Uncategorized

راشد نبأ : تأسيس في الظل تحرك شيء

راشد نبأ : تأسيس في الظل تحرك شيء

متابعات – السلطة نت

إن ما حدث في مدينة نيالا لا يمكن اعتباره مجرد محطة عابرة ضمن سلسلة الأحداث المتلاحقة في المشهد السوداني وليس من النوع الذي يُقارن بتغييرات إدارية أو تعيينات روتينية سرعان ما تذوب في سياق الأخبار اليومية ، لدينا في مجال الأخبار مصطلح يسمى ب(الخبر المتطور) وهو أي خبر يرتبط بأبعاد وتوسعات وتحليلات وربما تشعبات يتوقع أن تولد مزيد من الأخبار ، هذا الأمر تماما يشبه ماجرى في نيالا طيلة اليومين الماضيين ويجري حالياً ولنكن أكثر تركيزاً فإن كل من يقللون الان من الخطوة ويقومون بالسخرية منها هم نفسهم من كانوا يقولون أنها (حكومة منفى) ولن يستطيعوا ان يأتوا للسودان وكميات مهولة من الحلائف والنذر ، نفس هذا الدور كان يلعبه من سبقهم من مضللين قبيل انفصال الجنوب وأيام ماكان يعرف ب(الوحدة الجاذبة)

 

يمكننا وحسب وجهة نظري القول إن ما جرى في نيالا يمثل تحوّلاً ذا دلالة سياسية واجتماعية مهمة وكبيرة للغاية، بل قد يكون بالفعل (خبرا متطورا جدا).

 

اللافت أن تحالف (تأسيس) لم يكتف بإعلان نفسه من نيالا… بل استخدم المدينة كمنصة ميدانية للتفاعل المباشر مع المواطنين….واتوقع ان يمتد الأمر لمدن أو مناطق أخرى وربما يتطور فالحشود التي خاطبتها قيادات تأسيس والجولات التي قام بها قادته في الأسواق، لم تكن مجرد حدث سياسي أو (فعل اعتيادي)…بل حمل في طياته مؤشرات واضحة على أن لهذا التحالف امتدادا اجتماعيا معيناً بدأ يتشكل فعليا على الأرض ، امتدادا يجعل قادة تأسيس في نظر مجموعات سكانية واجتماعية وسياسية هم من القادة الذين يصفقون لهم ويجتمعون باعداد كبيرة للاستماع لخطبهم واسنادهم سياسيا….كل هذه المؤشرات تعني كثيرا في ميدان السياسة وفي مسرح الممارسة المحلية والدولية تحديدا .

 

اعتقد أن من الأجدر بالسياسيين الذين يقللون من حجم هذه الخطوة ويجتهدون في ذلك اجتهادا لايسمن ولايغني من جوع الأجدر بهم أن ينكبوا في البحث عن حلول أو تحفيز القادة في السودان بمختلف مشاربهم ونواحيهم أن يسعوا للحلول فضلا عن السعي لإثبات أن الأمور تسير على مايرام وفضلا عن السب واللعن وفضلا عن قيادة حملات الكراهية ضد السودانيين بعضهم ببعض ودعوات القتل والبطش والتنكيل .

 

التفاعلات الحالية تطرح تساؤلات مشروعة أيضاً حول طبيعة الخطاب القادم الذي يحمله تحالف (تأسيس) ومدى قدرته على المزيد من التأثير في القواعد الجماهيرية….مقابل خطابات ثانية مختلفة ولكنها ربما غير معادية لتأسيس….فتأسيس لاتمثل نقيض الوثيقة الدستورية وليست جذراً فيما يبدو من شكل نقاش النادي السياسي السوداني الكلاسيكي وتعريفه للأزمة…سيما في مناطق مثل دارفور وكردفان والنيل الأزرق…التي ظلت لفترات طويلة خارج دائرة الفعل السياسي المركزي… إن ما حدث في نيالا قد يكون مؤشرًا على اتساع الهوة بين المركزي واللامركزي من جهة وبين المركز والهامش من جهة أخرى….وربما ينتج عن تأسيس نمط جديد من الحركات السياسية التي تجد لنفسها قبولاً في البيئات المحلية وربما تنتج معارضة سياسية شرسة تتجاوز خطاب تأسيس نفسه إن لم يكن (حقيقيا وصادقاً وجادا) في معالجة المشكل السوداني بهذه الجذرية ، لأنه يبدو أن هنالك مجموعات مقدرة تتجاوز حتى تأسيس في جَذرنة الحل السياسي وربمت تعارض تأسيس غدا ان نكصت تأسيس عن الطريق الذي بالنسبة لها هو الروشتة الوحيدة للحل.

 

من المهم جدا الإشارة إلى أن اختزال هذه التطورات ضمن ثنائية (أنت مع منو) يمثل اختزالاً مخلا بالواقع وتعطيلا للقدرة على قراءة المتغيرات بعمق ومسؤولية…. فالتحليل السطحي أو الاستهزاء بالمؤشرات الجديدة ، كما يفعل بعض الأصوات التي تقلل من شأن ما جرى بوصفه (حدثا إعلاميا) ، لا يُسهم إلا في تعميق الفجوة وتعطيل فرص الإصلاح بجهل مكرر جدا.

 

ختاماً يظل النداء الأساسي على الجميع أن يتحلى بالمسؤولية الوطنية وأن يتعامل مع المتغيرات بعقلية جامعة لا إقصائية فبناء الدولة السودانية الحديثة لن يتحقق إلا عبر الاعتراف بالآخر والانخراط الجاد في مشروع وطني شامل قبل أن تسبقنا الأحداث وتفرض وقائع يصعب التراجع عنها.

 

 

شارك هذا الموضوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى