
إسعافات لجنة الطوارئ – هل تكفي لإنعاش الاقتصاد السوداني؟
متابعات – السلطة نت
تقرير : هاني عثمان
يشهد الاقتصاد العالمي في عام 2025 حالة من التباطؤ الحاد وسط تصاعد حالة عدم اليقين الجيوسياسي والمالي. وبينما توقع صندوق النقد الدولي نموًا عالميًا بنسبة 3.2%، حذرت الأونكتاد من تراجع النمو إلى حدود 2.3%، ما يضع الاقتصادات الهشة، مثل السودان، أمام تحديات أعقد في مسار التعافي.
اقتصاد يتنفس بصعوبة
يعاني الاقتصاد السوداني منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 من شلل شبه كامل في أنشطته الإنتاجية، مع تضرر البنية التحتية ومشروعات التنمية الحيوية. أدى ذلك إلى ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، وعجز الميزان التجاري، إضافة إلى خروج العديد من الشركات والمشاريع من دائرة الإنتاج، ما عمّق حالة الركود والاضطراب في السوق المحلية.
تحركات لجنة الطوارئ
أقرت لجنة الطوارئ الاقتصادية برئاسة رئيس مجلس الوزراء كامل إرديس حزمة من القرارات العاجلة للسيطرة على تدهور سعر صرف الجنيه السوداني أمام الدولار. شملت الإجراءات عشرة قرارات نوعية تهدف إلى الحد من التهريب، وزيادة موارد النقد الأجنبي، وضبط السيولة، إلى جانب وضع خطط عاجلة لمعالجة التراجع الحاد في قيمة العملة الوطنية.
أزمات متراكمة تعرقل التعافي
يرى الخبير الاقتصادي د. عادل خلف الله أن استمرار الحرب لأكثر من عامين جعل من الصعب التنبؤ بمستقبل الاقتصاد في المدى القريب. وأوضح أن سعر الصرف المنهار وعجز الموازنة وتراجع الصادرات عوامل تدفع الاقتصاد نحو مزيد من التدهور، معتبرًا أن وقف الحرب هو الخطوة الأولى لأي إصلاح اقتصادي حقيقي.
نزيف العملة الوطنية
وفقًا لتقارير اقتصادية، فقد الجنيه السوداني 340% من قيمته منذ بداية الحرب، بينما تراجعت صادرات المحاصيل النقدية بنسبة 49%، ما زاد من أزمة السيولة وأربك الأسواق. ويؤكد خبراء أن أي محاولة لإصلاح الوضع المالي دون معالجة الأسباب الجذرية، وعلى رأسها النزاع المسلح، ستظل محاولات مؤقتة وغير مستدامة.
إصلاحات هيكلية مطلوبة
يشير الخبير الاقتصادي د. محمد الناير إلى أن الاقتصاد كان يعاني من مشكلات هيكلية قبل اندلاع الحرب، إلا أن الأزمة الأمنية عمّقت التحديات. ويرى أن استقرار سعر الصرف يحتاج إلى إجراءات متكاملة تشمل إدخال الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي إلى البنوك، وتعزيز احتياطي الذهب في البنك المركزي، وزيادة الصادرات لدعم الميزان التجاري.
معضلة استبدال العملة
ناقش الناير قضية استبدال العملة التي لجأت إليها الحكومة مؤخرًا، محذرًا من أن حذف الأصفار دون إصلاحات اقتصادية جذرية لن يعيد الثقة في العملة المحلية. وأكد أن الفئات النقدية الصغيرة فقدت قوتها الشرائية، ما يعكس عمق الأزمة النقدية ويؤكد الحاجة إلى حزمة إصلاحات مالية ونقدية متكاملة.
فرصة في ظل الأزمات
رغم قتامة المشهد، يؤكد خبراء أن السودان يمتلك موارد ضخمة وثروات طبيعية يمكن أن تدعم التعافي الاقتصادي متى ما توقفت الحرب وتم استغلال هذه الموارد بكفاءة. كما أن تحرير بعض المناطق مؤخرًا يتيح فرصًا لإعادة تشغيل الأنشطة الإنتاجية، ما قد يفتح بابًا لاستقرار نسبي خلال الفترة المقبلة.
شارك هذا الموضوع