مطار الخرطوم بعد الحرب هل يكفي الترميم أم يحتاج إلى رؤية جديدة

مطار الخرطوم بعد الحرب هل يكفي الترميم أم يحتاج إلى رؤية جديدة
متابعات – السلطة نت
بقلم: إبراهيم عدلان
في مقاله «مطار الخرطوم بعد الحرب… بناء جديد أم إعادة إعمار؟»، يدافع الأخ سامي الأمين عن خيار إعادة إعمار المطار في موقعه الحالي، مستندًا إلى قربه من وسط المدينة، وانخفاض تكلفته، وسرعة إعادة تشغيله. وهي حجة وجيهة من حيث الظرف الراهن، لكنها تتجاهل أبعادًا حاسمة تتعلق بالأمن، التخطيط العمراني، التنمية بعيدة المدى، والربط مع المشروعات القومية.
هذا المقال لا ينكر وجاهة إعادة التأهيل المؤقت، لكنه يدعو لتفكير أوسع:
هل نبني للمستقبل، أم نعيد إنتاج الماضي في عباءة جديدة
مقارنة بين موقعي مطار الخرطوم: الحالي مقابل المقترح الجديد (مثل الصالحة)
1. الموقع الجغرافي
• المطار الحالي:
يقع وسط العاصمة الخرطوم، ويجاور الوزارات، الشركات، السفارات، والمناطق السكنية الكبرى.
ميزة: قرب فوري من مراكز النشاط الإداري.
عائق: ازدحام مزمن وتضييق على التوسع المستقبلي.
الموقع الجديد (الصالحة مثلًا):
في منطقة مفتوحة جنوب غرب العاصمة.
ميزة: يتيح تصميمًا حرًا وبنية تحتية متكاملة.
عائق: بعد نسبي، يتطلب بنية جديدة.
2. سهولة الوصول
المطار الحالي:
شبكة طرق جاهزة (شارع أفريقيا – عبيد ختم – كبري القوات المسلحة).
سهولة لحظية – زمن وصول قصير.
الموقع الجديد:
يحتاج إلى طرق وكباري ومحطات مواصلات جديدة.
يتطلب استثمارًا إضافيًا في البنية التحتية.
3. الأمن والحماية
المطار الحالي:
قريب من القوات النظامية لكنه مكشوف وسط أحياء سكنية.
عرضة للاختراق، ومحدودية في فرض الحرم الأمني.
• الموقع الجديد:
تصميم أمني محيط بمحيط منفصل.
سهولة في إقامة منظومة حماية متكاملة.
4 التوسع المستقبلي
المطار الحالي:
محاط بأحياء مكتظة – توسع محدود إن لم يكن مستحيلًا.
الموقع الجديد:
قابل للتوسع الأفقي والعمودي دون عوائق.
5. التأثير البيئي والصحي
• المطار الحالي:
ضوضاء وتلوث على سكان المناطق المجاورة (الصحافة – جبرة – الأزهري).
• الموقع الجديد:
تقليل الأثر البيئي على السكان – مجال مفتوح لتطبيق معايير “المطار الأخضر”.
6. فرص الأنشطة غير الطيرانية
• المطار الحالي:
مساحة محدودة لا تسمح بقيام منطقة تجارية أو لوجستية كبيرة.
• الموقع الجديد:
يمكن تحويله إلى “مدينة مطارية” تشمل تجارة، تدريب، مناطق شحن، وفنادق.
7. الربط مع الخطط القومية
• المطار الحالي:
يصعب ربطه مستقبلاً بسكك حديد، قطار سريع، أو منطقة حرة لوجستية.
• الموقع الجديد:
فرصة لدمجه ضمن خطة عمرانية كبرى: طريق دائري، مناطق صناعية، ربط سككي.
8. الكلفة والسرعة
• المطار الحالي:
أقل تكلفة مبدئية
أسرع في إعادة التشغيل
محدود في الاستدامة
• الموقع الجديد:
أعلى تكلفة
أطول زمنًا للبناء
استثمار بعيد المدى وبنية تحتية قابلة للتطور
خيار إضافي مطروح: مقايضة استراتيجية بين مطاري وادي سيدنا ومروي
في مقال سابق، طرحنا خيارًا بديلًا أكثر واقعية وذكاءً، وهو مقايضة المطارات عبر:
تحويل مطار وادي سيدنا العسكري إلى مطار مدني دولي عصري،
وتحويل مطار مروي إلى مطار عسكري متكامل.
✦ لماذا مطار وادي سيدنا؟
• يتمتع بموقع استراتيجي شمال العاصمة قريب من الطريق القومي وسكة الحديد.
• تتوفر فيه مساحات واسعة للتوسعة والبناء.
• يتمتع بأرض صلبة، وقابلية تطوير بنية تحتية سريعة.
• يمكن ربطه بسهولة بشبكات الكهرباء، الاتصالات، والمواصلات.
✦ وماذا عن مطار مروي؟
• منشأة مدنية بنيت بتجهيزات عالية الجودة.
• بعيدة عن الكتل السكنية – مناسبة للمهام الجوية القتالية والتدريبية.
• تملك مدرجًا جاهزًا ومنشآت مؤهلة للتحويل إلى قاعدة عمليات عسكرية.
هذه المقايضة تحقق:
• توفير تكلفة بناء مطار جديد بالكامل.
• استغلال أصول قائمة بكفاءة.
• تعزيز السلامة الجوية عبر فصل العسكري عن المدني.
الخلاصة: لا ترميم فقط… بل رؤية مرحلية واستراتيجية
السودان في حاجة إلى:
• حل إسعافي مؤقت بإعادة تشغيل مطار الخرطوم الحالي.
• مشروع جاد لمطار المستقبل، سواء في الصالحة، وادي سيدنا، أو موقع بديل مدروس.
سطح المخروط (Conical Surface):
وفق المعايير الدولية للطيران المدني، يجب أن يكون للمطار “سطح مخروطي” خالٍ من العوائق يتيح صعودًا آمنًا للطائرات في حالات الإقلاع والهبوط، وهذا لم يعد متاحًا في موقع الخرطوم الحالي بسبب التمدد العمراني العشوائي.
• غياب “Clear Way” شمال المطار:
الناحية الشمالية لا توفر فضاءً مفتوحًا للطوارئ أو مسار هروب آمن للطائرات، مما يزيد من المخاطر التشغيلية، خصوصًا في الأحوال الجوية المعقدة أو الأعطال الفنية.
شارك هذا الموضوع