختلف دول العالم بما فيها فرنسا نفسها”.
ورأت الخارجية السودانية أن هذا المسلك يمثل “استخفافا بالغا” بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومبدأ سيادة الدول، مضيفة أنه “لهذا ينبغي تذكير منظمي ذلك الاجتماع أن نظام الوصاية الدولية قد تمت تصفيته قبل عقود من الزمان، وأنه أصلا لم يكن ينطبق على الدول الأعضاء بالأمم المتحدة مثل السودان”.