مقالات

قرار إغلاق الموانئ والرحلات ضربة موجهة لشبكات الكيزان وغسيل الأموال

الإمارات تقطع شريان الذهب عن المنظومة الكيزانية: قرار إغلاق الموانئ والرحلات ضربة موجهة لشبكاتهم  وغسيل الأموال

متابعات – السلطة نت

في خطوة مفاجئة ولكنها تحمل دلالات سياسية واقتصادية عميقة، أصدرت الإمارات العربية المتحدة خلال اليومين الماضيين قرارات حاسمة تقضي بـ:

إيقاف حركة التجارة البحرية مع بورتسودان بالكامل، بحسب توجيه رسمي من وزارة الطاقة والبنية التحتية الإماراتية بتاريخ 7 أغسطس.

تعليق جميع الرحلات الجوية من وإلى السودان، وإغلاق الأجواء أمام الطيران السوداني.

 

هذه القرارات لا تأتي في فراغ، بل يُنظر إليها باعتبارها ضربة مباشرة للمنظومة الكيزانية والاقتصادية التي تديرها شبكات الجيش وجهاز الأمن، والتي استفادت طيلة سنوات من الإمارات كمحطة لغسيل الأموال وتهريب الذهب وتصديره دون رقابة أو شفافية.

 

الذهب.. وقود الحرب وشريان الدولة العميقة

رغم اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، وادعاء السلطات السودانية “قطع العلاقات” مع الإمارات لاحقًا، فإن تصدير الذهب لم يتوقف. بل على العكس:

في عام 2024، سجّل السودان إنتاجًا بلغ 64 طنًا من الذهب، صدّر منها أكثر من 31 طنًا رسميًا إلى الإمارات، بعائدات تجاوزت 1.9 مليار دولار بحسب الشركة السودانية للموارد المعدنية.

تقديرات غير رسمية تشير إلى أن نسبة الذهب المُهرّب تتراوح بين 50% إلى 80% من إجمالي الإنتاج، ما يعني أن كميات ضخمة عبرت إلى دبي دون أن تمر عبر القنوات الرسمية.

هذا الذهب لا يخدم الخزينة العامة، بل يذهب إلى جيوب قادة في الجيش، وشركات خاضعة لجهاز الأمن، وأفراد من عائلة البرهان نفسه، وعلى رأسهم شقيقه حسن البرهان.

 

شركات الكيزان في قلب المشهد

* القرارات الإماراتية، خصوصًا ما يتعلق بالطيران، تستهدف بشكل غير مباشر شركات الطيران المرتبطة بمنظومة النظام البائد:

تاركو للطيران

بدر للطيران

وهما شركتان تعتبران واجهات مالية وأمنية لقادة في الحركة الإسلامية وجهاز الأمن، وتستفيدان من الوضع الحربي والاحتكار في رحلات بورتسودان لنقل الأموال والذهب والبضائع بأسعار مضاعفة.

 

قرار هيئة موانئ أبوظبي:

الإمارات عبر هيئة موانئ أبوظبي، أوقفت فعليًا:

كل أنشطة الاستيراد والتصدير مع السودان.

شحن الذهب والبضائع من موانئ الدولة.

التعامل مع بورتسودان كميناء معترف به في منظومة التبادل التجاري البحري.

 

هذا القرار يعني إغلاق أكبر منفذ كانت تستخدمه شركات الجيش والأمن وواجهة الكيزان لتصدير الذهب، وغسل الأموال، وتمرير البضائع والوقود والعتاد

 

إقرار جبريل: لا خيار إلا الإمارات

في تأكيد ضمني على كل ما يُقال، صرّح في وقت سابق وزير المالية د. جبريل إبراهيم علنًا، أن السودان يواصل تصدير الذهب إلى الإمارات رغم قطع العلاقات، موضحًا:

 

“80% من إنتاج الذهب في السودان يتبع للقطاع الخاص، والسوق الإماراتي هو الوحيد الذي يوفّر الدفع المقدم وضمانات للمصدرين، ولا توجد بدائل قريبة”.

 

هذا التصريح يكشف أن الإمارات لا تزال المنفذ الأساسي لتجارة الذهب السوداني، رغم الحرب، ورغم القطيعة الرسمية، ما يعكس هشاشة الدولة السودانية أمام نفوذ منظومة مصالح الأمن والجيش.

 

يرى مراقبون أن قرار الإمارات إيقاف حركة التجارة والطيران نحو السودان:

إما جاء للضغط على السلطات العسكرية السودانية لوقف الحرب التي طالت.

أو هو رسالة مباشرة بتجفيف مصادر تمويل المنظومة الكيزانية داخل الجيش وجهاز الأمن، لا سيما وأن الذهب يذهب لتمويل استمرار الحرب وسحق المسار المدني.

 

بعض التقارير الغربية ألمحت إلى أن أبوظبي بدأت تراجع موقفها من دعم أطراف داخل الحرب السودانية، وأنها تُدرك حجم التورط في تسهيل غسيل أموال ونهب موارد بلد على حافة الانهيار.

 

قرارات الإمارات الأخيرة ليست مجرد قرارات لوجستية أو إدارية، بل تحمل أبعادًا سياسية استراتيجية، وقد تكون بداية لمواجهة حقيقية ضد منظومة الجيش-الأمن – الكيزان التي اختطفت السودان، واستغلت الإمارات بوابة لتمويل حربها وتجفيف موارد شعبها.

 

ومع إقرار وزير المالية بأن الإمارات لا تزال الوجهة الوحيدة الممكنة لتصدير الذهب، تتأكد الحاجة إلى تحقيق دولي شفاف حول تجارة الذهب السوداني، وأين تذهب عائداته، ومن هم المستفيدون الحقيقيون منها.

 

صلاح أحمد

 

 

شارك هذا الموضوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى