تقارير

الفاشر : تنزف وسكانها يهربون – المدينة التي أغلقتها البنادق

الفاشر : تنزف وسكانها يهربون – المدينة التي أغلقتها البنادق

السلطة نت – وكالات

مع اشتداد الحصار الذي تفرضه قوات “الدعم السريع” حول مدينة الفاشر السودانية، قالت مجموعة قليلة تمكنت من تحمل كلفة الهروب إنها كانت تعيش تحت القصف المستمر، وتفاوضت مع قوات “الدعم السريع” على نقاط التفتيش للخروج من المدينة التي لجأ سكانها إلى أكل علف الحيوانات.

 

وخلصت بعثة من الأمم المتحدة لتقصي الحقائق الأسبوع الماضي إلى أن قوات “الدعم السريع” شبه العسكرية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور بغرب البلاد.

معاناة السكان

وقالت دار السلام حامد، إحدى الهاربات، “الشخص الذين يحكى له ليس مثل الشخص الحاضر، لكننا عانينا بجد في الفاشر”.

 

وعندما قررت هي وعائلتها المغادرة، قالت إنهم تعرضوا للتفتيش الدقيق من جنود قوات “الدعم السريع” وللسرقة في الطريق.

 

وقالت لـ”رويترز” في مخيم بمنطقة الدبة الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني “عانينا من هذه الجماعة معاناه حقيقية، سرقونا وأخذوا مني تلفوني وفتشونا تفتيش لا حول ولا قوة إلا بالله منهم، هؤلاء الناس نتمنى ألا نلقاهم مرة أخرى”.

أسوأ أزمة إنسانية

وأدت الحرب المستمرة منذ عامين ونصف عام بين قوات “الدعم السريع” والجيش السوداني إلى ما تصفه الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم مع اتساع مناطق المجاعة في السودان، لتشمل مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

 

وأصبحت المدينة جبهة رئيسة في الحرب، التي تسعى فيها قوات “الدعم السريع” إلى تعزيز سيطرتها على إقليم دارفور، ليكون مقراً لحكومة موازية، وأدى قادة تلك الحكومة اليمين الشهر الماضي وبدأوا في تعيين وزراء.

 

ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، فر ما يقرب من نصف مليون شخص من الفاشر منذ بدء القتال هناك في مايو 2024، بينما بقي فيها 270 ألف شخص.

وفيات جماعية

غادر أحمد حاج علي وعائلته المدينة الأسبوع الماضي، ووصلوا قبل أيام قليلة إلى الدبة، إذ تحدث مراسل “رويترز” إلى أكثر من “12” شخصاً فروا.

 

وقال حاج “خرجت من الفاشر يوم (الجمعة) بسبب ظروف المدينة والأوضاع الصعبة وظروف المعيشة، هذا غير الدانات (القصف) والإهانة وأشياء كثيره، يعني الوضع صعب حقيقي لا علاج ولا أكل، الناس تعاني معاناه شديده في الفاشر”، واصفاً أعداد القتلى بالعشرات والمستشفيات المكتظة بالجرحى من دون ما يكفي من الضمادات لوقف نزفهم.

 

وحافظ الجيش والقوات المشتركة المتحالفة معه على سيطرتهم على الفاشر، وعلى رغم تقدم قوات “الدعم السريع” بالقرب من مقر القيادة العامة الأسبوع الماضي، فقد شن الجيش في الأيام القليلة الماضية حملة بطائرات مسيرة دفعتها للتراجع.

 

وتتكون القوات المشتركة إلى حد بعيد من قبائل غير عربية دائماً ما كانت في تنافس مع القبائل العربية التي تشكل نواة قوات “الدعم السريع”، مما أدى إلى هجمات على أساس عرقي، إحداها خلال الاستيلاء على مخيم زمزم الشاسع للنازحين في أبريل الماضي.

معاناة المدنيين

وقال أحد السكان شريطة عدم الكشف عن هويته خوفاً على حياته إن قوات “الدعم السريع” وسعت في الآونة الأخيرة متاريس وخنادق حفرتها لمسافة 31 كيلومتراً حول معظم المدينة، مما جعل من الصعب على المدنيين المغادرة وأجبر المهربين على حمل الإمدادات الغذائية سيراً على الأقدام.

 

ونتيجة لذلك، ارتفع سعر وعاء من حبوب الدخن يكفي لإعداد وجبة واحدة لثلاثة إلى خمسة أشخاص إلى أكثر من 35 دولاراً، ورطل السكر (450 غراماً) إلى ما يقرب من 20 دولاراً.

 

ويقول السكان إن سعر الأمباز، وهو نوع من علف الحيوانات يلجأ إليه معظم الناس، ارتفع ستة أمثال وأصبح نادراً.

 

وقال مصدر عسكري كبير إن الجيش شن هجوماً جوياً وبرياً كبيراً في ولاية شمال كردفان المجاورة أول من أمس الأحد، لكسر الحصار عن الفاشر، وكذلك عن مدينتي الدلنج وكادقلي إلى الجنوب.

 تجويع واعتداءات جنسية

خلصت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة إلى أن قوات “الدعم السريع” في الفاشر “ارتكبت جريمة حرب تتمثل في استخدام التجويع عمداً كأسلوب من أساليب الحرب”، وأن حرمان الأفراد من الغذاء وتدمير المستشفيات وعرقلة المساعدات الإنسانية “قد تعد أيضاً جريمة إبادة ضد الإنسانية”.

 

وفي بيان صدر الأسبوع الماضي، قالت هيئة الأمم المتحدة للمرأة إن الاغتصاب والاعتداءات الجنسية استخدمت كسلاح حرب في شمال دارفور، وأضافت أن “الحوامل يلدن على أيدي قابلات غير متدربات، من دون إمكان الحصول على الرعاية خلال الولادة المتعثرة”.

 

وقال علي، وهو هارب، إنه وشقيقه تعرضا للضرب عند نقطة تفتيش عندما غادرا الفاشر فجراً، وأضاف “خرجت من الفاشر بسبب ظروف المدينة والأوضاع الصعبة وظروف المعيشة، هذا غير الدانات والإهانة وأشياء كثيرة”.

 

وأوضح أن المغادرة لم تعد خطرة فحسب، بل أيضاً مكلفة، إذ يتطلب الأمر 5 ملايين جنيه سوداني (نحو 1600 دولار)، وقليلون هم من يملكون مالاً من الأساس، وقد حول أفراد من “الدعم السريع” عمليات الفرار، شأنها شأن التهريب، إلى نشاط تجاري جانبي.

 

وأضاف “لهذا السبب الناس مجبورون على البقاء، ولا يزال هناك جزء متبق، تركناهم وحتى الآن باقون”.

 

 

شارك هذا الموضوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى