مقالات

رشا عوض : اصلاح الجيش يجري الان بايدي عمرو

رشا عوض : اصلاح الجيش يجري الان بايدي عمرو

متابعات – السلطة نت

بأي قراءة امينة للواقع السوداني يتضح ان هناك مشكلة عويصة في المؤسسة الامنية العسكرية، وان اي اصلاح للشأن العام مدخله المفتاحي هو في الحد الادنى الاصلاح الامني والعسكري وفي حده الاعلى اعادة بناء الجيش على اسس جديدة تماما!

 

اعادة البناء تعذرت لسببين مترابطين ، الأول غياب الرؤية الاستراتيجية للنخبة السياسية التي قادت البلاد نحو الاستقلال، مما جعلهم لا يدركون ان الجيش الموروث من الاستعمار خطر على الديمقراطية ، وخطر على استقلال القرار الوطني بسبب شفرة التشغيل المصرية التي جعلت هذا الجيش حارسا لبوابة استتباع السودان لمصر ، اعادة البناء كانت ممكنة في بداية عهد الاستقلال، ولكن ترك الجيش على حاله المختل لعقود جعل المهمة صعبة جدا ، خصوصا بعد الخيانة الوطنية العظمى التي اسمها انقلاب الانقاذ بقيادة الحركة الاسلامية اسما الاجرامية فعلا، بعد هذه الكارثة تم تحويل الجيش الى ذراع عسكري للتنظيم الى حد كبير – طبعا ليس بالكامل فهناك النفوذ المصري والنفوذ الدولي وما تبقى من خلايا يسارية نائمة بالاضافة الى طبقة الجنرالات ذوي العصبية العسكرية التي تفوق ولاءهم لتنظيماتهم اسلامية كانت او غير ذلك، الذين يستبطنون الرغبة في الحكم العسكري الخالص الذي لا يخضع لاي تنظيم بل يجعل التنظيمات سواء الاسلامية اوغيرها قطع شطرنج يحركها الجنرالات، ولكن رغم كل ذلك فان النفوذ الاسلاموي المرتبط عضويا بايران ظل هو الاقوى طيلة عهد الانقاذ- هذه الوضعية تقول باختصار: جيشنا حزب سياسي متعدد التيارات المتنافسة على السلطة!

 

انها وضعية خطيرة للغاية وتستوجب التغيير اما بالتدريج عبر عملية جادة للاصلاح الامني والعسكري مدفوعة بارادة وطنية صادقة وبارادة ذاتية من قيادة الجيش نفسه وارادة ذاتية من الاسلاميين في القطيعة مع عهد الهيمنة العسكرية والتحول الى حزب سياسي طبيعي ينافس على السلطة بوسائل مدنية.

 

في هذه الحالة كان سيتم اصلاح الجيش بايدي السودانيين ولصالح السودانيين.

 

الكيزان سخروا من ذلك ومدوا لسانهم استخفافا بكل من رفع راية الاصلاح الامني العسكري، واشعلوا هذه الحرب لاقتلاع فرص الحياة الديمقراطية مرة واحدة وللابد، وطي صفحة اي حديث ناقد للجيش ومطالب باصلاحه لانهم يريدونه جيشهم وحصانهم الذي يحملهم الى السلطة وبواسطة هذا الجيش يخدمون مصالح التنظيم الدولي للاخوان المسلمين عبر التوغل في المغامرات العسكرية الاسلاموية المرتبطة بالارهاب مهما ادى ذلك للاضرار بمصالح الدولة السودانية وجر عليها العزلة والعقوبات.

 

بهذه الحرب ارادوا قطع الايادي والالسنة السودانية حتى لا يتم اصلاح جيشنا بايدينا !!

 

هاهو الاصلاح يتم الآن بايدي عمرو!

 

التغييرات الاخيرة التي اجراها القائد العام للجيش ليست روتينية بل هي تغييرات كبيرة وقد استبعدت قيادات كيزانية ومن الراجح انها ستستمر ، وليس مستبعدا ان تتسبب في رد فعل من الكيزان ربما اضاف الى الدماء المسفوكة الان بركة دم جديدة ، ولكن مهما يكن من امر ” عجلة التاريخ لن تدور الى الخلف”

 

ان معاندة التغيير الذي تستوجبه المصالح المشروعة للشعوب لن تفلح في صد موجة التغيير نهائيا، لان التغيير حتمي ولو لم يتم بأيدينا سوف يتم بأيدي عمرو!

 

*” بيدي لا بيد عمرو” مثل عربي قديم نبع من قصة ملكة اسمها الزباء ثأرت من ملك قتل اباها بأن قتلته، واراد ابن اخت الملك واسمه عمرو بن عدي يثأر لخاله فرسم خطة لغزو قصرها ونجحت وكاد عمرو ان يقتل الزباء الا انها تجرعت السم بيديها لتموت بيدها وصاحت بيدي لا بيد عمرو!

 

 

شارك هذا الموضوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى