مقالات

الاتحاد الأفريقي يرفض شرعية الحكم – فهل الاعتراف برئيس الوزراء مجرد مجاملة ؟

لطالما أن الاتحاد الأفريقي يرى أن نظام الحكم في السودان غير دستوري، إذًا ما هي قيمة الاعتراف برئيس مجلس الوزراء

متابعات -السلطة نت

صباح محمد الحسن

مساعي فاشلة!!

طيف أول: من الذي منح الانتظار وهمًا وقال للمواقيت كوني أنتِ الأمنية.

وباءت خطة السلطة الإنقلابية بالفشل أمس ، حيث عملت جاهدة لاستعادة مقعدالسودان بالاتحاد الأفريقي عبر “لوبي” من الشخصيات الأفريقية البارزة والمؤثرة، ولكن لم يتحقق المسعى.

والاتحاد الأفريقي لن يخرج من دائرة الحل الدولي وخارطته المطروحة للحل، فمنذ أن سُمي منبر جدة بـ”اتفاق جدة”، كان الاتحاد ولا يزال جزءًا من عملية الحل السياسي. ولأنه لم يحدث تغيير، فورقة الحل بجدة، هي ذاتها ورقة المنامة، ومن ثم جنيف، إلى أن استقرت على الطاولة الأمريكية بالبيت الأبيض، فكل الجهود الدولية تصب في تنفيذ الخطة نفسها، بغض النظر عن المنبر والدولة.

 

ولهذا رهن الاتحاد استعادة مقعد السودان بالاتحاد الأفريقي باستعادة الحكم المدني، ولكن بعد خطوات البرهان بتشكيل حكومة مدنية، ظنت السلطة الانقلابية أن اتصالاتها ولقاءاتها المكثفة يمكن أن توصلها إلى الهدف، لذلك علّقت آمالها على جلسة كذبت عندما قالت إنها طارئة وخاصة بالسودان. فالجلسة لم تكن طارئة؛ فالاجتماع الطارئ كان في يوم الثلاثاء الماضي ٢٩ يوليو، والتأم بخصوص إعلان حكومة تأسيس.

 

أما اجتماع الأمس، فيأتي ضمن أجندة المجلس لشهر أغسطس، الذي يحتوي على تسع جلسات، منها اثنتان تتعلقان بالأوضاع في السودان وجنوب السودان، حتى أن هناك زيارة للمجلس إلى جوبا في (١٠ إلى ١٢ أغسطس). لذلك فإن جلسة الأمس لم تأتِ بجديد، فرفض المجلس لحكومة تأسيس تم في الجلسة الفائتة، واعترافه بكامل إدريس أيضًا تم من قبل، وكذلك إدانته لكل الجرائم، ومطالبته بالمحاسبة، ورفضه للتدخل في الشأن السوداني، والحفاظ على مبدأ السيادة الوطنية.

لكن لماذا عوّلت الحكومة على الجلسة بالرغم من أنها روتينية؟ ولماذا روّج إعلامها أنها طارئة وخاصة!!

فالمجلس موقفه محسوم من عدم إعادة المقعد، ولكن الأمل بالعودة وعلو سقف التوقعات هو ماوعدها به “اللوبي الأفريقي”. فهل تعرضت الحكومة لخدعة سياسية؟ فالمصادر أكدت أن كل المساعي والجهود التي بُذلت خلف الكواليس لتمرير ورقة القبول لإقناع المجلس باستعادة المقعد فشلت، وعارضتها دول عديدة بالاتحاد. لذلك جاءت توصيات الجلسة مكررة، وليست في صالح الحكومة، حيث حرص المجلس على تأكيد الفقرة “5” في بيانه السابق، الذي وصفناه بالاعتراف المؤقت بمجلس السيادة والحكومة الانتقالية المدنية المُشكلة.

 

فالفقرة قالت إنه اعتراف (إلى حين التوصل إلى ترتيبات توافقية تستجيب لتطلعات الشعب السوداني من أجل العودة إلى النظام الدستوري). أكدها المجلس أمس بقوله: (ندعو إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية في السودان، وتقديم المساعدات الإنسانية، وإطلاق حوار سياسي شامل يمهِّد لاستعادة النظام الدستوري في السودان).

ومن قبل تحدثنا عن أن ترحيب الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بكامل إدريس لا يتعدى التعبير عن مشاعر “المجاملة”. فبالأمس، وبالرغم من أن المجلس قال: (نرحب بتعيين كامل إدريس رئيسًا للوزراء بصفته المدنية)، إلا أنه قال: لابد من إطلاق حوار شامل لاستعادة النظام الدستوري، ما يعني أن رئيس الوزراء المُرحب به يمثل نظام حكم غير دستوري، إذًا ما قيمة هذا الترحيب والاعتراف؟

وبهذا تفشل خطة الحكومة في العودة إلى حضن الاتحاد الأفريقي، بالرغم من استخدام كافة علاقاتها، الأمر الذي جعلها تصاب بخيبة أمل كبيرة في عدم الحصول على المكانة الأفريقية التي كانت تعطيها الشعور بالوجود أفريقيًا، تعويضًا لعزلة المجتمع الدولي الذي جعلها تقف في نطاق محلي ضيق. والنتائج غير المربحة للحكومة في جلسة مجلس الأمن لا تنفصل عن خطة الخناق الدولية التي تمنح سلطة البرهان مساحة للتحرك فقط من بورتسودان إلى دنقلا. فحتى زيارة كامل إدريس إلى القاهرة أُلغيت بصورة مفاجئة، بالرغم من حماس رئيس مجلس الوزراء للزيارة باعتبارها أول زيارة له خارج السودان، ولكن باغته التأجيل!! وبالرغم من أن مثل هذه الزيارات لا تشكل لإدريس إضافة، مثلما لم تُضف للبرهان من قبل، إلا أن تأجيلها يُعد (عزلة فوق عزلة)، لسلطة بدأت الآن تعاني من حالة تصدّع واضح، تحت ظل غيمة سوداء تغطي سماء حكومة “الألم” سياسيًا واقتصاديًا، وحتى على المستوى العسكري. فيبدو أن الخلافات الآن أصبحت غير قابلة للنكران؛ فغياب عدد من القيادات العسكرية عن منصة التصريحات، وتراجع الحكومة عن خطة إعمار الخرطوم بعد أن دُقت طبول العودة، وعاد المواطنون، جاء قرار الفريق جابر ليلغي خطة الإعمار، وكأن الحكومة أعدت مصيدة للمواطن من جديد ، كل هذا يؤكد أن هناك واقع جديد ربما يسبق الحلول الخارجية!!

 

طيف أخير:

#لا_للحرب

على العموم، فالسفر عند مني أركو مناوي هو الوسيلة الوحيدة للتعبير عن وجود خلافات؛ فعندما عيّنه البشير في منصب كبير مساعديه، وشعر أنه مهمّش، سافر ولم يعد.

 

غمضُ العين عن شرّ ضلالٌ *** وغضّ الطرف عن جورٍ غباءُ

 

 

شارك هذا الموضوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى