تقرير عن علاقة السودان مع مصر

تقرير عن علاقة السودان مع مصر

تقرير – السلطة

أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، جاء التضامن العربي مع مصر سريعا ليعلن أحد مذيعي الدولة السورية عبر إذاعة بلاده عبارته التي خلدها التاريخ ” من دمشق.. هنا القاهرة” لتكون هذه العبارة التي مازالت محفورة في أذهان العرب دليلا على التضامن العربي ووحدة الأرض والتاريخ التي تجمع الدول العربية.

ومن الخمسينات، نعود سريعا إلي القاهرة عام 2024 ، فإذا قادتك الظروف للسير في شوارع مصر فربما يثير انتباهك بعض اللافتات التي تجعلك تتشكك في أى دولة أنت..فإذا أدرت رأسك يمينا قد تجد ” مخابز أم درمان” وعلى يسارك عطارة الخرطوم أو لحوم السودان..ألخ

إذا دخلت المسجد ستجدهم كثيرون حولك، وإذا ركبت سيارة فالسائق قد يكون زول سوداني، والركاب نصفهم سودانيون، ولا تخلو أى مركبة نقل عام من وجودهم، فهم جيران في كل مكان، أخوة وأصدقاء وأشقاء، هكذا يراهم شعب مصر.

قد يعتبرهم البعض ضيوف ولكنهم في الحقيقة أصحاب الدار، فقد ارتبطت مصر والسودان بعلاقات تاريخية منذ قديم الأزل فارتباط البلدين ليس اختيار يرتبط بوجود رئيس أو زعيم بل هو قدر وقرار لشعبين وحدهم وادي النيل وجمعتهم أواصر المحبة والمصاهرة على مدار التاريخ.

لم تكن مصر والسودان أبدا بلدين بل هما إقليم واحد بعاصمتين وحتى وقت قريب كانت مصر والسودان يخضعان لإدارة سياسية واحدة.

هذه العلاقة الخاصة والمتميزة التي تجمع البلدين ، فرضت على مصر أن تكون من اوائل الدول التي قدمت الدعم والمساندة لشقيقتها السودان ليس في أزمته الحالية فحسب بل كانت القاهرة دوما هى السند والعون للسودان في كل لحظات النكبات، منذ أيام أزمة فيروس كورونا كانت مصر أول الداعمين للخرطوم، بالإضافة إلى معاناة السودان بعد الثورة أزمة اقتصادية ونقص حاد بالمواد الغذائية فقامت مصر بمد السودان، حيث أنشأت جسرا جويا بين مصر والسودان من مواد وعتادات طبية وغيرها.

ويعيش في مصر حاليا أكثر من خمسة ملايين سوداني، يتمتعون بكافة الحقوق والإمتيازات وربما ولا تجد منطقة في مصر تخلو من السودانيين في ظل دعم كامل ومساندة واضحة من الدولة المصرية للأشقاء السودانيين في محنتهم.

تسهيلات منذ البداية

وبعد اندلاع الحرب والصراع المسلح في 15 أبريل 2023 كان لمصر موقفا واضحا في دعم السودان وشعبها والوقوف بجانب القيادة الشرعية للبلاد فضلا عن تسهيل دخول السودانيين الفارين من الحرب.

وقدمت مصر تسهيلات كبيرة للسودانيين الراغبين في الدخول من معبر أرقين وقسطل البريان مروراً إلى مصر، والتي تضمنت تسهيلاً في عبور السودانيين الحاملين لجوازات السفر، مع إمكانية مدّها لمدة 6 أشهر، فضلاً عن تسهيلات في عبور الأطفال غير الحاملين لجوازات السفر، برفقة والديهم مع إمكانية الدخول دون تأشيرة مسبقة”.

وأعلنت الخارجية المصرية بعد أيام من اندلاع الصراع تواجد الهلال الأحمر المصري على منافذ عبور العائدين من السودان، لتقديم خدمات إنسانية وإغاثية، بجانب الكشوفات الطبية من خلال العيادات المتنقلة، والوجبات الجافة وتذاكر القطارات.

دعم دبلوماسي

فتح الحدود أمام السودانيين توازي مع دعم دبلوماسي أمام المنظمات الدولية، ففي كلمة لها أمام الأمم المتحدة بتاريخ 26 أبريل، أعربت مصر عن تضامنها التام والكامل مع الشعب السوداني الشقيق في أزمته الحالية، والتي تفاقم من الأزمات المركبة والمتتالية التي يعاني منها السودان على مدار سنوات عدة، مؤكدة استعدادها الدائم لتقديم كافة أوجه الدعم للخروج من الأزمة الراهنة، والعودة بالسودان إلى مسار التهدئة والحوار السلمي حقناً لدماء الشعب السوداني.

وأكد السفير أسامة عبد الخالق مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة خلال جلسة مجلس الأمن حول الوضع في السودان أن مصر بما لديها من تاريخ وروابط متجذرة مع السودان حريصة كل الحرص على حقن دماء الشعب السوداني، وعلى عودة الاستقرار والهدوء، وتشدد على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السودانية واستقلال وسيادة السودان، وهو الأمر الذي يمثل عمقاً استراتيجياً للأمن القومي المصري.

توجيهات رئاسية

وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الجهات المختصة في مصر بتسهيل سرعة كافة إجراءات الإقامة والعلاج والتعليم بما يتعلق بالأشقاء السودانيين.

وأكد السيسي، وفقًا لمجلس السيادة، التزامه بمعاملة السودانيين في مصر كمعاملة المصريين في التعليم والعلاج وتسهيل إجراءات الإقامة.

ووجه الجهات المُختصة في مصر بتسهيل وتسريع كافة الإجراءات للسودانيين.

وكان السفير سامح فاروق القنصل المصري ببورتسودان، قد أكد التزام القنصلية بمنح التأشيرة للسودانيين مجانا، محذرا السودانيين من ضعاف النفوس الذين يستغلون الظروف بإعلانات مضللة تحوي وعودًا باستخراج التأشيرة مقابل مبالغ مالية في فترة زمنية وجيزة.

السودان لن ينهار

في تصريحات صحفية، أكد السفير المصري في السودان، هاني صلاح، أن السودان لن يتقسم ولن ينهار ، موضحاً بأن السودان دولة عظيمة ولابد أن يخرج من هذا الامتحان أكثر وحدة، وأن يتناسى مشاكل الماضي.

وعبر السفير هاني عن حجم العلاقة التي تربط البلدين، مؤكدا إن السودان قدم في الماضي للدولة المصرية الكثير، خاصة قمة اللاءات الثلاثة واستخدام الأراضي السودانية للطائرات المصرية إبان حرب 67 “لا تنسوا ذلك”.