مقالات

عقوبات بلا عدالة ؟ الاتحاد الأوروبي يتجاهل جرائم موثقة في السودان

عقوبات بلا عدالة ؟ الاتحاد الأوروبي يتجاهل جرائم موثقة في السودان

متابعات – السلطة نت

 

الاتحاد الأوروبي… عقوبات أم فضيحة؟!

منعم سليمان

 

فرض الاتحاد الأوروبي، أمس، عقوبات على بنك وشركة، وقائدين عسكريين تابعين للجيش وقوات الدعم السريع، هما: أبوعاقلة كيكل وحسين برشم.

 

لا بأس، ولكن البأس كل البأس أن هذه العقوبات لا تزن شيئًا في ميزان الحرب. فقد علّمتنا تجربتها أن أي عقوبات لا تطال الكتائب والمليشيات الإسلاموية الناشطة ميدانيًا – وهي، بشهادات وأدلة لا تُحصى، من أشعل شرارة الحرب الأولى – تظل عقوبات جوفاء لا تخدم السلام، بل قد تُطيل أمد الصراع بما تبثّه من رسائل ملتبسة وخاطئة.

 

وليكن واضحًا هنا؛ أننا إذ ندين هذا التغاضي، لا ندعو إلى التساهل مع جرائم أي طرف من أطراف الحرب، بل نطالب بالاتساق الأخلاقي، وتطبيق ذات المعايير على الجميع، دون مواربة أو محاباة.

 

فثمة مقاطع مصوّرة، متاحة على منصات التواصل الاجتماعي، موثّقة وقابلة للتحقّق، تُظهر بوضوح لا لبس فيه إعدامات ميدانية نفّذتها كتائب الإسلاميين، وعلى رأسها لواء البراء بن مالك، في مناطق دخلها الجيش والقوات المتحالفة معه، كولاية سنار، وأجزاء من الجزيرة، وحتى العاصمة.

 

أبرز هذه المقاطع، ذاك الذي يظهر فيه عناصر من البراء وهم يقتادون أحد الأسرى كما لو كان كائنًا متوحشًا، قبل أن يُلقوه من أعلى كبري حنتوب ويُمطرونه بالرصاص. ومثل هذا المقطع، عشرات غيره، توثّق مشاهد ذبح لأسرى وشباب من الثورة، على يد عناصر من البراء وكتائب العمل الخاص التابعة لجهاز الأمن الإسلاموي، بتهم التعاون مع الدعم السريع، كما في مذبحة مدني، أو فقط لانتمائهم الجهوي إلى غرب السودان أو جنوبه، حيث تُبقر البطون وتُستخرج الأحشاء، في مشاهد تستدعي وحشية تنظيم داعش.

 

هذه الجرائم، التي لا تخفى على أي متابع للشأن السوداني، لا يمكن أن تغيب عن الاتحاد الأوروبي. وكل من يفقه أبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني، يدرك أن الإعدامات خارج نطاق القضاء، مهما كان شكلها، تُعدّ جرائم حرب لا تسقط بالتقادم، ولا تُبرَّر بالحسابات السياسية.

 

ولهذا، فإن تجاهل الاتحاد الأوروبي لهذه الانتهاكات، وإقصاء تلك الميليشيات الإسلاموية المتوحشة من دائرة العقوبات، لا يُعدّ مجرد تقصير، بل فضيحة أخلاقية مكتملة الأركان.

 

والأدهى من ذلك، أن الإسلامويين – رغم أنهم من فجّر الحرب، ويرفضون إيقافها، ويتحمّلون قسطًا كبيرًا من جرائمها – لا يزالون يحظون بتواطؤ مريب من بعض الدوائر الليبرالية الغربية، التي تُخالف قيمها المعلنة، فتغض الطرف عن جرائمهم في الإعلام، وفي المؤتمرات، وفي التقارير الدولية.

 

بل يتجاوز الأمر حدود الصمت، إلى محاولات نشطة لإعادة تدويرهم سياسيًا، وفرضهم مجددًا على الشعب السوداني، كما يتّضح في أنشطة منظمات مثل بروميدييشن (Promediation)، التي لا تُخفي انحيازها، وتقدّمهم بوقاحة تحت لافتات التسوية والمصالحة.

 

فهل يكمن السر في إرث تحالفات قديمة منذ الحرب الباردة؟ أم في تواطؤ جديد بين الإسلام السياسي وبعض دوائر الليبرالية الغربية، قائم منذ عهد أوباما؟ أم تراها سياسة ممنهجة، تنتهجها جهات في الغرب، ترى في الإسلاميين الأداة الوحيدة القادرة على تفكيك السودان، كما حدث من قبل حين مهّد حكمهم لانفصال الجنوب؟

 

 

شارك هذا الموضوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى