الطب بين الإنسانية والتجريم – الحكم على طبيب بالسجن 10 سنوات بمحلية الرهد ابودكنة

الطب بين الإنسانية والتجريم – الحكم على طبيب بالسجن 10 سنوات بمحلية الرهد ابودكنة
الرهد ابودكنة – ريم كمال
بسم الله الرحمن الرحيم
( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)
سورة إبراهيم، الآية 42
في زمنٍ تتقاطع فيه السياسة مع العدالة، وتختزل فيه القيم الإنسانية في معايير الانتماء والولاء، تطل علينا قضية الدكتور حسين بمحلية الرهد أبودكنة شمال كردفان كصرخة مدوية في وجه الظلم، وكسؤال أخلاقي وقانوني لا يمكن تجاهله.
الطب بين الإنسانية والتجريم
الطب ليس مهنةً فحسب، بل رسالة إنسانية سامية، تتجاوز الحدود الجغرافية والانتماءات القبلية والسياسية.
الطبيب لا يسأل المريض عن هويته قبل أن يمد له يد العون، ولا يميز بين من يحمل سلاحًا ومن يحمل ألمًا. فكيف يعاقب الدكتور حسين بالسجن عشر سنوات ومصادرة كل ممتلكاته، بتهمة “التعاون مع الدعم السريع”؟ هل أصبح علاج المصابين جريمة؟ وهل باتت الإنسانية تقاس بموقف سياسي؟
أين العدالة؟
إذا كانت المحاكمة عادلة، فلماذا لم يسمح للدكتور حسين بتوكيل محامٍ للدفاع عنه؟ أليس من أبسط حقوق الإنسان أن يحاكم محاكمة عادلة؟ إن غياب الدفاع القانوني، وغياب الشفافية في الإجراءات، يفتح الباب واسعًا للتساؤل: هل كانت المحاكمة فعلًا قانونية أم مجرد تصفية حسابات؟
الانتماء القبلي… هل أصبح تهمة؟
الدكتور حسين ينتمي لقبيلة البقارة، وهي معلومة لا يجب أن يكون لها أي تأثير على سير العدالة. لكن الواقع يقول غير ذلك.
فالحكم عليه بهذه القسوة، في ظل انتمائه القبلي، يثير الريبة ويضع علامات استفهام حول مدى حيادية القضاء. هل أصبح الانتماء القبلي معيارًا للحكم؟ وهل يُعاقب الإنسان على جذوره؟
من يستحق المحاكمة؟
في الوقت الذي يحاكم فيه الطبيب، تترك من أشعلوا الحرب، من دمروا المدن، من أزهقوا الأرواح، دون مساءلة. الكيزان الذين يسعون للعودة إلى السلطة عبر إشعال الفتن، هم من يجب أن يحاسبوا. أما الدكتور حسين، فهو ضحية لواقعٍ مشوه، لا يرى في الإنسانية إلا خيانة، ولا في المهنة إلا ولاءً سياسيًا.
لكن “إن غدًا لناظره قريب”، والعدالة وإن تأخرت، لا تموت. فالله سبحانه وتعالى قد حرم الظلم على نفسه، وجعل دعوة المظلوم مستجابة، ولو بعد حين.
قال : رسول الله ﷺ: “اتقوا دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب”
رواه البخاري ومسلم
فليعلم القاضي، ومن وراءه، أن الحكم في الدنيا لا يدوم، وأن ميزان السماء لا يُخطئ. والدكتور حسين، وإن سُجن اليوم، فإن قضيته ستظل حيّة، وستكون شاهدة على زمنٍ اختلطت فيه المعايير، وتاهت فيه العدالة.
للحديث بقية ان شاء الله
شارك هذا الموضوع