إحالة ضباط للمعاش : هل هي خطوة إصلاحية أم مراوغة سياسية ؟

إحالة ضباط للمعاش: هل هي خطوة إصلاحية أم مراوغة سياسية ؟
رصد – السلطة نت
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والعسكرية، أصدر الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، قرارًا بإحالة عدد من الضباط إلى المعاش، بالتزامن مع قرارات أخرى تقضي بتبعية القوات المساندة للجيش السوداني، في ما اعتبره البعض تحولًا مهمًا في هيكلة المؤسسة العسكرية.
القرار جاء بعد أيام من زيارة البرهان إلى سويسرا، حيث التقى بعدد من المسؤولين الدوليين في ملفات تتعلق بالسلام، الإصلاحات، وحقوق الإنسان. هذا التزامن دفع مراقبين إلى طرح تساؤلات حول ما إذا كانت الخطوة محاولة لترضية المجتمع الدولي، أم أنها جزء من اتفاق داخلي مسبق مع الضباط المحالين، أو ربما بداية فعلية لمسار إصلاحي يستهدف تفكيك نفوذ الإسلاميين داخل المؤسسة العسكرية.
ترضية دولية أم مراوغة محسوبة ؟
زيارة سويسرا لم تكن عابرة، بل جاءت في توقيت حساس، وسط ضغوط دولية متزايدة على السودان لإجراء إصلاحات حقيقية في مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجيش.
إحالة الضباط، خاصة أولئك الذين يعتقد أنهم محسوبون على تيارات إسلامية أو شاركوا في فترات حكم سابقة، قد يفسر كرسالة طمأنة للمجتمع الدولي بأن القيادة العسكرية بدأت فعليًا في إعادة هيكلة الجيش بما يتماشى مع متطلبات التحول الديمقراطي.
لكن في المقابل، هناك من يرى أن القرار لا يخلو من مراوغة سياسية، خصوصًا إذا ثبت أن الضباط المحالين كانوا على علم مسبق بالخطوة، أو حصلوا على ضمانات بعدم المساءلة.
هذا السيناريو يعزز فرضية أن البرهان يسعى إلى امتصاص الضغوط دون إحداث تغيير جوهري في بنية السلطة.
خطوة في الاتجاه الصحيح لمحاربة الإسلاميين؟
القرار لم يقتصر على الإحالة للمعاش، بل شمل أيضًا إجراءات مهمة تتعلق بتبعية القوات المساندة – مثل الدعم السريع والقوات الخاصة – للجيش السوداني، وهو ما اعتبره البعض محاولة لتوحيد السلاح تحت قيادة واحدة، وإنهاء حالة التعدد والتشظي التي لطالما شكلت تهديدًا للأمن الوطني.
في هذا السياق، يرى محللون أن البرهان بدأ فعليًا في تفكيك شبكات النفوذ الإسلامي داخل الجيش، خاصة بعد أن تزايدت المطالب الشعبية والسياسية بضرورة تطهير المؤسسة العسكرية من عناصر النظام السابق.
وإذا ما استمرت هذه الخطوات بشكل جاد ومتسق، فقد تمثل بداية حقيقية لإصلاح عميق في بنية الدولة.
المناض البراؤون – بين الأمل والشك
الشارع السوداني، الذي بات أكثر وعيًا وحذرًا، ينظر إلى هذه الخطوات بعين مزدوجة: عين تأمل في أن تكون بداية لتصحيح المسار، وأخرى تشك في نوايا السلطة العسكرية التي سبق وأن اتخذت قرارات مشابهة دون أن تترجم إلى واقع ملموس.
المناض البراؤون، بهذه الخطوة الذين يتبعون لتنظيم الاخوان المسلمين ،يطالب البعض بأن تكون هذه الخطوات جزءًا من عملية شاملة تشمل المحاسبة، العدالة الانتقالية، وإعادة بناء المؤسسات على أسس وطنية لا حزبية أو أيديولوجية.
خلاصة القول :
قرار البرهان بإحالة الضباط للمعاش قد يحمل في طياته أكثر من وجه: ترضية دولية، مناورة داخلية، أو بداية إصلاح حقيقي.
لكن الحكم عليه يتوقف على ما سيتبع هذه الخطوة من إجراءات عملية، ومدى التزام القيادة العسكرية بإنهاء النفوذ السياسي داخل الجيش، وتوحيد السلاح تحت سلطة مدنية منتخبة.
فهل تكون هذه الخطوة بداية النهاية لحقبة الإسلاميين داخل الجيش؟ أم مجرد فصل جديد في لعبة السلطة؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة.
شارك هذا الموضوع