تقارير

وزير الخارجية : محيي الدين سالم – تحديات الكرسي الساخن

وزير الخارجية : مُحيي الدين سالم – تحديات الكرسي الساخن

تقرير- محمد جمال قندول

يعتبر السفير مُحيي الدين سالم وزير الخارجية الذي أدى القسم يوم “الجمعة” أمام رئيس مجلس السيادة وزيراً للخارجية والتعاون الدولي، هو الوزير الخامس للخارجية في غضون عامين.

 

وكان أداء القسم بحضور رئيس الوزراء دكتور كامل إدريس، وممثل رئيس القضاء، والأمين العام لمجلس السيادة الفريق الركن دكتور محمد الغالي علي يوسف، ليباشر مهامه في موقعه الجديد وسط موجة من التحديات التي تواجه البلاد.

 

القادم الجديد لرأس الدبلوماسية السودانية تنتظره في قادم المواعيد مهمة شاقة، إذ يقود حقيبةً وزاريةً أضحت مقعدًا ساخنًا، حيث تناوب على قيادة الخارجية في غضون عامين ويزيد أربعة وزراء.

الانتصار

وفي أول ظهور إعلامي له، ذكر الوزير مُحيي الدين سالم أن العالم والإقليم يشهدان متغيرات كبيرة، وقال: “سنغير في طريقتنا ومناهجنا بما يتناسب مع هذه المتغيرات بفهمٍ وعقلٍ مفتوح، حتى نصل إلى ما يحقق رغبات الشعب السوداني”.

 

وأضاف سالم في تصريحاتٍ صحفية عقب أداء القسم أن رسالته هي السلام لكل من أراد أن يمضي في طريق السلام. وأكد الوزير الجديد أن الخارجية ستدافع عن السودان في المحافل الإقليمية والدولية. وأضاف أن التآمر على السودان لم يكن وليد هذه الحرب فقط بل ظلّ يتعرض للتآمر منذ سنوات، مؤكدًا ثقته في انتصار البلاد مهما تكالب عليها الأعداء.

 

وفي السياق، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اتصالاً هاتفيًا بالوزير الجديد سالم. وبحسب بيان للخارجية المصرية، فإن عبد العاطي أكد على الروابط الأخوية والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وشدد كذلك على دعم مصر الكامل لوحدة السودان ومؤسساته الوطنية وسيادته وسلامة أراضيه.

 

مهمة سالم بدأت معقدة منذ أول يوم له أمس، إذ بعد أدائه القسم بساعاتٍ قليلة، أصدرت “الرباعية” بيانًا صادمًا قوبل بهجومٍ شديد، لا سيما أنه ساوى القوات المسلحة بالميليشيا. وبالتالي، فإن مهمة الرجل عسيرة في بناء علاقات متوازنة ليُكوِن حلفاء أقوياء للبلاد في محنته، كما أن الخزانة الأمريكية أصدرت أمس عقوباتٍ على وزير المالية د. جبريل إبراهيم.

شرعية الدولة

ويرى الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي د. عمار العركي بأن تعيين السفير مُحيي الدين سالم أحمد إبراهيم وزيرًا للخارجية والتعاون الدولي يدخل السودان مرحلة دقيقة تتطلب من وزارته أن تتحول إلى جبهة موازية لجبهات القتال، إذ لم يعد الميدان العسكري وحده هو الذي يحدد مسار الحرب ومآلاتها، بل أصبح الميدان الدبلوماسي ساحةً لا تقل أهميةً في تثبيت شرعية الدولة وصون سيادتها.

 

وبحسب العركي، فإن الوزير الجديد يواجه تحدياتٍ جسيمة في مقدمتها: إعادة بناء الثقة مع المجتمع الدولي بعد أن تضررت صورة السودان جراء الحرب وما صاحبها من حملات تضليل سياسية وإعلامية، كما يواجه تحدي التعامل مع واقع العزلة والضغوط، خصوصًا تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي وما ترتب على ذلك من فقدان منصة أساسية للتأثير الإقليمي.

 

وتزداد صعوبة المهمة مع اشتداد التنافس بين المحاور الإقليمية وتعدد حساباتها، ما يفرض على الدبلوماسية السودانية أن تتحرك بذكاء لتحقيق التوازن دون الانجرار إلى سياسة الاصطفاف التي قد تزيد المشهد تعقيدًا.

 

ويواصل محدّثي في معرض التعليق لافتًا أن التدخلات الخارجية تبرز كأحد أكثر الملفات حساسية، إذ لا يمكن للسودان أن يحقق استقراره دون معالجة هذا البعد وإيصال رسالة واضحة بأن معركته هي معركة سيادة ضد أي محاولات للمساس بوحدته. وفي الوقت ذاته، يشكل الملف الإنساني تحديًا لا يقل خطورةً، فهو البوابة التي يدخل منها العالم للنظر إلى السودان، الأمر الذي يفرض على الخارجية أن تقدم خطابًا سياسيًا متماسكًا يربط بين فرض الاستقرار في الداخل والقدرة على تهيئة المناخ لعودة المساعدات الإنسانية والدعم الدولي.

 

وفي السياق، يرى د. عمار أن الأولوية العاجلة للوزير تتمثل في صياغة خطة دبلوماسية موحدة تتكامل مع جهود المؤسسات الأخرى، والتحرك الفاعل في المحيطين العربي والأفريقي لاستعادة موقع السودان الطبيعي، مع تعزيز الشراكات الاستراتيجية التي توازن علاقات السودان في الإقليم وتؤمن له سندًا سياسيًا واقتصاديًا.

 

واختتم العركي تعليقه بأن الرهان الأكبر على قدرة السفير مُحيي الدين في إعادة صياغة الرواية السودانية وإقناع العالم بأن هذه الحرب ليست صراعًا داخليًا مجردًا، بل معركة كرامة وسيادة ضد تدخلات خارجية، وهي معركة لا يمكن كسبها إلا بإسناد سياسي ودبلوماسي يوازي بطولات الميدان العسكري.

 

 

شارك هذا الموضوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى