مطار الخرطوم : الجديد بأم درمان – بين التنمية والأمن

مطار الخرطوم : الجديد بأم درمان – بين التنمية والأمن
رصد – السلطة نت
إن ما طرحه الخبير الوطني محيي الدين رأفت حول مطار الخرطوم الدولي الجديد جنوب غرب أم درمان يُعد من أعمق الرؤى وأكثرها واقعية ودقة، لأنه يستند إلى تاريخ طويل من الدراسات والمجهودات الرسمية التي شاركت فيها كل الجهات ذات الاختصاص، وأقرتها أعلى مؤسسات الدولة.
المطار في موقعه الحالي ليس مجرد مشروع عمراني، بل هو خيار استراتيجي وأمني وتنموي وطني من الدرجة الأولى، ويمثل استثماراً بعيد المدى يمكن أن يخدم البلاد لعقود تمتد إلى نصف قرن إذا أحسن استغلاله.
وما تحقق من أعمال بنية تحتية حتى الآن – من أسوار، شبكات كهرباء ومياه، طرق، أبراج مراقبة، ومبانٍ إدارية – يشكل قاعدة قوية يجب البناء عليها لا هدمها أو تجاوزها.
أما التحديات الأمنية التي يتحدث عنها البعض في محيط الموقع، فإنها ليست جديدة ولا مستحدثة، بل معروفة منذ لحظة الاختيار الأولى.
والحلول التي يقترحها الأستاذ رأفت عبر شق قناة مائية استراتيجية من بحيرة جبل أولياء غرب أم درمان، تمثل رؤية عبقرية تحقق غرضين متكاملين:
1. حاجز أمني طبيعي يمنع أي تهديدات محتملة للعاصمة من الناحية الغربية والجنوبية.
2. مشروع تنموي ضخم ينعش الزراعة والرعي ويزيد الإنتاج الحيواني والصادرات، بما ينعكس على الاقتصاد القومي والعملة الحرة.
وبذلك يصبح المشروع تكاملياً بين الأمن والتنمية، حيث تتشارك عدة ولايات في التمويل والاستفادة، ويكون مشروعاً قومياً ذا بعد استراتيجي، لا مجرد حل لمعضلة مطار.
من الناحية الفنية والهندسية، من المؤكد أن تكلفة استكمال المطار في موقعه الحالي أقل بكثير من نقل المشروع إلى موقع جديد، حيث أن البدء من الصفر يتطلب دراسات ومسوح جديدة ومبالغ مضاعفة، بينما الأعمال المنجزة حالياً تشكل رصيداً وطنياً يجب الحفاظ عليه.
كما أن الاعتماد على الكوادر الوطنية من مهندسين وفنيين بشركة مطارات السودان سيضمن جودة التنفيذ ويكسب البلاد خبرات تراكمية تؤهلها للمنافسة حتى إقليمياً، بدلاً من الاعتماد الدائم على الشركات الأجنبية.
إن مطار الخرطوم الجديد ليس حلماً شخصياً ولا مشروع حكومة عابرة، بل هو حلم وطن ظل ينتظر اكتماله منذ عقود، ومصلحة السودان العليا تقتضي أن نضع أيدينا جميعاً خلف هذا المشروع، وأن نُعلي المصلحة القومية فوق كل الاعتبارات الجهوية أو السياسية.
فالطيران المدني والأمن القومي والتنمية الاقتصادية حلقات مترابطة، لا يجوز فصلها. وإذا ما تم تنفيذ ما طرحه الأستاذ رأفت بدقة ورؤية استراتيجية، فسيصبح المطار الجديد رمزاً لصمود السودان وتقدمه، ونافذته الكبرى نحو العالم.
– الفاتح فقيري
شارك هذا الموضوع










