القانون الدولي يوضح بشأن المطارات المدنية ومنشآت الملاحة الجوية؟

القانون الدولي يوضح بشأن المطارات المدنية ومنشآت الملاحة الجوية؟
متابعات – السلطة نت
كتب- سامي الأمين-
يشكل الطيران المدني، بما يشمله من مطارات ومنشآت الملاحة الجوية، أحد الأعمدة الأساسية للبنية التحتية العالمية، ووسيلة رئيسية للتواصل بين الشعوب وتيسير حركة الأفراد والبضائع.
وبالنظر إلى طبيعته المدنية المحضة، فقد حظي بحماية خاصة في منظومة القانون الدولي، لا سيما في سياق النزاعات المسلحة التي قد تعرض هذه المنشآت لخطر الاعتداء أو الاستخدام غير المشروع. ومن هنا، جاء التأصيل القانوني لوجوب تحييد هذه الأعيان، بل واشتراط توجيه إنذار مسبق في حال استهدافها بعمل عسكري، وفقًا لأحكام القانون الدولي الإنساني والمعاهدات المتخصصة.
الإطار القانوني الدولي لحماية المطارات والمنشآت الجوية
أرست اتفاقية شيكاغو لعام 1944، حجر الأساس لهذه الحماية، عندما أقرت في مادتها (3 مكرر) مبدأً حاسمًا، يتمثل في حظر استخدام القوة ضد الطيران المدني والمنشآت المرتبطة به، بما فيها المطارات. وبموجب هذا النص، تلتزم الدول بحماية هذه المنشآت باعتبارها أعيانًا مدنية، لا يجوز استهدافها أو استخدامها في الأعمال العدائية.
وتعززت هذه الحماية بفضل اتفاقية لاهاي لعام 1970، التي جرّمت الاستيلاء غير المشروع على الطائرات، وهو ما يمتد أثره إلى تعزيز الإجراءات الأمنية في المطارات، ومنع استخدامها كنقاط انطلاق للأعمال غير المشروعة.
أما اتفاقية مونتريال لعام 1971، فقد شكلت نقلة نوعية في نطاق الحماية، حيث نصت على تجريم أي فعل تخريبي ضد سلامة الطيران المدني، واعتبرت الهجمات على المطارات، أو الأفعال التي تعرض المدنيين العاملين فيها للخطر، جرائم دولية تستوجب ملاحقة ومعاقبة مرتكبيها وفقًا لمبدأ الولاية العالمية.
وفي تطور لاحق، وسعت اتفاقية مونتريال لعام 2014 من مظلة الحماية، لتشمل منشآت الملاحة الجوية ذات الطبيعة المدنية، كأنظمة المراقبة الجوية، أجهزة الاتصالات، والرادارات، باعتبارها عناصر حيوية لاستمرارية وسلامة حركة الطيران. واعتبرت الاتفاقية أن أي عمل عدائي يستهدف هذه المنشآت يُعد اعتداءً على النظام الجوي الدولي برمته، ويُدرج ضمن الجرائم الإرهابية التي تستوجب ردعًا دوليًا.
وبموازاة ذلك، أتى بروتوكول بكين لعام 2010 ليشدد على أن استخدام الطيران المدني، أو الهجوم على بنيته التحتية، بما يشمل المطارات ومنشآت الملاحة، يمثل فعلاً إجراميًا بالغ الخطورة، ويُعد من الأفعال التي تهدد الأمن والسلم الدوليين، وتستوجب تعاونًا دوليًا صارمًا في الملاحقة والعقاب.
وجوب الإنذار المسبق وفق القانون الدولي الإنساني
إلى جانب النصوص الخاصة بالطيران المدني، يقرر القانون الدولي الإنساني، ولا سيما في اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولين الإضافيين لعام 1977، مبدأ أساسيًا يقضي بوجوب توجيه إنذار مسبق فعال قبل شن أي هجوم قد يمس الأعيان المدنية، بما في ذلك المطارات ومنشآت الملاحة الجوية. ووفق المادة (57) من البروتوكول الأول، يُلزم أطراف النزاع ببذل أقصى درجات الحيطة والتحذير لتفادي الإضرار بالمدنيين والأعيان المدنية.
ومن ثم، فإن أي استهداف لمطار مدني أو منشأة ملاحة جوية، دون توجيه إنذار مسبق، يُعد انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي، ويُصنف ضمن جرائم الحرب، ويُرتب المسؤولية الجنائية الفردية والدولية على مرتكبيه.
وجوب التحرك القانوني والدولي
وفي ضوء هذه القواعد الملزمة، ينهض واجبٌ قانوني وأخلاقي على عاتق الدولة والمسئولين عن الطيران المدني وشركة المطارات، يتمثل في التحرك الفوري لمحاصرة الجهات المعتدية التي تنتهك حرمة المطارات المدنية ومنشآت الملاحة الجوية. ويتعين على السلطات المختصة مباشرة الإجراءات الرسمية أمام منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)، وتقديم الشكاوى أمام المنظمات الإقليمية واللجنة الافريقية للطيران المدني والهيئة العربية للطيران المدني وحشد التأييد وإدانة هذه الأفعال الإجرامية.
كما يمكن ايضا إحالة هذه الانتهاكات إلى المحاكم الدولية المختصة لملاحقة المسؤولين عن هذه الاعتداءات، سواء كانوا دولًا أو جماعات مسلحة، ومحاسبتهم جنائيًا على ما اقترفوه من جرائم ضد الأعيان المدنية عبر التنسيق مع وزارات الدفاع و الخارجية والعدل ويُعد تأليب الأسرة الدولية واستنهاض إرادتها الجماعية في إدانة هذه الانتهاكات وادانتها شرطًا لازمًا لصون أمن الطيران المدني الدولي وسلامته وضمان ألا تمر هذه الجرائم دون عقاب رادع .
شارك هذا الموضوع :